أوّل الكلام آخره:
- في الوقت الذي يسعى فيه العالم جاهدا لمواجهة تداعيات وباء كورونا، يكثف تنظيم داعش بصمت هجماته في كل من العراق وسوريا.
- سمحت نقاط الضعف التي ظهرت مع انسحاب القوات الأمريكية جزئيا وإعادة تمركز قوات الأمن العراقية في المدن لمقاتلي تنظيم داعش باغتنام الفرصة لملء الفراغ.
- يتبوأ تنظيم داعش، بقوّاته المقاتلة الّتي تعدّ بالآلاف وأمواله الّتي تقدّر بملايين الدولارات، مكانة تخوله شن حركة تمرد ضعيفة المستوى في جميع أنحاء العراق وسوريا على مدار العقد المقبل بمعظمه.
- بعيدا عن الهلال الخصيب، لا تنفك فروع تنظيم داعش وعناصره والفضائيات الخاصة به تظهر وتختفي، وقد تبنت هجمات عديدة في الآونة الأخيرة في جنوب الصحراء الإفريقية وفي جنوب شرق آسيا.
في الوقت الذي يسعى فيه العالم جاهدا لمواجهة تداعيات وباء كورونا، يكثف تنظيم داعش بصمت هجماته في كل من العراق وسوريا. وتثبت هجمات تنظيم داعش في الأشهر القليلة الماضية أنه من الصعب إلحاق الهزيمة التامة به، كما أنها تظهر قدرته على الاستمرار في زعزعة استقرار المنطقة من خلال هجمات الكر والفر، ونصب الكمائن القاتلة، والتفجيرات الانتحارية. وعلى الرغم من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «هزيمة» تنظيم داعش أكثر من اثنتي عشرة مرة، إلا أنه من الواضح للمراقبين أن نهاية التنظيم ما زالت بعيدة المنال. والواقع أن الهجمات الأخيرة للتنظيم في العراق وسوريا وتوسع فروعه في الخارج تكشف عن تنظيم يمرّ في مرحلة انتقالية لا عن تنظيم يحتضر.
وفي العراق، تزداد الضغوط على التحالف الأمريكي العراقي في ظل إعادة تقويم بغداد للعلاقات الثنائية استجابة للضغوط الإيرانية. ولا يزال العراق يعاني من اضطرابات سياسية واسعة النطاق، حتى في الوقت الذي تتعرض فيه قواته الأمنية لهجمات من تنظيم داعش. وفي كركوك، هاجم مقاتلو داعش مبنى مديرية الاستخبارات العراقية. وإلى جانب كركوك، زادت وتيرة الهجمات أيضا في ديالى وصلاح الدين. وقد وفر وباء كورونا للمسلحين المزيد من حرية المناورة. وقد استهدفت الهجمات الأخيرة نقاط تفتيش عسكرية تديرها ميليشيات تابعة لقوات الأمن العراقية. وقد سمحت نقاط الضعف التي ظهرت مع انسحاب القوات الأمريكية جزئيا وإعادة تمركز قوات الأمن العراقية في المدن لمقاتلي تنظيم داعش باغتنام الفرصة لملء الفراغ. وتبرز مخاوف جدية من أن يقدم مقاتلو تنظيم داعش على بذل جهود إضافية للسيطرة على المدن والمناطق الحضرية مجدّدا، ممّا يمكن أن يسفر عنه إصابات فادحة. ويبدو أن داعش يدفع بالفعل للاقتراب من العاصمة العراقية بغداد.
وقد ازداد نشاط تنظيم داعش في سوريا أيضا منذ أواخر عام 2019، حيث شن التنظيم هجمات متفرقة شرق نهر الفرات ووسّع وجوده في أنحاء الصحراء السورية الوسطى. كما يتنازع مقاتلو داعش على الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، وقد أدى عدد من أحداث اقتحام السجون في شمال شرق سوريا إلى مناشدة الأكراد السوريين القوات الأمريكية المساعدة. ويشكل اغتصاب الأموال والممتلكات موردا ماليا لتنظيم داعش، ومع تقلّص نفقات التنظيم بانهيار دولة خلافته المزعومة، قد يتمكن التنظيم من الصمود بفضل ذخيرة الحرب الضخمة التي جمعها بين عامي 2014 و2018. ويتبوأ تنظيم داعش، بقوّاته المقاتلة الّتي تعدّ بالآلاف وأمواله الّتي تقدّر بملايين الدولارات، مكانة تخوله شن حركة تمرد ضعيفة المستوى في جميع أنحاء العراق وسوريا على مدار العقد المقبل بمعظمه.
وبعيدا عن الهلال الخصيب، لا تنفك فروع تنظيم داعش وعناصره والفضائيات الخاصة به تظهر وتختفي، وقد تبنت هجمات عديدة في الآونة الأخيرة في جنوب الصحراء الإفريقية وفي جنوب شرق آسيا. وتشير موجة من النشاط الأخير في موزمبيق إلى توسع الجماعة في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، في حين يشير تدمير العديد من القوارب الحكومية في جزر المالديف إلى أن الجزر مرشحة لأن تشهد متاعب قريبا. وفي أفغانستان، ستتطلع ولاية خراسان التابعة لتنظيم داعش إلى ما قد يحمله انسحاب القوات الأمريكية خلال الفترة المتبقية من العام من مكاسب لها. وقد أعلنت بالأمس مسؤوليتها عن هجوم ننجرهار الانتحاري الّذي راح ضحيّته العشرات. وفي كابل وقع هجوم على عنبر للحوامل، غير أنه ما من جهة أعلنت مسؤوليتها حتى الآن، ولكن ولاية خراسان في تنظيم داعش قد تكون الفاعل. أما في الفليبين، فقد شن مسلحون مرتبطون بتنظيم داعش هجوما أسفر عن مقتل 11 جنديا فلبينيا. ومؤخرا، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن شن هجمات في شبه جزيرة سيناء في مصر وأخرى في باكستان. كما وكشف التحقيق مع أربعة مواطنين من الجنسية الطاجيكية في ألمانيا كانوا يخططون لمهاجمة أفراد الجيش الأمريكي والمنشآت الأمريكية عن علاقتهم مع قيادة تنظيم داعش في العراق وسوريا. ولا تبشر المؤامرة التي أحبطت بالخير، لأنها تشير إلى التزام تنظيم داعش المتجدد بشن عمليات خارجية في الغرب. ووفقا لذلك، يشير ما سبق إلى أن تنظيم داعش لم يعد يكتفي اليوم بالاعتماد على دعايته لإلهام مؤيديه في أوروبا، فهو اليوم يخطّط لهجمات مباشرة كما فعل في باريس في تشرين الثاني / نوفمبر 2015 وفي بروكسل في آذار / مارس 2016.