أوّل الكلام آخره:
- في القمة الأخيرة التي انعقدت بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ترأست الهجمات الإلكترونية وهجمات «الفدية» جدول الأعمال.
- وفقا لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي، فقد بلغت الهجمات الإلكترونية التي يشنها خصوم الولايات المتحدة حد الأزمة.
- يعتقد بعض المسؤولين الأمريكيين أن هذه الهجمات تشن بموافقة ضمنية من الدولة الروسية، إن لم يكن بدعم مباشر منها، على شرط تجنب مهاجمة الأهداف الروسية.
- أوضح بايدن لبوتين أن الهجمات ضد البنى التحتية الحيوية «تتجاوز الحدود» المقبولة وستواجه ردا إلكترونيا أمريكيا مدمرا.
ناقش الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال القمة الأخيرة في جنيف، في سويسرا، العديد من القضايا المثيرة للجدل، ومن بينها هجمات الفدية التي تشن من روسيا ضد الولايات المتحدة. ووفقا لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي، فقد بلغت الهجمات الإلكترونية من خصوم الولايات المتحدة حد الأزمة. فضلا عن أنه شبه التحدي بالهجمات الإرهابية لتنظيم القاعدة في 11 أيلول / سبتمبر 2001، وأشار إلى أن المكتب يحقق حاليا في أكثر من 100 نوع مختلف من هجمات الفدية. وفي عام 2020، عانت الولايات المتحدة من أكثر من 65.000 هجمة من هجمات الفدية، أي ما يعادل أكثر من سبع هجمات في الساعة. ولطالما كانت الدول الغربية بشكل عام، كما يتضح من الهجوم الكارثي الأخير على الخدمة الصحية الوطنية في أيرلندا، والولايات المتحدة بشكل خاص، أهدافا رئيسة للتجسس السيبراني والجرائم الإلكترونية، بما في ذلك هجمات الفدية. ولكن الهجوم الذي ضرب خطوط «كولونيال بايبلاين» الأمريكية قبل عدة أسابيع تجاوز كل الخطوط الحمراء. ويجب أن يكون ردع هجمات الفدية والحد منها أولوية لجميع الشركات والحكومات المتعددة الجنسيات، إذ ستشكل الشراكات بين القطاعين العام والخاص عنصرا رئيسا في عملية مكافحتها.
ويتضمن هجوم الفدية جهات إجرامية تدخل إلى شبكة الهدف، عادة عن طريق الحصول على بيانات الاعتماد وأذونات المشرف على الشبكة أو تسجيلات الدخول، للوصول إلى الملفات والبيانات. إن ما يعرف بخدعة «التصيد» مفهوم شائع ويزداد تطورا. وبعد الوصول إلى البيانات، ينتقل المجرمون لتشفيرها، مما يجعلها غير متاحة للشركة. وقد تكون هذه البيانات أي شيء قد يرغب الهدف في دفع فدية لفك تشفيره، من الأسرار التجارية إلى الأنظمة التي تؤثر في عمليات خط الأنابيب إلى معلومات التعريف الشخصية أو البيانات المتعلقة بالصحة. وفي الماضي، دفعت الشركات الفدية وتخطت ما حصل، وفي بعض الأحيان فعلت ذلك دون أن تكلف نفسها عناء إخطار سلطات الأجهزة الأمنية لتجنب نشر أخبار الهجوم. وغالبا ما تختلف الفدية بحسب الهدف، ولكنها عادة ما تكون مبلغا ميسور التكلفة، وانطلاقا من أضرار الهجوم وتكاليفه على عمليات الهدف، فإن الهدف يكون حاضرا لدفعه من أجل استئناف العمليات.
وفي حالة من أحدث الحالات، دفعت شركة «كولونيال بايبلاين» الأمريكية للمتسللين فدية بقيمة 4.4 مليون دولار، مع إبلاغ مكتب التحقيقات الفيدرالي. وعلى الرغم من أن الشركة قررت دفع الفدية في نفس يوم الهجوم، إلا أن العملية استغرقت ستة أيام لإعادة تشغيل عمليات خط الأنابيب. وقد تسبب هذا في نقص لمدة قصيرة في البنزين ومنتجات الوقود الأخرى على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة، مما أدى إلى حدوث نوبة من الذعر وقام المستهكلون من فرجينيا إلى فلوريدا بالتهافت على شراء المنتجات النفطية. وأدى ذلك بدوره إلى ارتفاع أسعار البنزين ونقص محلي فعلي. ويعد هذا السيناريو تذكيرا صارخا بتزايد ضعف البنى التحتية الحيوية للولايات المتحدة. ويعتقد مكتب التحقيقات الفيدرالي أن المجموعة المسؤولة عن هجوم خط الأنابيب فضلا عن تسعين هجوما آخر منذ آب / أغسطس 2020 تعمل من الأراضي الروسية، التي كانت بمثابة ملاذ للقراصنة الذين تعود أفعالهم بالنفع على الكرملين. وبعد أسابيع فقط من هجوم «كولونيال بايبلاين» ونشوء حالة طوارئ للوقود، تعرضت شركة معالجة اللحوم الضخمة JBS لهجوم من عصابة مجرمي الإنترنت الروسية الأخرى المعروفة باسم REvil. وتسبب هجوم الفدية هذا في اضطراب قصير ولكنه خطير في عمليات شركة JBS، مما أدى إلى نقص في منتجات اللحوم لتجار الجملة، مع بروز تداعيات متتالية تردد صداها في كل حلقات سلسلة إمداد الشركة.
وفي ما يظهر أنه رد غير مسبوق، على الأقل علنا، تمكن مكتب التحقيقات الفيدرالي من استرداد عدة ملايين من الدولارات من الفدية المدفوعة في هجوم خط الأنابيب. وكانت هذه الأموال بالبيتكوين، وهي عملة مشفرة لا يمكن تعقبها وغير قابلة للكسر. ومع ذلك، يبدو أن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان قادرا على تتبع هذه الأموال والاستيلاء عليها. وقد أدى ذلك إلى جعل الهجوم أقل ربحية، لكنه كشف أيضا علنا عن قدرات التعقب التي سيتكيف معها المجرمون بلا شك في المستقبل القريب. وفضلا عن ذلك فإن أغلب ضحايا هجمات الفدية لن يجدوا مكتب التحقيقات الفدرالي إلى جانبهم لمساعدتهم في استرداد الأموال المدفوعة في الفدية. ومما لا شك فيه أن مدير مكتب التحقيقات الفدرالي راي على حق في دق ناقوس الخطر ولفت الانتباه إلى هذه القضية، ولكن الحكومة الأمريكية تحتاج إلى صياغة استراتيجية قوية وأوسع نطاقا للتعامل مع التهديد، ويجب أن تتضمن الاستجابة نهجا حكوميا كاملا يضم عناصر القطاع الخاص وصناعات المرافق والمستشفيات وأنظمة الرعاية الصحية وأي كيان آخر معرض لخطر هجمات مماثلة. وقد مثلت القمة التي انعقدت هذا الأسبوع بين الرئيسين بايدن وبوتين فرصة للولايات المتحدة للتوضيح، خلال منتدى عام يحظى باهتمام وسائل الإعلام عالميا، أنها ستواجه الهجمات الموجهة ضد البنى التحتية الحيوية لبلادها بردود إلكترونية ساحقة.