أوّل الكلام آخرُه:
- عاد زلماي خليل زاد، مبعوث الولايات المتّحدة للمصالحة في أفغانستان، مؤخّرًا إلى كابول لاستئناف المفاوضات السياسيّة مع طالبان.
- تتّجه المحادثات حاليًّا، وإن ببطءٍ، نحو وقف إطلاق النار، رغم أنّه ما من اتّفاقٍ حتّى الآن بشأن التفاصيل.
- أحد أهمّ المتغيّرات الّتي تُؤثّر في مستقبل أفغانستان هو دور الأطراف الخارجيّة، بما في ذلك إيران وباكستان والصين وروسيا.
- وستحتاج أفغانستان إلى المساعدة من البلدان المجاورة لضمان سلامتها، إلّا أنّ لدى كلٍّ من هذه القوى الإقليميّة أولويّاتها ومصالحها.
عاد زلماي خليل زاد، مبعوث الولايات المتّحدة للمصالحة في أفغانستان، إلى كابول مؤخّرًا في محاولةٍ لإطلاق عجلة المفاوضات السياسيّة مع طالبان من جديدٍ. وكانت محادثات السلام الّتي جرت في الدوحة بقطر قد توقّفت مرّةً أخرى الأسبوع الماضي في أعقاب هجومٍ لطالبان على قاعدةٍ عسكريّةٍ أمريكيّةٍ في بغرام. والتقى خليل زاد خلال جولته بالرئيس أشرف غني والرئيس التنفيذيّ عبد الله عبد الله والرئيس السابق حامد كرزاي فضلًا عن مجموعةٍ من الوسطاء السياسيّين والاقتصاديّين الآخرين. وتتّجه المحادثات حاليًّا، وإن ببطءٍ، نحو وقف إطلاق النار، رغم أنّه ما من اتّفاقٍ حتّى الآن بشأن التفاصيل. وفي منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، تبادلت الولايات المتّحدة وطالبان الأسرى، حيث أطلقت طالبان سراح رهينةٍ أمريكيّةٍ وأخرى أستراليّةٍ مقابل ثلاثةٍ من كبار قادة شبكة حقّاني. ويُمكن أن يشكّل التبادل قاعدة لبناء الثقة يُوفّر زخمًا للتوصل إلى تسويةٍ سياسيّةٍ عن طريق التفاوض. ولكنّ الوصول إلى اتّفاقٍ ليس أمرًا حتميًّا، فطالبان قد تسعى لكسب الوقت وانتظار خروج الولايات المتّحدة. ولكنّ إشراك طالبان في عمليّةٍ شرعيّةٍ لتقاسم السلطة قد يكون أفضل ما يمكن فعله لتقليص دائرة العنف في أفغانستان.
وفي أوائل شهر آب/ أغسطس، أعلنت إدارة ترامب أنّه في صفقةٍ أوّليّةٍ مع طالبان، ستسحب الولايات المتّحدة ما يصل إلى 6000 جنديٍّ من أفغانستان. وعلى الرغم من انهيار الاتّفاق، استأنفت إدارة ترامب المحادثات في أواخر شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، ووعد الرئيس مرارًا وتكرارًا بسحب جزءٍ كبيرٍ من القوّات من أفغانستان. وقد يُعلَن عن انسحاب حوالي 4000 جنديٍّ في غضون أسابيع، في خطوةٍ لتنفيذ وعد ترامب بسحب جميع القوّات الأمريكيّة من أفغانستان قبل شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2020. وأعرب عناصر من مؤسّسة الأمن القوميّ الأمريكيّة مرارًا وتكرارًا عن قلقهم من أنّ انسحاب القوّات الأمريكيّة يمكن أن يُزوّد القاعدة بالمناخ العملانيّ الملائم لإعادة بناء شبكتها في جنوب آسيا ومعاودة استخدام أفغانستان مركزًا للتخطيط للعمليّات الخارجيّة ضدّ الغرب.
وأحد أهمّ المتغيّرات الّتي تُؤثّر في مستقبل أفغانستان هو دور الأطراف الخارجيّة، بما في ذلك إيران وباكستان والصين وروسيا. وقد أشار مسؤولٌ أمنيٌّ إيرانيٌّ بارزٌ الأسبوع الماضي إلى أنّ طهران تعترض على هذه المحادثات، فالحكومة الأفغانيّة ومواطنو البلاد، بزعمه، قد هُمّشوا في عمليّة التفاوض. واتّهمت إيران الولايات المتّحدة أيضًا بتعمّدها إحداث حالةٍ من غياب الاستقرار في بلدٍ على حدود إيران والصين وروسيا. ولكن على مدار العامين الماضيين، كانت إيران تُقدّم دعمًا سرّيًّا لبعض الأجنحة داخل حركة طالبان، وهي تسعى بقدر ما تستطيع إلى التأثير في المفاوضات لصالحها. وفي النهاية، تريد إيران أن تخرج الولايات المتّحدة من أفغانستان، مع ضمان ألّا يؤدّي هذا الانسحاب المتسرّع إلى فراغٍ هائلٍ في السلطة يُمكن أن تملأه عناصر معاديةٌ لإيران من أمثال تلك المنتسبة إلى تنظيم الدولة الإسلاميّة في ولاية خراسان.
وتُعدّ باكستان لاعبًا أساسيًّا في محادثات السلام الأفغانيّة، حيث تعرّضت إسلام آباد مرارًا وتكرارًا للانتقادات بسبب افتقارها إلى الإرادة السياسيّة في منع مقاتلي طالبان الملاذَ الآمن على الأراضي الباكستانيّة. وتشعر الصين أيضًا من جهتها بالقلق من انسحاب الولايات المتّحدة وتأثيره في الأمن في أفغانستان الّتي استثمرت فيها بكين استثماراتٍ كبيرةً. ويشعر الصينيّون بالقلق أيضًا إزاء استخدام أفغانستان ملجأً لمقاتلي الإيغور وغيرهم ممّن يتطلّعون لاستهداف المصالح الصينيّة في جميع أنحاء المنطقة. واضطلعت روسيا بدورٍ عمليٍّ مباشرٍ في المفاوضات السياسيّة، حيث استضافت وفدًا من طالبان والسياسيّين الأفغان البارزين في موسكو هذا الصيف في محاولةٍ للتأثير في ملامح الصفقة المحتملة. وستحتاج أفغانستان إلى المساعدة من البلدان المجاورة لضمان سلامتها، فحكومة البلاد لا تزال تعتمد على المساعدات الأجنبيّة إلّا أنّ لدى كلّ من هذه القوى الإقليميّة أولويّاتها ومصالحها. والأمر عينه يسري على الوسطاء السياسيّين وممثّلي الحكومة الأفغانيّة الّذين يُشكّل تعاونهم مع طالبان الحجر الأساس لأيّ تسوية سياسيّةٍ.