أوّل الكلام آخره:
- أعلنت الولايات المتحدة عن سحب قوات لها من أفغانستان، وعن خططها لخفض قواتها إلى 2500 جندي بحلول أوائل عام 2021.
- لا تزال العلاقة بين حركة طالبان والقاعدة وثيقة، ويتوقع معظم المراقبين أن تتوثق العلاقة أكثر بعد انسحاب الولايات المتحدة، مما يثير مخاوف من الانسحاب المتسرع.
- يستمر القتال حتى في ظل استمرار المفاوضات، فقد شنت حركة طالبان 13000 هجوم في جميع أنحاء أفغانستان منذ شباط / فبراير من هذا العام.
- تصور حركة طالبان إعلان خفض عدد القوات الأمريكية تأكيدا لسرديّتها التي تدعي فيها النصر على الولايات المتحدة.
خلال الأسبوع الماضي، أعلن كريستوفر ميلر وزير الدفاع عن عزم الولايات المتحدة تقليص عدد قواتها في أفغانستان إلى 2500 جندي في أوائل كانون الثاني / يناير، أي قبل أن يتولى الرئيس المنتخب جو بايدن منصبه. وقبل أسبوع، طرد الرئيس ترامب وزير الدفاع السابق مارك إسبر من خلال تغريدة على تويتر في 9 تشرين الثاني / نوفمبر. وقد ترددت شائعات قوية عن أن السبب يعود إلى معارضة اسبر لانسحاب القوات وذلك بعد مشاورة كبار المسؤولين العسكريين. ويُزعم أن موقفه القوي قد أثار غضب الرئيس ترامب، الذي شرع في عملية تطهير واسعة في البنتاغون منذ خسارته الانتخابات الرئاسية. وقد أعلن عن الانسحاب في الوقت الذي تبدو فيه المفاوضات بين حركة طالبان الأفغانية والحكومة الأفغانية عالقة. غير أن معظم المحللين يتوقعون أن تكون نتيجة المفاوضات ترتيبا يقضي بتقاسم السلطة عبر إشراك طالبان بالحكم مباشرة. وكان وزير الخارجية مايك بومبيو قد وصل مؤخرا إلى العاصمة القطرية الدوحة في محاولة لكسر الجمود الحالي في المفاوضات السياسية.
غير أن قلة فقط تتعتقد أن طالبان ستقطع علاقاتها رسميا مع تنظيم القاعدة. ووفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة، فإن بين طالبان والقاعدة تعاونا وثيقا، ويتوقع معظم المراقبين أن تتعزز هذه العلاقات بانسحاب القوات الأمريكية. وتعد أفغانستان واحدة من عدة دول تأمل القاعدة تحقيق عودة كبيرة فيها، حتى في الوقت الذي لا تزال الجماعة تتعامل فيه مع الخسائر الأخيرة التي لحقت بقيادتها العليا. وفضلا عن المئات من مقاتلي القاعدة الذين لا يزالون في أفغانستان، يحتفظ تنظيم ولاية خراسان التابع لتنظيم داعش أيضا بحضور ملحوظ في البلاد. وقد شن التنظيم عدة هجمات كبيرة داخل أفغانستان خلال العام الماضي، بما في ذلك هجومه على قسم الأمومة في مستشفى في كابول في منتصف أيار / مايو، فضلا عن قصف جامعة كابول في أوائل تشرين الثاني / نوفمبر. وبالأمس فقط، تبين أن تنظيم ولاية خراسان التابع لتنظيم داعش كان وراء سلسلة من الهجمات بالقنابل على جانب الطريق استهدفت الشيعة الأفغان في باميان، في دليل آخر على هيمنة الطائفية على جزء كبير من أجندة الجماعة في البلاد.
ورغم استمرار المفاوضات بين الأطراف الأفغانية، فلا يزال القتال مستمرا في جميع أنحاء البلاد. وقد ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن طالبان شنت أكثر من 13000 هجوم فى جميع أنحاء أفغانستان منذ شباط / فبراير من هذا العام. ويواصل مقاتلو طالبان شن هجماتهم فى قندهار وآخرها هجوم وقع فى وقت سابق من هذا الأسبوع وعملت قوات الامن الافغانية على صده. كما جرت محاولات للاستيلاء على الأراضي في ولاية هلمند، حيث سيطر مقاتلو طالبان على الطرق السريعة واعتمدوا أسلوب الكر والفر في هجماتهم، وقاموا باغتيالات ممنهجة، كما نصبوا كمائن مميتة. وتقوم القوات الأمريكية بتدريب القوات الأفغانية وتقديم المشورة لها، فضلا عن دعمها جوّا. ولكن القوات الأفغانية تشكو من ضعف كفاءة جنودها ونقص حماسهم. وستتصدر مسألة التعامل مع أفغانستان قائمة أولويات إدارة بايدن القادمة وستدرج هذه الأولوية مع مجموعة من التحديات الأخرى في السياسة الخارجية، بما في ذلك كيفية التعامل مع القوى المنافسة العظمى مثل الصين وروسيا. كما ستسعى القوى الإقليمية، بما في ذلك باكستان وإيران والصين وروسيا، إلى ملء الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب التدريجي لقوات الولايات المتحدة، إذ تسعى كل منها إلى تحقيق مصالحها في أفغانستان بكل قواها.
تصور حركة طالبان إعلان خفض عدد القوات الأمريكية تأكيدا لسرديّتها التي تدعي فيها النصر على الولايات المتحدة. وعلى الرغم من حضور الولايات المتحدة في أفغانستان منذ أواخر عام 2001، إلا أن الإعلان الأخير عن سحب بعض القوات قد يكون إعلانا متسرعا، وليس انعكاسا لحقائق تمليها ساحة المعركة. وقد وصف الجنرال المتقاعد في مشاة البحرية جون ألين إعلان الانسحاب بأنه يحمل دوافع سياسية، وهو تقويم وافقه عليه الكثيرون في مجتمع الأمن القومي الأميركي. وقد أكد ألين على أن القرار لم يُظهر أي فوائد تكتيكية أو عملانية أو استراتيجية للولايات المتحدة وحلفائها. وتبرز مخاوف متزايدة من أن الانسحاب السريع من أفغانستان قد يستعيد مشاهد سايغون، حيث حُفرت صور المروحيات العسكرية الأمريكية وهي تغادر فيتنام في أذهان الشعب الأمريكي إلى الأبد، وقد استخدمتها الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام المعروفة بـ«فيت كونغ» في دعايتها. ويشير البعض إلى أن انسحاب الولايات المتحدة من العراق عام 2011 تلته سلسلة من الأحداث أدت إلى بروز تنظيم داعش. فهل يكون لقرار الانسحاب من أفغانستان تداعيات أشبه بتساقط أحجار الدومينو؟