أوّل الكلام آخرُه:
- من بين 45390 أمريكيًّا انتحروا في عام 2019، 6139 كانوا من قدامى المحاربين في القوّات الأمريكيّة المسلّحة أي ما يُعادل حوالي 13.5 %.
- وفي عام 2017، انتحر أكثر من 124 أمريكيًّا يوميًا، من بينهم 16 من قدامى المحاربين أي ما يقارب الـ 12.9 % من حالات الانتحار اليوميّة.
- ويستمرّ معدّل انتحار المحاربين القدامى والأمريكيّين عمومًا بالازدياد، فيما يسعى مسؤولو الصحّة العامّة للوصول إلى الطريقة المثلى للتعامل مع ظاهرة الانتحار.
- إنّ ثقافة الخشونة والاعتماد التامّ على النفس الّتي تزرعها المؤسّسة العسكريّة، وتوفّر الأسلحة اليدويّة بسهولةٍ، والشعور بالخجل والعار المصاحب للخضوع للعلاج النفسيّ (هذا إن توفّر) كلّها من العوامل الكثيرة المؤدّية إلى انتشار ظاهرة الانتحار.
يتبنّى الجيش ثقافة الخشونة، الّتي في الكثير من الأحيان لا تشجّع عناصر الخدمة العسكريّة على طلب المساعدة في مجال الصحّة النفسيّة عند الحاجة. وتستبعد روحيّة الاعتماد التامّ على الذات وما يُسمّى بـ «عقليّة المحارب» فكرة طلب المساعدة (وخاصّةً في مجال الصحّة النفسيّة) الّذي يُرافقه نوعٌ من الشعور بالخجل والعار والصور النمطيّة. كلّ ذلك يُصعّب على عناصر الخدمة طلب المساعدة من المؤسّسة العسكريّة أو من مؤسّسات الرعاية الاجتماعيّة خارجها.
إنّ المعدّل العامّ للانتحار في الولايات المتّحدة يزداد بسرعةٍ، ونسبة المحاربين القدامى بين المقدمين على الانتحار مرتفعةٌ. وبحسب التقرير الوطنيّ المخصّص لتفادي الانتحار عند المحاربين القدامى الّذي يصدر سنويًّا فإنّ 45390 أمريكيًّا قتلوا أنفسهم خلال عام 2019 ومن ضمنهم 6139 محاربًا قديمًا أي ما يُعادل الـ 13،5 %. وبالمقابل فإنّ الطلّاب الجامعيّين الّذين يُقدمون على الانتحار سنويًّا، يُشكّلون 2.4 %. وفي عام 2018، بلغ عدد سكّان الولايات المتّحدة الأمريكيّة 327 مليونًا من ضمنهم 18 مليونًا أي 5،5 % قد خدموا في الجيش. ويشكّل محاربو حرب الخليج اليوم الجزء الأكبر من عدد المحاربين القدامى الإجماليّ وقد تجاوز عددهم محاربي الحرب العالميّة الثانية. وتكمن النسب الأكبر للانتحار في الفئات العمريّة بين 55 و74 سنةً وهي الفئة العمريّة الأكبر عند قدامى المحاربين. إلّا أنّ النسبة الأكثر أهميّة هي تلك الّتي تطال المحاربين القدامى الّذين ينتمون إلى الفئات العمريّة بين 18 و34 عامًا والّتي تبلغ 44.5 من ضمن كلّ 100 ألف محاربٍ قديمٍ. وبين عامي 2005 و2016 ارتفعت نسبة انتحار المحاربين القدامى بـ 80 % وهي زيادةٌ من الصعب استيعابها.
في الولايات المتّحدة الأمريكيّة يُقدم 124 شخصًا على الانتحار يوميًّا، من بينهم 16 من المحاربين القدامى. وقد استُخدم السلاح الفرديّ في عمليّات انتحار المحاربين القدامى بنسبٍ تفوق استخدامه في مجمل عمليّات الانتحار في الولايات المتّحدة الأمريكيّة. فـ 69 % من المحاربين القدامى الّذين أقدموا على الانتحار استخدموا سلاحًا ناريًّا فرديًّا، فيما النسبة الإجماليّة للأشخاص الّذين انتحروا مستخدمين النوع عينه من السلاح هي 48 %. وتعدّ سهولة الوصول إلى السلاح عاملًا من عوامل انتشار ظاهرة الانتحار، حيث يسهل الاستحواذ الفوريّ على الأسلحة مقارنةً بأدوات الانتحار الأخرى. وبالنسبة لبعض الّذين يعانون من ميولٍ انتحاريّةٍ فإنّ سهولة الحصول على الأسلحة الناريّة تُشكّل خطرًا كبيرًا على حياتهم. على أنّ ذلك كلّه يبقى من التبعات غير المرئيّة لبقاء البلاد في حالة الحرب، ومن آثار الجروح المخفيّة الناتجة عن استمرار العمليّات القتاليّة في إطار «الحرب العالميّة على الإرهاب» الّتي لم تنل حتّى الآن تعريفًا مرضيًا، والّتي تبدو مستمرّةً بلا نهايةٍ، والّتي أدّت إلى خسائر بشريّةٍ من الجنود والبحّارة وقوّات المارينز والطيّارين وكلّ من يدعمهم.
يجب أن يكون التصدّي للانتحار عند عموم السكّان الأمريكيّين وعند المحاربين القدامى خصوصًا أولويّةً وطنيّةً. وتزايد حالات الانتحار لا يخصّ جنسًا دون الآخر ولا فئةً عمريّةً دون الأخرى. ويتوجّب على القادة زيادة التواصل والتمويل والبرامج لمعالجة الأسباب الّتي تدفع الكثير من الأمريكيّين إلى الانتحار. ونظرًا لأنّ مسألة الانتحار شخصيّةٌ للغاية، وتجري على نحوٍ فرديٍّ، فإنّ البرامج الحكوميّة الّتي تفتقر إلى البحوث المبنيّة على الوقائع الحسّيّة ليست مناسبةً للتحدّي. ويُمكن أن يكون استخدام التمويل الفيدراليّ لدعم الجهود المحليّة المصمّمة بشكلٍ أكبر لسكّان محدّدين مقاربةً أفضل. ولا نقص في معرفة الناس بحقيقة ارتفاع معدّل الانتحار بشكلٍ عام في الولايات المتّحدة وبين قدامى المحاربين، ومع ذلك تستمرّ الأرقام في الارتفاع. وتعمل وزارة شؤون المحاربين القدامى في الولايات المتّحدة، من خلال الإدارة الصحّيّة للمحاربين القدامى، مع العديد من المجموعات لمعالجة الأزمة.