أوّل الكلام آخره:
- تفيد التقارير بأن الولايات المتحدة تستعد لرفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
- إن رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب سيجعل الخرطوم مؤهلة للحصول على التمويل لحكومتها الانتقالية.
- من شأن رفع السودان عن القائمة أن يمهد الطريق أمام إمكانية التوصل إلى اتفاق تطبيع مع إسرائيل.
- قد يوفر اتفاق التطبيع مع إسرائيل ضخا للمساعدات والاستثمارات في السودان، في حين أنه قد يزعزع السياسة الداخلية للبلاد.
أفادت الأنباء أن الولايات المتحدة تستعد لرفع السودان من قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للدول التى ترعى الإرهاب. وكان السودان فيما مضى قد قدم الدعم لمجموعة من الجماعات التي تعدها الولايات المتحدة إرهابية، بما في ذلك حزب الله وحماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية خلال فترات من ولاية رجل السودان القوي عمر البشير، المعروف بأنه «مجرم حرب» لدوره في الفظائع الجماعية التي ارتكبت في دارفور. كما وجهت إلى السودان تهمة توفير ملاذات آمنة لمسلحى القاعدة الذين نفذوا تفجيرات سفارتي شرق إفريقيا فى نيروبي ودار السلام عام 1998 فضلا عن تفجير المدمرة الأمريكية «كول» عام 2000 قبالة سواحل اليمن. وقد كان السودان أيضا مقر أسامة بن لادن والقاعدة في أوائل التسعينيات. وقد يؤدي رفع اسم السودان من قائمة الدولة الراعية للإرهاب إلى تعقيدات للضحايا وأسرهم الذين يتوقعون الحصول على تعويضات مالية بقيمة 335 مليون دولار. ويخشى البعض أنه في حال تنفيذ هذه الخطوة قبل ضمان التعويض، فإن ذلك يترك للخرطوم حافزا ضئيلا لمتابعة دفع التعويضات. كما تسعى عائلات ضحايا هجمات القاعدة الإرهابية في 11 أيلول / سبتمبر 2001 إلى الحصول على تعويضات من السودان.
وفي عام 1993، أدرجت الولايات المتحدة السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، إلى جانب دول مثل كوريا الشمالية وسوريا وإيران. وفي حال شطب السودان من قائمة الدولة الراعية للإرهاب، فإن ذلك سيجعل الخرطوم مؤهلة للتخفف من بعض أعباء الديون، على نحو قد يسمح لها بالحصول على التمويل الذي تحتاجه لتحقيق الاستقرار الذي تنشده الحكومة الانتقالية وللبدء في بناء مؤسسات المجتمع المدني والديمقراطية التي طال انتظارها. ووصف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بأنه «أولوية هامة لكلا البلدين». وشهدنا خلال السنوات الماضية علاقات وطيدة بين الولايات المتحدة والسودان. ففي عام 2016، قطع السودان علاقاته مع إيران، مما دفع واشنطن إلى تخفيف العقوبات والبحث عن سبل جديدة لتقديم المساعدة في مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني. وتنظر الولايات المتحدة إلى السودان على أنه شريك محتمل في مكافحة الإرهاب في إفريقيا حيث ينشط عدد من الجماعات الجهادية وغيرها من الجهات الفاعلة العنيفة غير الحكومية، مستفيدة من ضعف قوات الأمن وسهولة اختراق الحدود في جميع أنحاء المنطقة.
كما أن رفع السودان من القائمة من شأنه أن يمهد الطريق أمام اتفاق تطبيع محتمل مع إسرائيل، وهو أمر كان البيت الأبيض يضغط لتحقيقه في أعقاب صفقات مماثلة في الأسابيع الأخيرة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين على التوالي. ويرى الرئيس ترامب أن صفقات التطبيع بين الدول العربية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وإسرائيل هي «انتصار» للسياسة الخارجية في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني / نوفمبر 2020. وقد شكك البعض مرارا وتكرارا في هذا النهج في التعامل مع السياسة الخارجية وطرحوا تساؤلات عما إذا كانت الدول التي تدخل في صفقات التطبيع هذه لها مصلحة حقيقية في العمل مع إسرائيل، أم أنها ببساطة توقّع بختمها على الصفقة بهدف الحصول على الفوائد المتوقعة. ومن الواضح أن إدارة ترامب لا تهتم كثيرا بديمومة الاتفاق، إذ تسعى بدلا من ذلك إلى استخدام صفقات التطبيع مع إسرائيل محورا لحملة إعادة انتخاب الرئيس.
إن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وصياغة اتفاق تطبيع بين السودان وإسرائيل مسألتان منفصلتان ولكنهما أصبحتا مرتبطتين ارتباطا وثيقا. إن مجلس الحكم العسكري المدني الجديد في السودان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك بأمس الحاجة إلى تحقيق الاستقرار في اقتصاد البلاد، ومكافحة التضخم المتزايد، وتوفير السلع الأساسية والضروريات لمواطني البلاد. ويمكن لاتفاق تطبيع مع إسرائيل أن يوفر ضخ مئات الملايين من الدولارات من المساعدات والاستثمارات. ومع ذلك، فقد يؤدي الاتفاق، الذي يبدو وكأنه رشوة، إلى زعزعة استقرار سياسات السودان الداخلية في وقت لا تزال فيه البلاد تتطلع إلى تثبيت أقدامها، في ظل انتقال البلاد من سلطة رجل قوي حكم لعقود إلى حكومة ديمقراطية ناشئة يأمل الكثيرون أن تكون نموذجا للسلطات الانتقالية الأخرى في المنطقة. ويمكن لاتفاق تطبيع مع إسرائيل أن يوفر حافزا للجماعات الإسلامية داخل السودان لاستغلال السخط الناتج عن الاتفاق بين السكان السودانيين للاستقطاب والتجنيد والتنظيم، مما يزيد من تعقيد عملية الانتقال المضطربة أصلا في السودان.