أوّل الكلام آخره:
- أدلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي بشهادته أمس أمام الكونغرس، قائلا إنه يعتقد أن حصار مبنى الكابيتول الأمريكي يشكل عملا من أعمال الإرهاب الداخلي.
- من بين مختلف الجهات المنظمة التي شاركت في اقتحام الكابيتول فإن نصيب الأسد كان من حصة الميليشيات المتطرفة العنيفة.
- على مدى العامين الماضيين، زاد عدد التحقيقات الداخلية المتعلقة بالإرهاب التي يجريها مكتب التحقيقات الفيدرالي من 850 تحقيقا إلى حوالي 2000 تحقيق.
- أثيرت مسألة الحاجة إلى قانون داخلي للإرهاب في الولايات المتحدة عدة مرات، وأشار المدير راي إلى القضية على أنها نقاش يستحق المتابعة.
أدلى مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي بشهادته أمس أمام اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأمريكي في جلسة استماع بعنوان «رؤية مكتب التحقيقات الفيدرالي: تمرد 6 كانون الثاني / يناير والإرهاب الداخلي والتهديدات الأخرى». وخلال شهادته، قال راي إنه يعتقد أن حصار الكابيتول لم يكن سلوكا إجراميا فحسب، بل شكل إرهابا محليا. وتابع قائلا إن التمرد سيكون بمثابة مصدر إلهام للهجمات المستقبلية، إذ يعد في الأوساط المتطرفة العنيفة نجاحا كبيرا. ومن الأمور الرئيسة التي برزت في جلسة الاستماع أن التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية، ولا سيما تطرف الجماعات العنصرية البيضاء العنيفة، لا يزال يشكل أكبر تهديد إرهابي تواجهه الولايات المتحدة. وأشار راي إلى أن جماعات العنصريين البيض، على وجه الخصوص، «تشكل أكبر شريحة من المجموعات الإرهابية المحلية لدينا». وعند الضغط عليه للإجابة عما يحتاجه مكتب التحقيقات الفيدرالي لمكافحة التهديد المتزايد، ردّ بأن المكتب سيستفيد من زيادة عدد العملاء والمحققين والمحللين ومن المزيد من تحليلات البيانات.
وكان رد راي على عدد من أسئلة المشرعين الجمهوريين حول دور حركة أنتيفا في اقتحام مبنى الكابيتول الأمريكي هو تكرار قوله إننا «لم نر حتى اليوم أي دليل على وجود متطرفين عنيفين فوضويين أو أشخاص منتمين إلى حركة أنتيفا في تمرد 6 كانون الثاني / يناير». في المقابل دار نقاش مقتضب حول مجموعات مثل «المحافظين على العهد» و«الثلاثة بالمئة» وهي من الميليشيات المعروفة التي ثبتت مشاركتها في اقتحام الكابيتول يوم الهجوم. وأضاف راي إنه من بين مختلف الجهات المنظمة التي شاركت في اقتحام الكابيتول فإن نصيب الأسد كان من حصة الميليشيات المتطرفة العنيفة. فأغلب الأفراد كانوا ينتمون إلى شبكات وجماعات نسقت فيما بينها استعدادا لهجوم الكابيتول. ولوحظ غياب أي مناقشة جدية لدور تنظيم كيو عن جلسة الاستماع، على الرغم من أن مشاركة أنصاره في هجوم الكابيتول موثّقة.
وعندما أدلي راي بشهادته أمام الكونغرس في آذار / مارس 2019، كان قد أشار إلى أن عدد التحقيقات المحلية في الإرهاب في مكتب التحقيقات الفيدرالي كان حوالي 850 تحقيقا. أما عام 2021، فقد زاد هذا العدد بشكل كبير إلى ما يقارب 2000 تحقيق في 55 من أصل 56 مكتبا ميدانيا لمكتب التحقيقات الفيدرالي. وفي تفصيل هوية الأفراد الذين شاركوا في أحداث الكابيتول يوم الهجوم، شبههم راي بالهرم المقلوب، فالمتظاهرون السلميون شكلوا الجزء الأكبر من المتورطين. أما الفئة التالية فقد ضمت الأشخاص الذين انخرطوا في الاحتجاج من خلال أعمال التعدي البسيطة على بعض الممتلكات. وأخيرا، كانت المجموعة الثالثة، وهي الأكثر تهديدا، تضم الأشخاص الذين اخترقوا أرض الكابيتول وشاركوا في أعمال العنف. ومن المهم أن هذه المجموعة الثالثة قد وصلت إلى المشهد ومعها العدة المناسبة والعزم الأكيد على ارتكاب بعض الأعمال الإرهابية، فالاعتداء لم يكن ابن الساعة. وقد انعكس ذلك بشكل صارخ في صور المتسللين وهم يحملون ـ«أربطة سلكية» أو يهددون المشرعين، وفي القنابل التي زرعت أمام مكاتب الديمقراطيين.
ومن الجوانب الأخرى للتهديد الإرهابي الداخلي اليوم ظاهرة «الفاعلين المنفردين»، سواء منهم أولئك المحليون الذين تلهمهم الدعاية الجهادية، أو أولئك المتطرفون العنصريون. وعلى الرغم من أن القضية لم تأخذ حيزا كبيرا من أسئلة المشرعين، إلا أن المدير راي ارتأى ضرورة إدراج الطبيعة الدائمة للتهديد الذي تشكله مجموعات مثل القاعدة وداعش في شهادته المكتوبة المفصلة. وتستمر كلتا المجموعتين في السعي لمهاجمة أراضي الولايات المتحدة مباشرة، في حين تستخدم أيضا الدعاية لإلهام الأفراد المحليين على تنفيذ عمليات هجوم على الولايات المتحدة. كما أكد المدير راي على التهديد الذي تشكله شبكة التهديدات الإيرانية، وأشار في شهادته المكتوبة إلى اعتقال أفراد في الولايات المتحدة قبل عدة سنوات يزعم أنهم على علاقة بحزب الله.
وبدا السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام منفتحا على إمكانية اجتراح قانون داخلي للإرهاب، وهو ما يعادل التشريع الذي تستخدمه وزارة الخارجية لتصنيف الجماعات والمنظمات على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية. وذكر راي أنه من الممكن الدخول في «نقاش معقول» حول مزايا قانون الإرهاب الداخلي، وهو موضوع أثار كثيرا من الجدل لدى مختلف الجهات المعنية بمكافحة الإرهاب ولدى الأجهزة الأمنية. وبشكل عام، لم تكن جلسة الاستماع مركزة بالشكل المطلوب، خاصة بالنظر إلى خطورة أحداث 6 كانون الثاني / يناير. وركز بعض المشرعين على تقرير كان قد صدر من مكتب نورفولك الميداني التابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي وحذر من العنف المحتمل، سعيا لفهم سبب غياب شعور أكبر بالإلحاح في التحضّر لذلك في الفترة التي سبقت التمرد. وفي المقابل، استغل آخرون وقتهم لطرح الأسئلة التي لا تتعلق إلا من وجه بعيد بيوم الهجوم، سعيا على ما يبدو إلى صرف الانتباه عن أحداث ذلك اليوم لانعكاسها السيئ على الرئيس السابق ترامب. وعلى الرغم من بروز العديد من المتطرفين من العنصريين البيض الذين يتشاركون الموارد والتقنيات مع الجهاديين ويتعلمون من أساليب الإرهاب العالمية، لم يشر إلا بإيجاز إلى التفاعل بين الإرهابيين المحليين والدوليين والصلات بينهم. إلا أنه في جلسة الاستماع، برز نقص مخيب للآمال في الاهتمام المكرس لما يعده الكثيرون في مجال مكافحة الإرهاب من بين أكثر القضايا إلحاحا، مثل تفاصيل الاستراتيجية المعدة لمواجهة تصاعد التطرف العنيف الداخلي في الولايات المتحدة.