أوّل الكلام آخره:
- تتزايد المخاوف من أن تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان قد يوجه أنظاره إلى أهداف خارج أفغانستان، ويعمد إلى شن هجمات في جميع أنحاء المنطقة أو ربما في الغرب.
- إن تجنيد أعضاء قوات الأمن السابقين المحبطين، إلى جانب الجهاديين المتشددين المفرج عنهم من السجون، يعيد إلى الذاكرة النمط الذي ظهر في العراق خلال فترة بروز تنظيم داعش.
- أسفرت غارة أمريكية خاطئة بطائرة بدون طيار في 29 آب (أغسطس) في أفغانستان عن مقتل عشرة مدنيين، من بينهم سبعة أطفال، وهو ما يختصر التحديات والمخاطر التي تنطوي عليها عمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان وفق نهج «عبر الآفاق» الذي تتبناه الإدارة الأمريكية.
- يبقى أن نرى كيف ستتعامل دول المنطقة مع التهديد المتنامي لتنظيم الدولة الإسلامية في خراسان، على أن إيران والصين وروسيا مهتمة جميعا بالتهديد الناشئ.
مع استمرار تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان في شن تمرد دموي ضد حكومة طالبان الفعلية في أفغانستان، تتزايد المخاوف من أن يكون التنظيم قد وضع نصب عينيه أهدافًا في أماكن أخرى في المنطقة، أو ربما في الغرب. وفي جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ في أواخر تشرين الأول (أكتوبر)، اقترح وكيل وزارة الدفاع للسياسات كولن كال أن داعش قد يطور القدرة على شن هجمات خارجية في غضون الأشهر الستة إلى الاثني عشر القادمة. وقد أدى الانسحاب الأمريكي من أفغانستان إلى سلسلة من الأحداث أدت إلى إخلاء كارثي وعشوائي وإلى استيلاء طالبان على البلاد. وفي خضم الإخلاء الفوضوي، شن تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان هجومًا مدمرًا على مطار حامد كرزاي الدولي أسفر عن مقتل 13 جنديًا أمريكيًا وما لا يقل عن 170 مدنيًّا أفغانيًّا. وقد زوّد الهجوم تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان بزخم كبير في إطار تنافسه المتصاعد مع طالبان. وقد أسفر هجوم تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان الأسبوع الماضي على مستشفى عسكري في كابول عن سقوط العديد من الضحايا. وكان من بينهم بحسب التقارير الواردة القائد العسكري لطالبان في كابول، مولوي حمد الله مخلص، وهو أحد القادة البارزين في شبكة حقاني، وحاكم الظل السابق لمقاطعتي باكتيكا وخوست، وقائد لواء «313 بدريًّا» وهو وحدة القوات الخاصة التابعة لطالبان.
وتشير بعض التقارير الأخيرة إلى أن أعضاء سابقين في قوات الدفاع والأمن الوطنية الأفغانية ينضمون إلى داعش، إما للانتقام من طالبان أو ببساطة لكسب المال من أجل البقاء. ويعيد تجنيد أعضاء قوات الأمن السابقين المحبطين، إلى جانب الجهاديين المتشددين المفرج عنهم من السجون، إلى الذاكرة النمط الذي ظهر في العراق خلال فترة بروز تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. زد على ذلك تاريخا طويلا من الانشقاقات ونقل البنادق في الحروب الأهلية وحركات التمرد في أفغانستان، والتي يعود تاريخها إلى الجهاد ضد السوفييت الذي بدأ في عام 1979 أي منذ أكثر من أربعة عقود. وممّا يثير القلق أيضا أن يتمكن تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان من تجنيد المزيد من الجهاديين الباكستانيين بنجاح، ولذلك يقال إن المخابرات الداخلية تعمل من خلال وزير داخلية طالبان، سراج حقاني، للتوسط بين تحريك طالبان (المعروف أيضًا باسم طالبان الباكستانية) والدولة الباكستانية للوصول إلى اتفاق أو تفاهم بين الطرفين.
وإذا استمر تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان في تنمية صفوفه مع تحسين قدراته التشغيلية والتنظيمية، فقد يشكل تهديدًا مباشرًا للمنطقة المحيطة والغرب. ولمواجهة هذا التهديد، روّجت الولايات المتحدة لفعالية ما يُعرف بنهج مكافحة الإرهاب «عبر الآفاق»، وهذا يعني استهداف الإرهابيين والمتمردين من خلال الاعتماد على المعلومات الاستخباراتية التي تقود العمليات التي تعني، في حالة تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان على الأقل، إلى ضربات الطائرات بدون طيار. ومع الغياب العسكري الأمريكي على الأرض، سيصبح تجنيد مصادر بشرية أصعب، مما يفرض اعتمادًا أكبر على معلومات الإشارات. وقد أسفرت غارة خاطئة بطائرة بدون طيار في 29 أغسطس / آب 2021، ردا على هجوم تنظيم الدولة على المطار قبل أيام من ذلك، عن مقتل عشرة مدنيين، بينهم سبعة أطفال. وهذه الكارثة تختصر التحديات والمخاطر المتوقعة لعمليات مكافحة الإرهاب الأمريكية ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان.
ويبقى أن نرى كيف ستتعامل دول المنطقة مع التهديد المتنامي لتنظيم الدولة. وتتمثل إحدى ركائز استراتيجية التنظيم، المرتبطة مباشرة بأهدافها المتمثلة في نشر الدعاية والاستقطاب وتجنيد الأعضاء الجدد، في شن هجمات طائفية وحشية. وقد استهدف تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان مرارًا وتكرارًا مجتمعات الهزارة الشيعية، وإذا استمر هذا الاتجاه، فقد يجر هذا إيران إلى الصراع من خلال لواء فاطميون، وهو ميليشيا مدربة إيرانيًا تتألف من الهزارة الأفغان ذوي الخبرة القتالية التي نالوها في سوريا. وتشعر الصين وروسيا بالقلق أيضًا من نمو تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان، فضلاً عن نمو الجماعات الأخرى مثل القاعدة، ولا سيما مع استمرار الجماعات الجهادية في تجنيد الأويغور والشيشان في صفوفها. وقد اتفقت الصين مؤخرًا مع طاجكستان على إنشاء قاعدة عسكرية صينية، وهو مؤشر واضح على أن بكين قلقة من نمو التطرف في مختلف أنحاء آسيا الوسطى. وفي حين أن روسيا لا تزال قلقة أيضًا بشأن إعادة إحياء الجماعات الجهادية في المنطقة، فقد تكون معنيّة أكثر بالحد من الحضور العسكري الأمريكي، ولذلك فيمكن أن تسعى موسكو إلى إعاقة واشنطن في مساعيها لإنشاء قاعدة عسكرية في طاجكستان أو أوزبكستان.