أوّل الكلام آخره:
- في أواخر آب / أغسطس، أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أنه سيتنحى عن منصبه لإصابته بمرض مزمن وقد تزامن هذا الإعلان مع حالة الغموض التي تشهدها البلاد نتيجة تداعيات وباء كورونا.
- سيتسلم يوشيهيدي سوجا رئاسة الوزراء، وقد كان لفترة طويلة كبير أمناء مجلس الوزراء في الحزب الديمقراطي الليبرالي المحافظ، ومن المرجح أن يسعى إلى الاستمرار في اعتماد سياسات سلفه لتحقيق الاستقرار في اليابان.
- فور انتخاب سوجا رسميا رئيسا للوزراء هذا الأسبوع على ما هو متوقع، سيعمد على الأرجح إلى متابعة بعض السياسات التي تحمل توقيع آبي المميز، بما في ذلك مراجعة الدستور الياباني بما يمنح جيش البلاد المزيد من حرية العمل.
- تقع اليابان بين ناري الولايات المتحدة والصين،وهي تسعى لإقامة توازن دقيق للحفاظ على تحالف طوكيو الأمني مع واشنطن، وعلى علاقتها الاقتصادية والتجارية مع بكين.
في أواخر آب / أغسطس، أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي عزمه الاستقالة من منصبه لأسباب صحية. وقد تفاجأ الكثيرون من خبر استقالته وأشاروا إلى احتمال حدوث تغيير في السياسة اليابانية في خضم فترة الغموض التي تمر بها البلاد في ظل مواجهتها لوباء كورونا والتحديات الاقتصادية المستمرة، والتهديد المستمر المتمثل في الصين الناهضة وفي كوريا الشمالية التي لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها. وتعد اليابان ثالث أكبر اقتصاد في العالم، ولكنها تكافح من أجل السيطرة على الهبوط الاقتصادي الناجم عن وباء كورونا، وقد تأجلت الألعاب الأولمبية في طوكيو، التي كان من المقرر أن تجرى الصيف الماضي حتى عام 2021. ويعمل المسؤولون اليابانيون لضمان أن تقام الألعاب الأولمبية دون أي حوادث تذكر وأن تتمكن طوكيو من عرض قوتها الناعمة أمام العالم أجمع.
وآبي، وهو السياسي المحافظ والمعروف بنزعته القومية، هو رئيس الوزراء الأطول خدمة في رئاسة الوزراء اليابانية، وقد شغل هذا المنصب منذ عام 2012. وسيكون يوشيهيدي سوغا خلفه، وهو كبير أمناء مجلس الوزراء في الحزب الديمقراطي الليبرالي المحافظ، الذي يسيطر على البرلمان وسيطر على السياسة اليابانية لعقود. وخلال فترة رئاسة آبي الأولى في الفترة بين 2006-2007، شغل سوجا منصب وزير الشؤون الداخلية والاتصالات، وكسب سمعة طيبة بوصفه بيروقراطيا مخلصا ونشطا. ويعتقد العديد من المراقبين للسياسة اليابانية أن سوجا سوف يسعى إلى أن يكون بمثابة جسر للاستقرار، وسيحذو حذو آبي في العديد من سياساته بهدف تعزيز الاعتدال في عمل الحكومة.
وتتصف السياسة اليابانية بمحافظتها ومقاومتها للتغيير، ويعكس صعود سوجا خيارا واعيا ثابتا لقيادة البلاد في ظل فترة من أكثر الفترات اضطرابا في الذاكرة الحديثة. وتظهر استطلاعات الرأي الأولية أن سوجا يحافظ على تأييد واسع النطاق من الجماهير اليابانية. وفي حال انتخاب سوجا رسميا رئيسا للوزراء هذا الأسبوع، تكثر التوقعات حول استمراره في اعتماد بعض السياسات التي تحمل توقيع آبي المميز، بما في ذلك مراجعة الدستور الياباني بما يمنح جيش البلاد المزيد من حرية العمل. ومع التهديد الدائم المتمثل في تزايد عدوانية الصين المجاورة، نشطت اليابان لإنشاء تحالفات عسكرية محتملة جديدة، وكأنها محاولة لإيجاد قوة موازنة لبكين. وهذا يشمل تطوير العلاقات الودية مع أستراليا والهند، مما أثار غضب صناع السياسات والقادة العسكريين في الصين. كما يتوقع أن يلتزم سوجا بالسياسات الاقتصادية لسلفه، التي تركز على تخفيف القيود على السياسة النقدية، وزيادة الإنفاق الحكومي، والإصلاحات الهيكلية المعروفة في جميع أنحاء اليابان باسم «اقتصاد آبي».
وتقع اليابان بين ناري الولايات المتحدة والصين،وهي تسعى لإقامة توازن دقيق للحفاظ على تحالف طوكيو الأمني مع واشنطن، وعلى علاقتها الاقتصادية والتجارية مع بكين. ولقد وفرت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة الحماية العسكرية لليابان، في حين أصبحت الصين لا غنى عنها لضمان الصحة الاقتصادية لليابان. وبلغت قيمة الصادرات اليابانية إلى الصين ما يقارب 140 مليار دولار عام 2019 فقط. ولكن يتعرض العديد من حلفاء الولايات المتحدة منذ فترة، بما في ذلك اليابان، لضغوط لاختيار طرف من الطرفين في النزاع المتنامي بين الولايات المتحدة والصين. وقد أدت المخاوف المتعلقة بتكنولوجيا الجيل الخامس والعقوبات المحيطة بعملاق التكنولوجيا الصينية هواوي إلى جعل العديد من الشركات اليابانية تفكر مليا في كيفية سير عملها. وقد أثبت السيد آبي أنه سياسي بارع خاصة في تحقيق التوازن بين العلاقات مع كل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ. وستلاحق هذه التحديات الرئيس سوجا من اللحظة الأولى لتوليه المنصب.