أوّل الكلام آخره:
- بعد ظهر يوم السبت، شن متطرف يبلغ من العمر 18 عامًا هجومًا إرهابيًا عنصريا في بوفالو بنيويورك، استهدف عمدًا أمريكيين أفارقة وقتل عشرة أشخاص قبل اعتقاله.
- في حين أن الكثير من الخطاب العنصري موجه ضد الأمريكيين الأفارقة، فإن جزءًا كبيرًا منه يصبّ أيضا في خانة معاداة السامية، ويشهد على ذلك استمرار التداول ببعض الاستعارات المبتذلة عن الشعب اليهودي باعتباره عصابة مسيطرة على العالم.
- أشار بيان المهاجم إلى نظرية «الاستبدال العظيم»، والتي تدور على أن سياسات الهجرة المتبعة تسعى إلى الاستبدال بالسكان البيض سكانا غير بيض على نحو متعمد.
- وصف الرئيس بايدن هجوم بوفالو بأنه «جريمة كراهية بدوافع عنصرية» و«عمل إرهابي محلي» يُرتكب باسم «أيديولوجية قومية بيضاء بغيضة».
بعد ظهر يوم السبت، شن متطرف يبلغ من العمر 18 عامًا هجومًا إرهابيًا عنصريا في بوفالو بنيويورك، مما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص قبل اعتقاله. ويقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي في بوفالو بالتحقيق في الهجوم باعتباره جريمة كراهية وعلى وجه التحديد بوصفه حالة من التطرف العنيف بدوافع عنصرية. وكان المهاجم قد أطلق النار على ثلاثة عشر أمريكيا منهم أحد عشر من أصل أفريقي. وخلّف الجاني وراءه بيانًا مطولًا ومفصلًا يحدد نظرته للعالم ويشيد بالمتطرفين اليمينيين الآخرين. وقد اختار الإرهابي موقعًا محددًا لمتجر بقالة في حي بوفالو تقطنه أغلبية من الأمريكيين الأفارقة. وقد قاد الإرهابي مركبته لساعات ليهاجم على وجه التحديد هدفًا معيّنا بدوافع عنصرية واضحة، والهجوم على هذا يشبه الهجوم المروع في إل باسو بتكساس في آب (أغسطس) 2019، حين قتل متعصب أبيض 23 شخصًا وجرح العشرات. وقد اعترف مهاجم بوفالو في بيانه أنه بسبب «الملل» في وقت مبكر من الوباء، أمضى فترات طويلة على الإنترنت وأن تطرفه جاء مع متابعة مواقع من بينها موقع 4chan. وسيُقال الكثير في الأيام المقبلة عن أن المهاجم يصنف في خانة «الذئاب المنفردة»، ولكن الحقيقة تبقى أن مهاجم بوفالو خرج من بيئة يمينية متطرفة تواصل توسعها على الإنترنت.
يعيد البيان إعادة سرد العديد من نظريات المؤامرة التي دفعت ديلان روف، الإرهابي المسؤول عن مذبحة وقعت بحق أمريكيين من أصل أفريقي في كنيسة في تشارلستون بولاية ساوث كارولينا في حزيران (يونيو) 2015. وفي حين أن الكثير من الخطاب العنصري موجه ضد الأمريكيين الأفارقة، فإن جزءًا كبيرًا منه يصبّ أيضا في خانة معاداة السامية، ويشهد على ذلك استمرار التداول ببعض الاستعارات المبتذلة عن الشعب اليهودي باعتباره عصابة مسيطرة على العالم ومسؤولة عن الهجرة والتعددية الثقافية و«المؤامرات» الأخرى. وبهذا المعنى، فالتلاقي جليّ مع النظرة العالمية لمطلق النار في كنيس بيتسبرغ روبرت باورز، الذي قتل أحد عشر من المصلين الأبرياء في تشرين الأول (أكتوبر) 2018. وفي بيان مهاجم بوفالو، والذي سُرق الكثير منه مباشرة من بيان برينتون تارانت، الإرهابي المسؤول عن هجوم مسجد كرايستشيرش بنيوزيلندا في آذار (مارس) 2019، إعجاب بالمتطرفين اليمينيين البارزين الآخرين. وكثيرًا ما يتعلم المتطرفون اليمينيون من هجمات الإرهابيين الآخرين، وفي نواحٍ عديدة، يحاولون الارتقاء بعملياتهم من الناحية التدميرية و«الجمالية». أما البيانات التي تُخلّف، والتي يمكن أن تبقى إلى الأبد على الإنترنت، فهي تشكّل في كثير من الأحيان مصدر إلهام للمتطرفين اليمينيين الآخرين الذين يسعون إلى تنفيذ هجماتهم بأنفسهم.
وفي قلب العديد من البيانات المتطرفة نقع على نظرية «الاستبدال العظيم»، والتي تدور على أن سياسات الهجرة المتبعة تسعى إلى الاستبدال بالسكان البيض سكانا غير بيض على نحو متعمد، بما في ذلك الأمريكيون من أصل أفريقي واللاتينيون، الذين كثيرا ما ينعتون بـ «الغزاة». وبالنسبة لبعض المتعصبين من البيض الأوروبيين، ينبع التهديد الأساسي من «أسلمة» أوروبا، أو ما أطلق عليه مهاجم أوسلو أندرس بريفيك «أورابيا». ولم ينحصر مفهوم «الاستبدال العظيم» في الزوايا المظلمة للإنترنت فقط، بل إنه كثيرا ما يستخدم في البرامج الإخبارية على القنوات التلفزيونية الرئيسية، بما في ذلك قناة فوكس، حيث يركز تاكر كارلسون كثيرا على معدلات الولادة بين المهاجرين. وقد أشار بيان مهاجم بافلو إلى «الإبادة الجماعية للبيض» مسوغا لأفعاله.
وقد وصف الرئيس بايدن هجوم بوفالو بأنه «جريمة كراهية بدوافع عنصرية» و«عمل إرهابي محلي» يُرتكب باسم «أيديولوجية قومية بيضاء بغيضة». وقد استنسخت بعض جوانب الهجوم، بما في ذلك عنصر البث المباشر على Twitch، والكتابات العنصرية على السلاح الناري المستخدم، من هجمات أخرى تحمل دافعا «تسريعيا» مماثلا، وإخراجا مشابها. وقد بث الجاني هجومه على موقع Twitch مباشرة، ثم حُذف الفيديو بسرعة، ولكن سرعان ما ظهر مرة أخرى وأعيد توزيعه ونشره في الدوائر المتطرفة عبر الإنترنت. وكان مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي قد حذر مرارًا وتكرارًا من التهديد المتزايد الذي يشكله المتطرفون الذين يحملون دوافع عرقية أو إثنية أو يمينية متطرفة أخرى، بما في ذلك المتطرفون المناهضون للدولة. وبعد أكثر من عامين من عمليات الإغلاق والقيود المرتبطة بالوباء، يشعر المسؤولون الأمنيون بقلق مشروع بشأن احتمال حدوث موجة من التطرف العنيف، مع خروج الأفراد الذين تطرفوا عبر الإنترنت أثناء فترة الوباء والعزلة المفروضة بسببه لتنفيذ هجمات إرهابية جديدة.