أوّل الكلام آخرُه:
- بحسب وزارة الخارجيّة الأمريكيّة، تركّز الإرهاب العالميّ سنة 2018 في ثلاث مناطق: في جنوب آسيا وفي الشرق الأوسط وفي إفريقيا جنوب الصحراء، فهذه المناطق شهدت ما نسبته 85 % من عمليّات الإرهاب العالميّ.
- يسعى تنظيم الدولة الإسلاميّة (داعش) إلى استعادة زخم عمليّاته، وإحياء آلته التنظيميّة بمساعدة المسلّحين الّذين يتّخذون من تركيّا ملاذًا لهم.
- لا تزال إيران واحدةً من الدول الأساسيّة الداعمة «للإرهاب» بتمويلها وتدريبها وتجهيزها مجموعاتٍ شيعيّةً مسلّحةً متنوّعةً في الشرق الأوسط.
- ويُلاحظ أيضًا تصاعدٌ في الإرهاب «المدفوع بدوافع إثنيّةٍ أو عنصريّةٍ»، وأكثر المخطّطات والعمليّات الّتي تندرج في هذا السياق قام بها متطرّفون بيضٌ.
في وقتٍ سابقٍ من هذا الشهر، أصدرت وزارة الخارجيّة الأمريكيّة تقريرها السنويّ عن الإرهاب في الدول المختلفة، والّذي يحلّل الاتّجاهات العابرة للحدود في الإرهاب ومكافحته. ويبرز التقرير، وهو محقٌّ في هذا، ثلاث مسائل أساسيّةٍ: الخطر المستمرّ لتنظيم الدولة الإسلاميّة (داعش) الّذي دخل مرحلةً جديدةً مع انهيار دولة خلافته المزعومة، ودور إيران بوصفها من الدول الأساسيّة في رعاية «الإرهاب»، والتصاعد الدراميّ في «الإرهاب المدفوع بدوافع إثنيّةٍ أو عنصريّةٍ» حول العالم. وقد تركّز الإرهاب العالميّ سنة 2018 في ثلاث مناطق بحسب التقرير: في جنوب آسيا وفي الشرق الأوسط وفي إفريقيا جنوب الصحراء، فهذه المناطق شهدت ما نسبته 85 % من عمليّات الإرهاب العالميّ. على أنّ انتقال الولايات المتّحدة من التركيز على مكافحة الإرهاب إلى التركيز على المنافسة العالميّة على السيطرة قد يجعل من المناطق المهدّدة أصلًا مناطق أقلّ استقرارًا.
ولا زال داعش يشكّل تهديدًا للاستقرار الإقليميّ والدوليّ، رغم خسارته رقعة الأرض الّتي كان يسيطر عليها وشملت في وقتٍ من الأوقات مساحةً تقارب مساحة بريطانيا العظمى. وقد قُتل زعيم داعش أبو بكرٍ البغداديّ في أواخر تشرين الأوّل / أكتوبر الماضي. ورغم أنّ التنظيم سرعان ما اختار خليفةً له، إلّا أنّ القليل يُعرف عن هويّة أبي إبراهيم الهاشميّ القرشيّ «الخليفة» الجديد، وهذا بحدّ ذاته يثير الشكوك حول قدرته على استعادة مكانة التنظيم وتحقيق دعايته الإعلاميّة الّتي ما فتئ التنظيم يعزفها. على أنّ التنظيم ما زال شبكةً عالميّةً من المنظّمات المرتبطة بعضها ببعضٍ والّتي ينشط بعضها في مناطق كشبه جزيرة سيناء المصريّة وأفغانستان والفلبين. ويسعى داعش اليوم أيضًا إلى استعادة زخم عمليّاته في سوريا والعراق، وتحرير معتقليه، وإحياء آلته التنظيميّة بمساعدة بعض قادته الّذين يتّخذون من تركيّا ملاذًا لهم.
ولا تزال إيران واحدةً من الدول الأساسيّة الداعمة «للإرهاب» بتمويلها وتدريبها وتجهيزها مجموعاتٍ شيعيّةً مسلّحةً متنوّعةً في الشرق الأوسط منها حزب الله اللبنانيّ والحشد الشعبيّ العراقيّ وشبكةٌ من المقاتلين الباكستانيّين والأفغان الشيعة الّذين استُعين بهم في دعم نظام الرئيس السوريّ بشّار الأسد. وإيران تدعم أيضًا، من خلال الحرس الثوريّ وفيلق القدس التابع له، مجموعةً من المنظّمات الأخرى كحركة حماس وحركة الجهاد الإسلاميّ الفلسطينيّتين. وقد أدرجت إدارة ترامب الحرس الثوريّ في لائحة المنظّمات الأجنبيّة الإرهابيّة في سعيٍ منها لعرقلة جهود الحرس في أن يكون امتدادًا لسياسات إيران الخارجيّة والأمنيّة من خلال إشرافه على مجموعاتٍ مسلّحةٍ غير حكوميّةٍ. وفيما تستمرّ الولايات المتّحدة في ممارسة ما أسمته سياسة «الضغوط القصوى» على إيران لإجبار النظام على تغيير سلوكه، لا يبدو أنّ إيران قد تراجعت عن دعم الجماعات الحليفة والموالية، أدواتِها في السياسة الخارجيّة، بل يبدو أنّ دعمها قد زاد كمًّا ونوعًا.
وشهد عام 2018 أيضًا تصاعدًا في الإرهاب «المدفوع بدوافع إثنيّةٍ أو عنصريّةٍ»، وحصّة الأسد من المخطّطات والعمليّات الّتي تندرج في هذا السياق كانت من نصيب أفرادٍ وجماعاتٍ ألهمها التطرّف العنصريّ القائل بتفوّق العرق الأبيض. وأراق الاعتداء على المعبد اليهوديّ في بيتسبرغ في تشرين الأوّل / أكتوبر من سنة 2018 الكمّ الأكبر من الدماء بالمقارنة مع سائر اعتداءات الإرهاب المحلّيّ في الولايات المتّحدة، وهو اعتداءٌ نفّذته مجموعةٌ بيضاء معاديةٌ للساميّة. وقد عقدت بعض المجموعات الأمريكيّة روابط لها بمجموعاتٍ عنصريّةٍ بيضاء خارج الولايات المتّحدة، وتشكّل أوكرانيا مركزًا أساسيًّا للحركة العنصريّة البيضاء على المستوى العالميّ. وكانت الولايات المتّحدة بطيئةً في إدراك خطر المتطرّفين البيض، ولكنّ وزارة الأمن الداخليّ في الولايات المتّحدة أصدرت مؤخّرًا تحديثًا لإستراتيجيّتها في مكافحة الإرهاب يعكس على نحوٍ جيّدٍ التهديد الّذي يمثّله «الإرهاب المدفوع بدوافع إثنيّةٍ أو عنصريّةٍ». وعلى الولايات المتّحدة وحلفائها، إذا أرادوا أن يبقوا على مستوى التحدّيات، أن يبحثوا ويفكّروا على نحوٍ خلّاقٍ واستباقيٍّ في السيناريوهات والإيديولوجيّات المستقبليّة الّتي قد تدفع الأفراد والجماعات إلى انتهاج العنف سبيلًا في العمل السياسيّ.
للبحوث والتحليل المتخصص ، يرجى الاتصال بـ: info@thesoufancenter.org