أوّل الكلام آخره:
- أدت الأزمة الاقتصادية الحادة في سريلانكا إلى أسابيع من الاحتجاجات والمظاهرات، وظل معظمها سلميًا حتى وقت سابق من هذا الأسبوع عندما اندلعت في البلاد موجة عنف سياسي.
- يفتقر السكان إلى الوقود والغذاء والدواء، بينما ارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل فلكي، وزاد نقص الكهرباء من غضب السكان على الحكومة.
- سرعان ما انتشرت صور العنف على وسائل التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى تفاقم الوضع المتوتر.
- وبحسب بعض التقارير فقد أمر الجيش قواته بإطلاق النار على اللصوص والمخربين على مرمى البصر، مما يشير إلى أن هذا العنف العرضي من المحتمل أن يتصاعد بسرعة ويترسخ ويشكل مخاطر شديدة على الأمن البشري.
أدت الأزمة الاقتصادية الحادة في سريلانكا إلى أسابيع من الاحتجاجات والمظاهرات، وظل معظمها سلميًا حتى وقت سابق من هذا الأسبوع. وقد استقال رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا بينما تشبث شقيقه الرئيس جوتابايا راجاباكسا بالسلطة وتحدى الدعوات المطالبة باستقالته. ولم تكن استقالة رئيس الوزراء كافية لتهدئة المحتجين الذين أضرموا النيران في منزل أجداد العائلة في هامبانتوتا. وتشير التقارير الأولية إلى مقتل ثمانية أشخاص على الأقل في أعمال العنف، من بينهم عضو في البرلمان السريلانكي، وإصابة المئات. وقد دعا الأخوان راجاباكسا أنصارهما إلى استعراض للقوة في العاصمة كولومبو، حيث نزلت جحافل من الغوغاء الموالين للحكومة، والعديد منهم مسلحون بأسلحة بدائية وهراوات خشبية وقضبان معدنية، إلى الشوارع واشتبكوا مع المتظاهرين المناهضين للحكومة. وأصدر الاتحاد الأوروبي بيانا يدين «الهجمات الوحشية الأخيرة ضد المتظاهرين السلميين في كولومبو».
وقد شملت الاحتجاجات مختلف الفئات العرقية والدينية والاجتماعية في البلاد غير الراضية عن أداء الحكومة في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في سريلانكا، والتي ترجع جزئيًا إلى المستويات العالية من الفساد والديون الكبيرة التي لا تستطيع الحكومة سدادها. وكانت الصين قد مولت العديد من مشاريع البنية التحتية الكبرى، حتى عندما أقر الرئيس راجاباكسا تخفيضات ضريبية ضخمة هي الأكبر في تاريخ سريلانكا. وانضم السنهاليون البوذيون، وهم الأغلبية في هذه الدولة الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة، إلى الأقلية المسلمة والتاميل للمطالبة بإصلاحات اقتصادية. وقد استنفدت احتياطيات سريلانكا من العملات الأجنبية، ويفتقر كثير من السكان اليوم إلى الوقود والغذاء والدواء. وكانت أسعار المواد الغذائية قد تأثرت عالميا بالحرب المتواصلة في أوكرانيا. فارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل فلكي، وزاد نقص الكهرباء من تعقيد الوضع، مما اضطر المتاجر والمحلات التجارية إلى الإغلاق، في ظل عجزها عن تشغيل الأجهزة اللازمة مثل الثلاجات ومكيفات الهواء.
وردًا على أعمال العنف التي افتعلها أنصار الحكومة، أقيمت نقاط تفتيش، واعتقل الموالون للحكومة وضربوا، ودمرت كثير من الممتلكات والمركبات في جميع أنحاء المنطقة. وسرعان ما انتشرت صور أعمال العنف على وسائل التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى تفاقم الوضع المتوتر. وكثيرا ما تستخدم منصات الفايسبوك والواتسآب وغيرهما من وسائل التواصل الاجتماعي في نشر المعلومات المضللة والتحريض على العنف الطائفي والتحريض في خضم اندلاع العنف السياسي والعرقي والديني في جنوب آسيا. وقد حظرت الحكومة التجول ونشرت قواتها في جميع أنحاء البلاد لاستعادة النظام. واشتبكت العناصر الأمنية مع المتظاهرين مطلقة الأعيرة النارية، فيما هاجمت الحشود رجال الشرطة.
ونظرًا للعنف السياسي الذي يهز البلاد، تتزايد المخاوف من أن يحاول الجيش السيطرة. وقد منح الرئيس راجاباكسا بالفعل سلطات موسعة للشرطة بموجب إعلان حالة الطوارئ رسميًا. وبحسب بعض التقارير فقد أمر الجيش قواته بإطلاق النار على اللصوص والمخربين على مرمى البصر، مما يشير إلى أن هذا العنف العرضي من المحتمل أن يتصاعد بسرعة ويترسخ ويشكل مخاطر شديدة على الأمن البشري. وكانت سريلانكا قد تعرضت لهجوم إرهابي في يوم أحد عيد الفصح في نيسان (أبريل) 2019، عندما استهدف انتحاريون جهاديون مرتبطون بجماعة التوحيد الوطنية، التي كانت تدعم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، العديد من الكنائس والفنادق الفاخرة. ومن الناحية التاريخية، استمر تمرّد الجماعة الإرهابية العرقية القومية نمور التاميل نحوا من ثلاثة عقود قبل هزيمتها في عام 2009. وقد أدى تزعزع الاستقرار ووباء كوفيد-19 المتواصل إلى إضعاف صناعة السياحة في البلاد، والتي تشكل تاريخيا مصدرا قيما للعملات الأجنبية.