أوّل الكلام آخره:
- توفي إدريس ديبي الرئيس التشادي للعقود الثلاثة الأخيرة متأثرا بجروح أصيب بها أثناء الاشتباكات مع مسلحين.
- مع رحيل ديبي، تبرز مخاوف متزايدة بشأن استقرار تشاد وسلامة أراضيها والتداعيات الإقليمية.
- كان ديبي مقربا من فرنسا والولايات المتحدة لالتزامه بمحاربة بوكو حرام وغيرها من الجماعات الجهادية العاملة في جميع أنحاء الساحل.
- قامت مجموعة متمردة تعرف باسم جبهة التغيير والوفاق في تشاد بمهاجمة المراكز الحدودية والتقدم نحو العاصمة.
توفي إدريس ديبي الرئيس التشادي للعقود الثلاثة الأخيرة متأثرا بجروح أصيب بها أثناء الاشتباكات مع مسلحين جاؤوا من قاعدتهم في ليبيا المجاورة. وتأتي وفاته بعد يوم واحد فقط من فوزه بولاية رئاسية سادسة، وبهذا يكون ضمن لائحة الحكام الأطول ولاية في إفريقيا. وبعد وفاته، تقرر تشكيل مجلس عسكري انتقالي جديد، برئاسة محمد إدريس ديبي، نجل الرئيس الديبي، إلى حين إجراء الانتخابات بعد عام ونصف. وقد أشار الكثيرون إلى أن هذا الفعل انتهاك لدستور تشاد كما وصفه البعض بأنه انقلاب عسكري. ومع احتمال تركيز الحكومة الجديدة جهودها على الاستقرار الداخلي وتأمين شبكات الزبائنية والمحسوبية المحلية فقد يؤثر ذلك في جهود مكافحة الإرهاب الإقليمية ضد الجهاديين المرتبطين بالقاعدة وتنظيم داعش.
ومع رحيل ديبي، تبرز مخاوف متزايدة بشأن استقرار تشاد وسلامة أراضيها. وكانت تشاد منارة للاستقرار النسبي، في منطقة تشمل ليبيا والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى، وستثير هذه التطورات مخاوف بشأن التداعيات الإقليمية الأوسع. وكانت القوات التشادية من بين أكثر قوات البلدان موثوقية في عمليات مكافحة الإرهاب التي تقوم بها المجموعة الخماسية لمنطقة الساحل (التي تشمل أيضا بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر). وكانت القوات التشادية محور جهود التدريب والتجهيزات الغربية في منطقة الساحل حيث كانت بمثابة الدولة الشريكة الأكثر قدرة على مكافحة الجهاديين في مالي والنيجر ونيجيريا. وإذا توقفت أنشطة التعاون الأمني نتيجة لوفاة ديبي، فقد يرتفع النشاط الإرهابي في منطقة بحيرة تشاد. ومما لا شك فيه أن الجماعات المسلحة استفادت في جميع أنحاء منطقة الساحل من تدفق الأسلحة الذي أعقب انهيار ليبيا، ومن الفرص الإجرامية للتمويل من خلال الاتجار غير المشروع بالسلع والأسلحة والأشخاص. وفضلا عن الأسلحة الصغيرة، ومنها بنادق هجومية من طراز AK-47، تتاجر الشبكات الإجرامية بالأسلحة الأكثر تطورا مثل القنابل الصاروخية والقذائف الكتفية.
وكان الديبي محبوبا من الغرب لالتزامه بمكافحة الإرهاب الإسلامي في المنطقة. وقد اعتمدت كل من فرنسا والولايات المتحدة عليه في مواجهة بوكو حرام وغيرها من الجماعات الجهادية العاملة في تشاد ودول أخرى في الساحل. وكما هو الحال في العديد من القضايا الأخرى، التزمت باريس وواشنطن الصمت بشأن تعامل ديبي مع القضايا الداخلية داخل تشاد، حتى مع استمرار تصاعد الاتهامات لنظامه بانتهاك حقوق الإنسان وقمع المعارضين السياسيين. أما على الصعيد المحلي، فقد كان ديبي يواجه ولفترة طويلة صراعات داخلية تتعلق باختلاف الأعراق والتوزيع غير المتكافئ للموارد، بما في ذلك توزيع الثروة الناتجة عن النفط والمعادن على مختلف الفئات. وفي حين تكثر التوقعات بأن يواصل ابنه مسيرته ضد الإرهابيين والمتمردين، فإن هذا الانتقال قد يعلّق الأنشطة التدريبية الجارية لمكافحة الإرهاب كما قد يعرقل العمليات ضد الجهاديين.
وفي إطار عملية بارخان، تحتفظ فرنسا بـ 5000 جندي متمركز في انجامينا. ولطالما كانت فرنسا على علاقة جيدة مع تشاد. وفي عام 2019، شنت الطائرات الفرنسية غارات جوية لدعم ديبي ضد اتحاد قوات المقاومة، وهو فئة من المتمردين المتمركزين في ليبيا. وقد تمكن ديبي من صد هجومات الجماعات المسلحة على العاصمة عامي 2006 و2008. وفي الآونة الأخيرة، شنت مجموعة متمردة تعرف باسم جبهة التغيير والوفاق في تشاد، والتي شكلها ضباط سابقون في الجيش عام 2016، هجمات على المراكز الحدودية وزحفت نحو العاصمة. ويدعي الجيش التشادي أنه قتل أكثر من 300 متمرد وأسر 150 مسلحا إضافيا. وفي الوقت الذي تتعامل فيه دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا مع تداعيات جائحة كورونا، وتحول تركيزها إلى التنافس مع القوى العظمى مثل روسيا والصين، تراجع التركيز على عمليات مكافحة الإرهاب. ويحدث هذا تزامنا مع تكثيف الجماعات الجهادية والمتشددة في منطقة الساحل أنشطتها، مستفيدة من الحدود التي يسهل اختراقها في المنطقة وضعف قوات الأمن فيها.