أوّل الكلام آخره:
- أطلقت كوريا الشمالية صواريخ باليستية في مناسبتين مختلفتين الأسبوع الماضي، مواصلة بذلك زعزعة استقرار شمال شرق آسيا.
- يواصل كيم جونغ أون تركيزه على تكنولوجيا الأسلحة وتحديث جيش البلاد، بمعزل عن معاناة السكان المعيشية.
- يقدر الخبراء أن كوريا الشمالية تعمل على تطوير صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت قادر على المناورة ويزود بيونغ يانغ بقدرات هجومية كبيرة.
- فشل التواصل الدبلوماسي بين إدارة ترامب وكيم جونغ أون في عامي 2018 و2019 في التوصل إلى أي اتفاق، أما استراتيجية إدارة بايدن للتعامل مع كوريا الشمالية فلا تزال غامضة.
اختفت كوريا الشمالية (جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية أو كوريا الديمقراطية) بقيادة كيم جونغ أون من عناوين الأخبار، في الصحف الغربية على الأقل. ومع ذلك، فإن الخطر الذي تمثله على الاستقرار الإقليمي والعالمي لا يزال قائما. فقد أطلقت كوريا الشمالية صواريخ باليستية في مناسبتين مختلفتين الأسبوع الماضي، مواصلة بذلك زعزعة استقرار شمال شرق آسيا. وقد أعربت كل من كوريا الجنوبية واليابان عن قلقهما الشديد بشأن تجارب الأسلحة، التي وصفتها سيول بأنها «تهديد كبير، ليس فقط لشبه الجزيرة الكورية، ولكن أيضًا للسلم والأمن الدوليين». وحثت الصين على توخي الحذر، محذرة الدول الإقليمية من المبالغة في ردات الفعل. واجتمع مجلس الأمن لمناقشة الوضع. وتحظر قرارات مجلس الأمن جميع تجارب الصواريخ الباليستية والتجارب النووية التي تجريها كوريا الديمقراطية كما أنها تفرض عقوبات تتعلق مباشرة ببرنامج بيونغ يانغ النووي. وبحسب بعض التقارير، فقد ضغطت الصين وروسيا على مجلس الأمن لتخفيف بعض العقوبات من أجل مساعدة اقتصاد كوريا الشمالية المتعثر.
وتواصل كوريا الشمالية معاناتها من نقص الغذاء، ويعتقد العديد من الخبراء أن البلاد قد فتك بها الكوفيد-19 على الرغم من الطبيعة المعزولة للنظام، على أنه ما من تفاصيل وافية حول عدد الحالات أو حالات دخول المستشفى أو الوفيات، إذ لم تبلغ كوريا الشمالية عن أي حالة إصابة بفيروس كورونا ورفضت قبول ملايين اللقاحات التي قدمت لها. وفي خطاب نهاية العام الذي ألقاه كيم جونغ أون أمام حزب العمال في كوريا الشمالية، وعد الزعيم الكوري بمعالجة النقص المزمن في الغذاء من خلال زيادة الإنتاج الزراعي في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة، على أنه لم يقدم مخططًا واضحًا حول كيفية تحقيق ذلك. وتعطي القيادة الأولوية لبقاء النظام قبل كل شيء، لكن نقص الغذاء (إلى حد المجاعة أحيانا) هو المؤشر الأكثر وضوحًا على فشل الدولة، وهو ما ابتليت به البلاد أيضًا خلال حكم كيم جونغ إيل، والد كيم جونغ أون وسلفه. فقد عانت البلاد من مجاعة مدمرة في أواخر التسعينيات، حيث تشير بعض التقديرات إلى وفاة 3.5 مليون شخص خلال هذه الفترة. لكن كيم جونغ أون يواصل تركيزه على تكنولوجيا الأسلحة وتحديث جيش البلاد، بمعزل عن معاناة السكان المعيشية.
يقدر الخبراء أن كوريا الشمالية تعمل على تطوير صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت قادر على المناورة ويزود بيونغ يانغ بقدرات هجومية كبيرة. وفي العام الماضي، تفاخر كيم جونغ أون بالصواريخ النووية المتعددة الرؤوس والغواصة الكورية التي تعمل بالطاقة النووية، وفي أيلول (سبتمبر) 2021، أجرى اختبارًا على صاروخ Hwasong-8، المزود برأس حربي لمركبة انزلاقية تفوق سرعتها سرعة الصوت. ومن المعلوم أنه يصعب اعتراض الصواريخ التي تستخدم الوقود الصلب والقادرة على أداء المناورات في الجو. ولا تعزز التجارب الأخيرة قدرة كوريا الشمالية على شن الحرب فحسب، بل إنها تثير أيضًا المخاوف بشأن احتمال ارتباط البلاد بشبكة أسلحة عالمية غير مشروعة. وتحتفظ كوريا الشمالية بمجموعة كبيرة من الشركات الوهمية في الخارج التي تشارك في غسيل الأموال وتحاول بانتظام إخفاء هويات سفن تهريب البضائع. وقد كثف المتسللون الكوريون الشماليون جهودهم لغسل الأموال من خلال العملات المشفرة والرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs).
وقد فشل التواصل الدبلوماسي بين إدارة ترامب وكيم جونغ أون، بما في ذلك المحادثات في 2018 و2019، في التوصل إلى أي اتفاق. أما استراتيجية إدارة بايدن للتعامل مع كوريا الشمالية فلا تزال غامضة. ويُعتقد أن الصين هي الدولة الوحيدة القادرة على التأثير على كوريا الديمقراطية، بوصفها جارتها القوية التي لا تتوقف عن تقديم المساعدات الاقتصادية لها لمنعها من الانهيار. ولا تزال كوريا الشمالية خاضعة للعقوبات بسبب برنامجها النووي، وقد تقلص اقتصادها بنسبة 4.5 % إضافية في عام 2020، ويرجع ذلك جزئيًا إلى استمرار انتشار الوباء، وهشاشة اقتصادها أصلا، وعزلتها الشديدة، فضلا عن العقوبات المفروضة عليها. وعند الحديث عن الصراع أو المنافسة بين القوى العظمى، يتركز النقاش بشكل أساسي على الولايات المتحدة والصين وروسيا، ولكن سعي كوريا الشمالية للتحديث العسكري هو إشارة واضحة على أنها ترغب في أن ينظر إليها بوصفها جزءا من هذا الصراع، إلى الحد الذي باتت فيه هويتها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بترسانتها من الأسلحة التي لا تنفك تتوسع.