أوّل الكلام آخره:
- أصبح الاختطاف الجماعي للطلاب وإطلاق سراحهم أمرا «طبيعيا» في شمال غرب نيجيريا في ظل تزايد معدلات الجريمة.
- تبرز مخاوف من اندماج محتمل بين فصائل بوكو حرام وجماعات قطاع الطرق على نحو قد يؤثر في تكتيكاتها وأهدافها.
- تستهدف فصائل بوكو حرام عمال الإغاثة والقساوسة المسيحيين وتشكل جزءا من محور متعاظم يربط الجريمة بالإرهاب في شمال غرب نيجيريا.
- يمكن للإيرادات المكتسبة من خلال الربط بين الجريمة والإرهاب أن تموّل المشاريع الطامحة لبناء الدولة لدى الجماعات الإرهابية العاملة في المنطقة.
في الثاني من آذار / مارس، أطلق قطاع الطرق في ولاية زامفارا في شمال غرب نيجيريا أكثر من 300 فتاة من الحجز، وذلك بعد اختطافهن من مدرسة قبل حوالي أسبوع. وجاء هذا الإفراج بعد أيام فقط من اختطاف عشرات الركاب على الطرق في ولاية النيجر القريبة وإطلاق سراحهم بعد أسبوع من الاحتجاز، وفي أعقاب نشر قطاع الطرق لفيديو أثبت للسلطات أن الرهائن ما زالوا على قيد الحياة. إن عمليتي الإفراج المذكورتين يشبهان العملية الأكثر شهرة دوليا في كانون الأول / ديسمبر 2020 حين اختطف قطاع الطرق في كانكارا، في ولاية كاتسينا، المجاورة لزامفارا، المئات من الأولاد من مدرستهم ثم أطلقوا سراحهم بعد أسبوع. وكان الاختطاف الذي وقع في كانكارا جديرا بالملاحظة لأنه أكد أن قطاع الطرق المسؤولين عن الحدث على اتصال مع بوكو حرام التي تبنّى زعيمها أبو بكر شيكاو الاختطاف في شريط فيديو تناصف فيه الشاشة مع صور تلاميذ المدارس المختطفين. وعادة ما ينكر المسؤولون النيجيريون دفع الفدية بعد أخذ الرهائن، لكن الصحفيين الاستقصائيين عادة ما يجدون أن التنازلات المقدمة إلى قطاع الطرق تنطوي على دفع فدية. وهكذا كرّس قطاع الطرق في شمال غرب نيجيريا سابقة حيث تؤدي عمليات الاختطاف الجماعي إلى تلقي الفدية عند إطلاق سراح الرهائن.
ومؤخرا، تحول احتجاز الرهائن إلى عمل مربح لقطاع الطرق، الذين أصبحوا يعتمدون على تكتيكات الاختطاف من أجل الفدية التي تستخدمها أيضا الجماعات الإرهابية في المنطقة. وفي الوقت نفسه، لاحظ رجل الدين النيجيري أحمد غومي، الذي يتفاوض مع قطاع الطرق، فضلا عن مراقبين آخرين، أن قطاع الطرق يتظلّمون من فشل الحكومة في توفير المدارس والبنية التحتية في مجتمعاتهم. كما يهاجم قطاع الطرق، ومعظمهم من الفولانيين، الحكومة النيجيرية لفشلها في حمايتهم من المجموعات العرقية الأخرى في نزاعات الأراضي والماشية، وهذه المظالم تجد لها صدى عند السكان المحليين. ولا ينبغي التقليل من شأن قطاع الطرق، فهم عندما لا تلبى مطالبهم، يقومون بمعاملة ضحاياهم بوحشية. ومؤخرا، أصبحت عمليات الاختطاف روتينية وطبيعية لدرجة أنها نادرا ما عادت تتصدر عناوين الصحف، بما في ذلك عملية اختطاف زامفارا الأخيرة، وذلك بخلاف اهتمام وسائل الإعلام البالغ عندما ترتكب المجموعات الإرهابية مثل هذه الأعمال.
ولم تطوّر عصابات قطاع الطرق أي مشروع لبناء الدولة، وذلك بخلاف فصيل شيكاو في بوكو حرام ومنافسه تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية غرب إفريقيا التابع لداعش، اللذين قد شرعا بالفعل في العمل على هذا في شمال شرق نيجيريا. ولكن تبرز مخاوف جدية من محاولة فصائل بوكو حرام وتنظيم الدولة وفصيل الأنصار الموالي للقاعدة مد الجسور مع جماعات قطاع الطرق على نحو قد يدفعها إلى تبنّي مشاريع سياسية أوسع نطاقا. وهذا ينبغي أن يدفع نحو اتخاذ إجراءات وقائية مبكرة لمكافحة التطرف العنيف فيما هذه المجموعات المسلحة لا تزال في مراحل التكوين. وإذا بات للجهاديين المسلحين موطئ قدم في شمال غرب البلاد، فإن الفئات المستهدفة بالخطف قد تتغير. فعلى سبيل المثال، بعد نزاع على القيادة داخل تنظيم الدولة الإسلامية عام 2019، بدأ التنظيم بخطف عمّال الإغاثة، بما في ذلك ما جرى في الأسبوع الماضي بعد الهجوم على قاعدة عسكرية في دكوا كانت تستضيف بعضهم. ولا تزال التفاصيل غير واضحة، ولكن يبدو أن سبعة على الأقل من عمّال الإغاثة هم اليوم في عداد القتلى أو الأسرى لدى التنظيم. وعلى نحو مماثل، استهدفت فصائل بوكو حرام مرارا عمال الإغاثة والقساوسة المسيحيين، وبعض هؤلاء أطلق سراحه لقاء فدية كبيرة، وبعضهم أعدم.
وتبرز انقسامات عميقة بين الحكومات وداخلها بشأن كيفية حماية قوافل المساعدات الإنسانية في خضم سياقات مكافحة الإرهاب. وتسلط هذه الحوادث مزيدا من الضوء على الحاجة إلى فهم أثر العقوبات وتدابير مكافحة الإرهاب على جماعات الإغاثة التي ما فتئت تشدد على أن مثل هذه التدابير تضر بنزاهتها وتقصر عملياتها على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. وأشار بعضها إلى الأثر المروع المتمثل في أن خطر العقوبات قد يجبر منظمات المعونة على الحد من مساعداتها أو إعادة النظر فيها. ومن المرجح أن تؤدي هذه الاتجاهات إلى تفاقم التوترات حول هذه القضايا، بالنظر إلى أن الأمم المتحدة قد صنفت بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية في ولاية غرب إفريقيا (التابع لداعش) على لائحة الإرهاب.
وقد قام تنظيم بوكو حرام، وفصيل الأنصار الموالي لتنظيم القاعدة، وبدرجة أقل تنظيم الدولة التابع لداعش، ببعض الاتصالات بقطاع الطرق، على الرغم من أن هذه الأخيرة تستطيع العمل بشكل مستقل. ولكن احتمال وقوع تنسيق أوثق كبير. وعلاوة على ذلك، فإن احتمال تقاسم الموارد المالية وغيرها من الموارد بين فصائل بوكو حرام وقطاع الطرق وتدريب الأولى للأخيرة يمثل تهديدا خطيرا. وفي حين أن قطاع الطرق والجهاديين المسلحين استهدفوا جميعا المسافرين المحليين والطلاب والأعيان المحليين، فإن تنظيم بوكو حرام وتنظيم الدولة يزيدان على لائحة المستهدفين لديهما «المتعاونين» المحليين مع منظمات الإغاثة «الأجنبية»، وكذلك المسيحيين. كما أنهما نفذا مشاريع ترتبط بتشكيل الدولة. إن المبادرات الأخيرة التي قام بها رجال الدين المسلمون مثل أحمد غومي لفهم شكاوى قطاع الطرق ومعالجتها وإيجاد حلول غير عسكرية وتنموية تمثل أسبابا للتفاؤل. ومع ذلك، فإن الإرادة السياسية ضئيلة بشكل عام، ولا تزال مهمة غومي لتقصي الحقائق وجهود الوساطة مع قطاع الطرق في مهدها. وإذا استمرت الاتجاهات الحالية وتزايد انتشار أعمال قطاع الطرق، فقد يفتح ذلك فرصا لبوكو حرام وتنظيم الدولة وتنظيم الأنصار لزيادة نفوذها في الشمال الغربي. ويمكن للإيرادات المكتسبة من خلال الربط بين الجريمة والإرهاب أن تموّل المشاريع الطامحة لبناء الدولة لدى الجماعات الإرهابية العاملة في المنطقة.