أوّل الكلام آخره:
- ختار النظام لائحة المرشحين للانتخابات الرئاسية في 18 حزيران / يونيو على نحو يسهل الطريق أمام المرشح المفضل للمرشد الأعلى لإيران.
- تميل الكفة لصالح رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي، وهو أيضا من يبدو أن المرشد الأعلى السيد علي خامنئي قد اختاره لخلافته.
- من المرجح أن يؤدي استبعاد معظم المرشحين المعتدلين والإصلاحيين من السباق إلى تقليل نسبة الإقبال على التصويت، مما قد يثير قضايا تتعلق بالشرعية السياسية.
- في حال فوز رئيسي، من المرجح أن لا تتغير مواقف إيران التفاوضية بشأن العودة إلى الامتثال للاتفاق النووي الإيراني المتعدد الأطراف الذي عقد عام 2015.
في أواخر أيار / مايو، أعلن مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة تفحص أوراق مرشحي الانتخابات الإيرانية، عن لائحة مختصرة للمرشحين للانتخابات الرئاسية الإيرانية التي ستجري في 18 حزيران / يونيو. ومن الجدير بالذكر أن خمسة من المرشحين السبعة الذين وافق المجلس على ترشحهم هم من المتشددين الموالين للمرشد الأعلى علي خامنئي. وقد استبعد اثنان من المتنافسين المعتدلين المهمين، منهما نائب الرئيس الحالي إسحق جهانجيري. ويرى كثير من الخبراء أن المعتدلين البارزين استبعدوا بناء على طلب من خامنئي، أو لاسترضائه، من أجل تمهيد الطريق لانتصار سهل لرئيس السلطة القضائية وحليف خامنئي، إبراهيم رئيسي.
ويبدو أن تعبيد الطريق أمام رئيسي يمثل خطة النظام في أن يكون خلفا للمرشد الأعلى البالغ من العمر 82 عاما تقريبا وقائد إيران منذ عام 1989. وقد نشأ خامنئي في مشهد، عاصمة مقاطعة خراسان، ورئيسي هو صهر رجل الدين البارز أحمد علم الهدى، إمام الجمعة في المدينة وخادم ضريح الإمام الرضا. وقد أصبح دعم خامنئي لرئيسي، وهو مدع عام سابق، واضحا عام 2016 عندما عينه المرشد الأعلى لرئاسة مؤسسة «أستان قدس رضوي» التي تحتوي على الضريح، والتي تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي ومئات المؤسسات في جميع أنحاء محافظة خراسان. وقد سعت الجماعات الإيرانية المعارضة إلى تشويه سمعة رئيسي من خلال اتهامه بالتورط في إعدام جماعي للسجناء السياسيين عام 1988، كما تظهر انتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي لما يعده البعض محسوبية في اختياره.
ومع ذلك، فإن مناورة النظام لتعبيد الطريق أمام رئيسي قد تأتي بنتائج عكسية. فهو قد خسر السباق أمام الرئيس الحالي حسن روحاني عام 2017. ومن شبه المؤكد أن خسارة أخرى ستعيق أي جهد لتأمين خلافته للمرشد الأعلى. وحتى لو فاز رئيسي، فمن المرجح أن يؤدي ما حدث من التضييق على الناخبين عبر استبعاد بعض المرشحين إلى خفض نسبة الإقبال على التصويت، وبالتالي تشويه فوزه. ومن غير المرجح أن يقترع الناخبون الإصلاحيون لأن مرشحهم الوحيد المهم، جهانجيري، استبعد من السباق. أما المرشح الإصلاحي الذي قُبل ترشحه، وهو محسن مهراليزاده الذي كان نائبا للرئيس خلال الفترة الممتدة من 2001حتى 2005، وشغل مؤخرا منصب حاكم مقاطعة أصفهان، فلا يبدو أنه يتمتع بقدر كبير من الدعم الشعبي. أما المرشح المعتدل (وإن لم يكن إصلاحيا) محافظ البنك المركزي عبد الناصر هماتي، فلا يحظى بدعم وطني يذكر. ويعتقد الخبراء أن المرشحين الأربعة الذين ترشحوا وخسروا من قبل، ومنهم المفاوض النووي السابق سيد جليلي وقائد الحرس الثوري السابق محسن رضائي، سينسحبون من السباق قبل التصويت من أجل زيادة فرص رئيسي في الفوز دون الاضطرار للقيام بجولة ثانية. على أن الجولة الثانية قد تحصل، إذا لم يحصل أحد المرشحين على نسبة تفوق الـ50 %، فعندها يتنافس المرشحان اللذان حصلا على أعلى نسبة. ومن المعروف أن النظام الإيراني يشجع الإقبال الكبير للناخبين لإظهار شعبية أيديولوجيته، ولا شك أن الإقبال المنخفض سيوفر ذخيرة سياسية لمعارضي النظام داخل إيران وخارجها.
وتقوم إدارة بايدن بتحليل الانتخابات الإيرانية القادمة من حيث تأثيرها على المحادثات الجارية في فيينا بشأن عودة الولايات المتحدة وإيران المتبادلة إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي الإيراني المتعدد الأطراف الذي عقد عام 2015. ومن غير المرجح التوصل إلى اتفاق قبل انتخابات إيران في 18 حزيران / يونيو، ولكن من المتصور أن إدارة بايدن ترغب في إكمال المحادثات قبل أن تسلّم حكومة روحاني منصبها في آب / أغسطس، انطلاقا من أنهما توصلا معا إلى الاتفاق النووي. ويرى بعض الخبراء أن نجاح حكومة من المتشددين سيزيد من مطالب إيران على طاولة المفاوضات. ولكن المرشد الأعلى في إيران كان على الدوام من يضع المعايير لمبادرات السياسة الخارجية الرئيسة، بما في ذلك الاتفاق النووي. وقد أكد خامنئي على أن إيران ستعود إلى التزاماتها بموجب الاتفاق إذا قامت الولايات المتحدة بذلك أيضا. ولا يزال التخلص من العقوبات الأمريكية يصب في مصلحة جميع الفصائل في إيران، ولم يعط رئيسي أي إشارة إلى أنه سيغير موقف إيران في فيينا تغييرا جذريا في حال انتخابه. وقد يقع اختيار رئيسي على وزير للخارجية لا تعرفه الولايات المتحدة (لا كما هو الحال اليوم مع محمد جواد ظريف)، ولكن الدوافع الأساسية لعزم إيران على التوصل إلى اتفاق مع إدارة بايدن في فيينا لن تتغير.