أوّل الكلام آخره:
- يستمر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) في تطوير نفسه ويمكن أن يكون في طور تطور عملياتي باتجاه التركيز على هجمات أقل عددا ولكن أكثر تعقيدًا.
- في الوقت الحالي، لا يزال من غير الواضح مدى التواصل المنتظم بين قيادة داعش المركزية وشبكتها العالمية.
- على الرغم من أن تنظيم داعش لم يكن مسؤولًا بشكل مباشر عن العديد من الهجمات البارزة في الغرب مؤخرًا، إلا أنه لا يزال بإمكانه إلهام المتطرفين المحليين.
- التركيز الرسمي للبعثة الأمريكية في العراق سيكون على «التدريب وتقديم المشورة وجمع المعلومات الاستخبارية» بدلًا من القتال، على أن ذلك لن يغير عدد القوات الأمريكية المنتشرة في العراق – والذي سيبقى ثابتا عند 2500.
مع التركيز مؤخرًا على تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان والتهديد الذي يمثله في أفغانستان، قل الاهتمام بأنشطة التنظيم المركزي لداعش في العراق وسوريا، الذي يقوده اليوم زعيم غير معروف هو أمير محمد سعيد عبد الرحمن المولى، المعروف أيضًا باسم الحاج عبد الله. ويعيد تنظيم الدولة الإسلامية بهدوء بناء شبكاته على المستوى المحلي في العراق وسوريا. في العراق، تراجعت الهجمات بشكل كبير لتبلغ وتيرتها الحد الأدنى منذ سنوات، وقد لوحظ هذا التراجع جليا منذ أيلول (سبتمبر). ولا تزال الهجمات داخل العراق تتمركز حول نفس المناطق الجغرافية التي تشمل الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى وأربيل وكركوك. وعلى الرغم من وتيرة الهجمات الأقل عدوانية في الأشهر الأخيرة، فقد أشار تقرير صادر عن المفتش العام بوزارة الدفاع الأمريكية بشأن عملية العزم الصلب إلى أن هجمات تنظيم الدولة الإسلامية كانت تُظهر «مستوى أعلى من النضج العملياتي». ولذلك فإن التراجع في عدد الهجمات قد يرتبط بتطور عملياتي أوسع يركز على عدد أقل من الهجمات، على أن تكون أكثر تعقيدًا في التخطيط والتنفيذ.
ووفقًا لـ ExTrac، وهو نظام لتحليل النزاعات، فإن التنظيمات المرتبطة بداعش والتي كانت مسؤولة عن معظم الهجمات على مدى الأشهر القليلة الماضية تشمل تنظيم الدولة الإسلامية في خراسان وفرعي تنظيم الدولة الإسلامية في وسط إفريقيا في موزمبيق وجمهورية الكونغو الديمقراطية. أما تنظيم الدولة في غرب إفريقيا فقد عاث فسادا في جميع أنحاء منطقة الساحل وهو من بين الجماعات التابعة الأكثر قدرة على السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي. وتعد منطقة جنوب آسيا ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء من المناطق المهيأة لمزيد من عدم الاستقرار في عام 2022، إذ تكتسب الجماعات التابعة لتنظيم الدولة زخمًا وتسعى إلى توسيع قاعدتها بين السكان المحليين في المناطق التي تعمل فيها. ومن المعروف أن نواة تنظيم الدولة الإسلامية ترسل الأموال والمدربين إلى فروعها الإقليمية، مما يحسن إلى حد كبير القدرات التنظيمية والخبرات التكتيكية. على أنه من غير الواضح حاليا مدى التواصل المنتظم بين قيادة داعش المركزية وشبكتها العالمية. أما فرع تنظيم الدولة في شبه جزيرة سيناء المصرية فيستمر في التضعضع، لكنه يرفض بعناد الرحيل. وقد فشلت حملة القاهرة الصارمة لمكافحة التمرد في هزيمة الجهاديين هزيمة تامة، ويقول البعض إنها حققت نتائج عكسية من خلال تنفير السكان المحليين من خلال نهج الأرض المحروقة الذي اتبعه الجيش المصري.
وعلى الرغم من أن تنظيم الدولة لم يكن مسؤولا بشكل مباشر عن العديد من الهجمات البارزة في الغرب مؤخرًا، إلا أنه يواصل إلهام المتطرفين المحليين. ففي أيلول (سبتمبر)، طعن شخص يستوحي أفكاره من تنظيم الدولة ستة أشخاص في نيوزيلندا فيما وصفته السلطات بأنه هجوم إرهابي. وفي تشرين الأول (أكتوبر)، قُبض على خمسة أشخاص في بون بألمانيا عقب مداهمات شنتها قوات مكافحة الإرهاب الألمانية. وقد اتهم المشتبه بهم بالتخطيط لهجوم إرهابي مستوحى من تنظيم الدولة. وفي تشرين الأول (أكتوبر) أيضًا، قام رجل بريطاني من أصل صومالي يبلغ من العمر 25 عامًا وكان يعد نفسه عضوا في تنظيم الدولة بطعن السير ديفيد أميس، عضو البرلمان البريطاني، حتى الموت. وقد عطّلت العديد من مخططات تنظيم الدولة أو المخططات النابعة من الدعاية الجهادية في جميع أنحاء أوروبا على مدار العام. وفي الشهر الماضي، أصدرت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية نشرة تحذر من أن تنظيم الدولة الإسلامية وسائر التنظيمات التابعة له يمكن أن تتشجع بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان و«من المرجح أن تستمر في الحفاظ على حضور ظاهر للغاية على الإنترنت في محاولة لإلهام الأفراد في الولايات المتحدة للمشاركة في أنشطة عنيفة».
ومنذ انهيار «الخلافة»، سعى تنظيم الدولة الإسلامية جاهدا ليكون مصدر إلهام للمتعاطفين معه في جميع أنحاء العالم، وخاصة في الغرب، ولكنه واجه صعوبات جمّة. ولكن الجماعات السلفية الجهادية مثل القاعدة والدولة الإسلامية هي جماعات تحسن التعلم من أخطائها، وتسعى دائمًا إلى ابتكار طرق جديدة وفعالة لنشر الدعاية لإلهام الأتباع وتجنيدهم. ويمكن أن تشكل الظروف المؤسفة في مخيم الهول للنازحين في شمال شرق سوريا صرخة تحشد الأنصار، هذا فضلا عن أن محاولات الهروب من السجون لم تتوقف وهي تشكل جزءًا من استراتيجية المجموعة. وفي حين أن القضايا القانونية المتعلقة بالعودة إلى الوطن متنازع عليها بشدة بين الولايات المتحدة وشركائها في مكافحة الإرهاب، فإن الاعتبارات الإنسانية والأمنية التي تدفع الدول إلى استعادة مواطنيها تتزايد بمرور الوقت. وعندما يتمكن المسلحون من شن هجمات مع الإفلات من العقاب، فإن ذلك يغذي بشكل مباشر دعايتهم، مما يساهم في إيجاد حلقة مفرغة تلهم المتطرفين وتساعد في التجنيد. وفي العراق سيكون التركيز الرسمي للبعثة الأمريكية على «التدريب وتقديم المشورة وجمع المعلومات الاستخبارية» بدلًا من القتال، على أن ذلك لن يغير عدد القوات الأمريكية المنتشرة في العراق – والذي سيبقى ثابتا عند 2500. ويستفيد تنظيم داعش من استمرار الطائفية، ومن الانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في العراق.