أوّل الكلام آخره:
- يعتقد معظم المحللين أنه ما لم يُتوصّل قريبًا إلى وقف لإطلاق النار واتفاق سلام لاحق، فإن الحرب الروسية في أوكرانيا قد تتحول إلى حرب في مواجهة تمرد طويل ودام.
- إذا انتقل الصراع إلى حالة تمرد، فإن الأوكرانيين في وضع جيد للقتال، بالنظر إلى معرفتهم بالتضاريس المحلية، وتدفق الدعم الشعبي، ووفرة خطوط الإمداد بالأسلحة المتطورة من الدول الغربية.
- يمكن للوحدات شبه العسكرية التابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية وقوات العمليات الخاصة الأمريكية أن تدعم التمرد الأوكراني دون الحاجة إلى العمل من الأراضي الأوكرانية، إذ يمكنها أن تعمل بدلًا من ذلك من بولندا أو من دول الناتو الأخرى في أوروبا الشرقية.
- على أنه في حالة نشوء تمرد كامل، يمكن لروسيا نشر مرتزقة من مجموعة فاغنر في أوكرانيا أو في أي مكان آخر لارتكاب هجمات إرهابية على الأراضي الأوروبية.
بينما يواصل الجيش الروسي تقدمه نحو العاصمة الأوكرانية كييف، يتراجع الجيش الأوكراني وجحافل المقاتلين المتطوعين إلى مواقع دفاعية. وقد فرضت القوات الروسية حصارًا على مدن مختلفة في أوكرانيا، وقصفت أهدافًا مدنية ونفذت قصفًا عشوائيًا دون أن تلتفت إلى الأضرار الجانبية أو المواقع المحمية بموجب القانون الإنساني الدولي. ومع ذلك، فقد رد الأوكرانيون ببسالة، ولا يُعتقد أن هذا الصراع سينتهي في أي وقت قريب، بل على العكس من ذلك، يعتقد معظم المحللين أنه ما لم يُتوصّل قريبًا إلى وقف لإطلاق النار واتفاق سلام لاحق، فإن الصراع سيتحول إلى تمرد طويل ودام. وبالنظر إلى الضراوة التي يقاتل بها الأوكرانيون، فمن الواضح أن السكان لن يقبلوا حكومة دمية ينصبها الكرملين.
وإذا وصل الصراع إلى طريق مسدود وانتقل إلى تمرد شامل، فإن الأوكرانيين في وضع جيد للقتال، نظرًا لمعرفتهم بتضاريس الوطن، وتدفق الدعم الشعبي، ووفرة خطوط الإمداد من الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي التي يمكن أن تمر عبرها مضادات الدبابات المتطورة وغيرها من الأسلحة. ومن الأهمية بمكان أن تواصل الدول الغربية إغراق أوكرانيا بالأسلحة، بما في ذلك أنظمة الصواريخ أرض-جو، والأنظمة الجوية بدون طيار، وأنظمة الحرب الإلكترونية وأنظمة الدفاع الإلكتروني، وكذلك المدفعية والأسلحة الصغيرة والذخيرة، وأي مواد أخرى يحتاجها الأوكرانيون لمواجهة خصومهم. وفي تاريخ حالات المقاومة المسلحة كان تقديم الدعم الملموس، بما في ذلك الدعم بالأسلحة واللوجستيات والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، ضروريا وحاسما لنجاح التمرد أو إطالة أمده. وفي الحالة الأوكرانية، سيكون هذا الدعم على مستوى عالمي، توفّره بعض الجيوش الأكثر تقدمًا على مستوى العالم. على أن تصريحات الغرب التي تؤكد على نية الدفاع عن أراضي الناتو دون الانخراط في القتال في أوكرانيا يجب أن تصحب بتحذير روسيا من مغبة ارتكابها جرائم حرب أو استخدامها الأسلحة الكيماوية.
ونظرًا إلى أن أوكرانيا تقع على حدود بولندا، وهي دولة تابعة لحلف شمال الأطلسي، فإن امتلاك ملاذ آمن يمكن من خلاله إنشاء خطوط إمداد وخطوط اتصال يعد ميزة هائلة. ويمكن للوحدات شبه العسكرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وقوات العمليات الخاصة الأمريكية أن تدعم التمرد الأوكراني دون الحاجة إلى العمل المباشر على الأراضي الأوكرانية، إذ يمكنها بدلًا من ذلك العمل من بولندا أو من دول الناتو الأخرى في أوروبا الشرقية. وسيكون استمرار الدعم لعمليات المعلومات الأوكرانية أمرًا ضروريًا. وقد عانى الجيش الروسي بالفعل من خسائر كبيرة وفقًا لأكثر التقديرات موثوقية، مع تقديرات متحفظة تشير إلى خسارة 6000 جندي. كما أن معنويات الجيش الروسي منخفضة بشكل لا يصدق، إذ لم يُعلم كثير من الجنود بأنهم سيخوضون الحرب، بل قيل لهم إنهم سينتشرون في إطار تدريبات عسكرية. وقد نصب الأوكرانيون كمائن للدبابات الروسية، بينما قامت طائرات بيرقدار التركية المسيّرة بدون طيار بمطاردة القوافل الروسية من السماء.
على أن المقاتلين والمتطوعين الأجانب من الخارج سيعقدون الوضع، خاصة إذا ارتكب هؤلاء فظائع أو جرائم حرب في إطار عملية التمرد. وعلاوة على ذلك، فإن المرتزقة الروس – بما في ذلك مجموعة فاجنر، وأيضًا بعض المقاتلين المحتملين من الشرق الأوسط وأفريقيا الذين يُزعم أن بوتين يسعى إلى تجنيدهم – سيجعلون الصراع المعقد بالفعل أكثر تعقيدًا. ويتزايد قلق البعض داخل حكومة الولايات المتحدة من أن روسيا قد تحاول استخدام أسلحة كيميائية أو تفتعل حادثًا ما في محطة نووية أوكرانية. وبمرور الوقت، خاصة مع اشتداد حدة النزاعات، يمكن أن تجتذب الفوضى جهات فاعلة عنيفة من غير الدول ومتطرفين آخرين. وعلى الرغم من أنه من غير المرجّح أن يرى بعض الجهاديين المناهضين لروسيا في الشرق الأوسط أو القوقاز أو آسيا الوسطى فرصة في الصراع الدائر لقتل الجنود الروس، إلا أن ذلك ليس من قبيل المستحيلات. ويمكن أيضًا في حالة حدوث تمرد كامل أن تنشر روسيا بعض عملائها السريين لارتكاب هجمات إرهابية على الأراضي الأوروبية، مما يجعل القتال مباشرة في قلب الناتو. وقد أظهرت روسيا في السابق عدم تورّعها عن قتل المنشقين في المملكة المتحدة وألمانيا، واستخدمت في سبيل ذلك الأسلحة الكيميائية مثل نوفيتشوك، وسلوكها في أوكرانيا حتى الآن – كما هو الحال في سوريا – لا يشير إلى أي اعتبار لحماية أرواح المدنيين أو البنية التحتية.