أوّل الكلام آخره:
- تنظيم كيو تنظيم يميني متطرف، وهو اليوم يروّج لمجموعة من نظريات المؤامرة غير المترابطة، وأغلبها من نظريات المؤامرة المعادية للسامية، بأن عصابة من منتسبي «الدولة العميقة» تسعى إلى الإطاحة بالرئيس ترامب.
- قام عدد من الأفراد الذين ينسبون أنفسهم إلى تنظيم كيو بأعمال عنف تكريما لما يسمى بعلامة كيو «َQ».
- أقسم مايكل فلين (وهو موظف حكومي سابق) مع عدد آخر من مؤيدي تنظيم كيو في العلن يمينا أشبه بالعهد أو الميثاق، تعهّدوا فيه بمحاربة الأعداء في الداخل والخارج على حد سواء.
- بين أرقام استطلاعات الرأي التي تظهر تراجع حظوظ الرئيس ترامب الانتخابية، وجهوده الرامية إلى زرع الريبة في العملية الانتخابية برمّتها، تتجهّز الأرضية المناسبة لإكساب العنف الانتخابي المرتبط بـتنظيم كيو زخما كبيرا.
إن تنظيم كيو حركة يمينية متطرفة تمزج وتبتكر وتغير وتختار ما يناسبها من «نظريات مؤامرة» تتلاءم مع سرديّة صاعدة مفادها أن «الدولة العميقة» التي يقودها أشخاص من المعتدين جنسيا على الأطفال، تسعى للإطاحة بالرئيس دونالد ترامب. لا تزال هوية التنظيم مجهولة، ولكن أولئك الذين ينشرون باسمه يريدون بشدة أن يصدق مؤيدوه أن شخصا لديه خلفية استخباراتية عسكرية عميقة يكشف اليوم أسرار «الدولة العميقة». وفي 28 تشرين الأول / أكتوبر 2017، ظهر المنشور الأول المنسوب إلى تنظيم كيو على منصّة 4Chan، ومن ثم ركزت المشاركات التي نشرت بعدها على الأنشطة المفترضة والاعتقالات المستقبلية ولوائح الاتهام لهيلاري كلينتون وجون بوديستا وهوما عابدين. وقد تكرّس عالم كيو في ظلّ التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، ومؤامرة «بيتزاغيت»، وموقع ويكيليكس الذي نشر 7500 بريد إلكتروني ينتمي إلى هيلاري كلينتون قبل فترة الانتخابات الرئاسية. على أن ما ينشر باسم تنظيم كيو (أو ما يعرف بـ Qdrops) لا يحمل جديدا في العادة، فهو إعادة صياغة لبعض الكليشهات المعادية لليهود، ومنها ما يروّج له من أن جورج سوروس وعائلة روتشيلد ليسوا إلا عبدة للشيطان وهم يتحكّمون بالعالم كما لو كان دمية في أيديهم في سبيل إنشاء نظام عالمي جديد. وتروج الجماعات المتطرفة المناوئة للدولة وجماعات العنصريين البيض العديد من هذه المؤامرات، الأمر الذي قد يؤدي إلى مزيد من الامتزاج بين هذه الحركات والأيديولوجيات، ويشمل ذلك حركة «بوغالو بويز»، التي تشكل تهديدا إرهابيا محليا متزايدا.
وبدت آخر مؤامرة لـتنظيم كيو صدى لقضية «بيتزاغيت». وفي تموز / يوليو 2020، عمل تنظيم كيو على نشر نظرية مؤامرة مفادها أن متاجر شركة ويفير لبيع المفروشات بالتجزئة عبر الإنترنت تشارك في الاتجار الجنسي بالأطفال على نطاق واسع، على الرغم من غياب الأدلة. وقد أسهمت الثرثرة المحيطة بقضية «بيتزاغيت» في دفع رجل مسلح من ولاية كارولينا الشمالية إلى إطلاق النار من سلاحه في مطعم بيتزا مقره العاصمة واشنطن اعتقادا منه أن الأطفال محتجزون في الداخل. وقد دفعت نظريات المؤامرة التي روّج لها ـتنظيم كيو مؤيدي هذا التنظيم إلى تنفيذ أعمال عنف في الماضي، ولذلك فإن نظرية ويفير الجديدة مثيرة للقلق، خاصة مع نمو مجتمع تنظيم كيو وانضمام أعضاء جدد إليه. وفي الآونة الأخيرة، في 2 تموز / يوليو، عبرت أعمال العنف التي يقوم بها مؤيدو تنظيم كيو الحدود إلى كندا وذلك عندما قام كوري هورين، المؤمن بمؤامرات كيو، بتحطيم شاحنته بالقرب من عقار لرئيس الوزراء جاستن ترودو. وكان هورين لحظة اعتقاله، يحمل أربعة أسلحة، ومنها سلاحان هجوميان. وبين أعضاء تنظيم كيو من هم مفتونون بثقافة السلاح، حيث يقصد الكثير منهم منصّة 4Chan /k/ للانغماس في النقاشات المتعلقة بالأسلحة.
وفي الآونة الأخيرة، بدأ مؤيدو تنظيم كيو بأداء «قسم العهد»، لإثبات التزامهم بالتنظيم المتنامي. ومن المفارقات أن القسم شبيه بالقسم الذي يؤديه الموظف الحكومي في مؤسسة الأمن القومي عند استلامه العمل. وفى القسم تعهد مؤيدو كيو بحماية الولايات المتحدة من الأعداء المحليين والأجانب. وبطبيعة الحال، فإن هذا ليس تكتيكا جديدا، ومثل المبادرات الأخرى ذات الصلة بـهذا التنظيم، يتكيف القسم ليشمل شعار الحركة «حيثما نذهب فرادى، نذهب جميعا». وقد أدت بعض الشخصيات البارزة مثل الموظف الحكومي السابق مايكل فلين، الذي يزعم أنه لا يزال مقربا من الرئيس ترامب، القسم، وألهموا بذلك آلافا أخرى للتعهد بولائهم لتنظيم كيو. كما ترشح العديد من مؤيدي تنظيم كيو ولا يزالون للكونغرس. ولعلّ السؤال الخطير اليوم يتعلّق باحتمال انتقال بعض أولئك الذين تعهّدوا أن يصبحوا «محاربين رقميين» إلى العمل على أرض الواقع خارج الفضاء الافتراضي وذلك مع تراجع حظوظ الرئيس ترامب في إعادة انتخابه. ويبرز قلق آخر وهو أنه حتى لو خسر الرئيس ترامب في الانتخابات القادمة، فقد يبقى تنظيم كيو وتبقى النظريات التي روّج لها، وقد تزرع هوسا دائما يستتبع حوادث من العنف والفوضى تغذيها نظريات جديدة قديمة على الدوام.
في عام 2019،أي في الوقت الذي بدت فيه إعادة انتخاب ترامب أكثر احتمالا، اعتبر مكتب فينيكس الميداني التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي أن تنظيم كيو يشكل تهديدا إرهابيا محليا. وخلال الفترة التي انتشر فيها وباء كورونا، حيث توترت العلاقات العرقية بشكل هائل وانتشر التضليل في كل مكان، لا يمكن استبعاد إمكانية أن يقوم تنظيم كيو بأعمال عنف متعلقة بالانتخابات، وهذا ما سيحدث على الأغلب. ويعتقد الأشخاص المؤمنون بتنظيم كيو، وخاصة أولئك الذين يسترشدون من منصّة 4Chan /k/ أو من ثرثرة فلين أو من أحدث تكهنات كيو الكاذبة، أن «الدولة العميقة» تتآمر للإطاحة بترامب بشكل غير قانوني بأي وسيلة ضرورية. وعندما قام الصحفي كريس والاس في شبكة فوكس نيوز بتوجيه سؤال للرئيس ترامب أمس عما إذا كان على استعداد لإعلان أنه سيقبل نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020، أجاب «يجب أن أرى. لن أكتفي بقول نعم». وقد تحفز خسارة ترامب في تشرين الثاني / نوفمبر، أتباع كيو على القيام بأعمال عنف. كما أن أي هجوم مسلح أو هجوم بالسيارات في وقت مبكر في يوم الانتخابات ضد الأشخاص الذين يصطفون للإدلاء بأصواتهم، وخاصة في المناطق الحضرية التي يرجّح أن تدعم جو بايدن، قد يؤدي إلى ضعف الإقبال الشعبي أو نشر الاضطرابات. كما أن سرديات ما بعد الانتخابات في المناطق التي يخسر فيها ترامب الهيئة الانتخابية قد تعجل أيضا بالإرهاب المرتبط بـتنظيم كيو. ومن خلال القول بأن التصويت عن طريق البريد الإلكتروني سيؤدي إلى الاحتيال والتزوير، أعطى الرئيس ترامب الضوء الأخضر لأتباع كيو لتوجيه ضربة ضد «الدولة العميقة» فيما يمكن أن يمثل أكثر الانتخابات الأمريكية اضطرابا وتقلبا في الذاكرة الحديثة.