أوّل الكلام آخرُه:
- يستمرّ فيروس كورونا في الانتشار من ووهان في الصين، فيما تعمل سلطات الصحّة العالميّة على احتواء هذا الوباء.
- إنّ العولمة ووفرة وسائل المواصلات وسهولة عبور الحدود تسمح جميعها للأوبئة والأمراض بالانتشار بسرعةٍ كبرى.
- وخلال العقدين الماضيين تعاقبت عدّة أوبئةٍ على مستوى العالم، متسبّبةً بحالات طوارئ صحّيّةٍ أثقلت كاهل دولٍ عديدةٍ؛ ومن ضمن هذه الأوبئة: المتلازمة التنفّسيّة الحادّة الوخيمة، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفّسيّة، وفيروس زيكا، وفيروس إيبولا، فضلًا عن سلالاتٍ متنوّعةٍ من الفيروسات تتسبّب بما أطلق عليه إنفلونزا الطيور.
- تتطلّب معالجة الأوبئة العالميّة تنسيقًا دوليًّا إستراتيجيًّا، وتشكّل الأوبئة الناشئة في البلدان الّتي تتحفّظ على كشف المعلومات تحدّيًا خاصًّا، إذ غالبًا ما تكون الاستجابات بطيئةً وغير مكتملةٍ وغير فعّالةٍ.
يستمرّ فيروس كورونا الّذي يتسبّب بالتهابٍ رئويٍّ بالتفشّي خارج حدود مدينة ووهان الصينيّة الّتي يبلغ عدد سكّانها 11 مليونًا والّتي تُعدّ بؤرة انتشاره، في حين تتزايد جهود السلطات الصحّيّة العالميّة وقادة الدول لمحاولة السيطرة على هذا الوباء. ومدينة ووهان مركزٌ للمواصلات وتحتوي على عددٍ كبيرٍ من شبكات السكك الحديديّة للقطارات السريعة الّتي تصل إلى معظم المدن الصينيّة الكبرى. وقد باشرت دولٌ عدّةٌ إخراج مواطنيها من مدينة ووهان. وتفيد التقارير أنّ حالات إصابةٍ مؤكّدةً قد وقعت في أستراليا وماليزيا والنيبال وفيتنام وسنغافورة واليابان وكوريا الجنوبيّة وتايوان وهونغ كونغ وتايلند وفرنسا والولايات المتّحدة الأمريكيّة. وقد قضى عشرات الأشخاص نتيجةً للإصابة بهذا الفيروس ويصل اليوم عدد المصابين به إلى الآلاف. وتسمح العولمة ووفرة وسائل المواصلات وسهولة عبور الحدود جميعها للأوبئة والأمراض بالانتشار بسرعةٍ كبرى. وتركّز السلطات اليوم في عملها على سوقٍ للغذاء في ووهان كان يبيع قططًا وكلابًا وأفاعي وقوارض حيّةً فضلًا عن حيواناتٍ أخرى، مفترضةً أنّه قد يكون البؤرة الّتي انتشر منها هذا الوباء.
وعقدت منظّمة الصحّة العالميّة اجتماعًا طارئًا في جينيف في سويسرا الأسبوع الماضي إلّا أنّها لم تُعلن حتّى الساعة كون فيروس كورونا أزمةً صحّيّةً دوليّةً طارئةً ولكنّ احتمالات انطلاق صفّارات الإنذار المعلنة عن حالة الطوارئ كبيرةٌ نظرًا لاستمرار الفيروس في التفشّي. وتجدر الإشارة إلى أنّ منظّمة الصحّة العالميّة كانت قد أُنشئت عام 1948 لمكافحة الأوبئة والأمراض ولتعزيز الصحّة إلّا أنّها ذات صلاحيّةٍ واختصاصٍ محدودين، كما أنّ التعاون الدوليّ مع المنظّمة في ظلّ انتشار الأوبئة تراجع بشدّةٍ. وتتضمّن اللوائح الصحّيّة العالميّة الصادرة عام 2005 خطّة عملٍ للحكومات متوافقًا عليها تقضي بالتعرّف على الأوبئة والتبليغ عنها إلّا أنّ العديد من الدول لا تستطيع حتّى الآن القيام بهذه الخطوات وذلك بسبب النقص التقنيّ وقلّة الدعم المادّيّ. وبحسب صحيفة تايم فإنّ عدد الأوبئة الجديدة في كلّ عقدٍ من الزمن تضاعف أربع مرّاتٍ خلال العقود الستّة الماضية، وعدد الأوبئة الجديدة سنويًّا تضاعف ثلاث مرّاتٍ منذ عام 1980. وخلال العقدين الماضيين تعاقبت عدّة أوبئةٍ على مستوى العالم، متسبّبةً بحالات طوارئ صحّيّةٍ أثقلت كاهل دولٍ عديدةٍ؛ ومن ضمن هذه الأوبئة: المتلازمة التنفّسيّة الحادّة الوخيمة، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفّسيّة، وفيروس زيكا، وفيروس إيبولا، فضلًا عن سلالاتٍ متنوّعةٍ من الفيروسات تتسبّب بما أطلق عليه إنفلونزا الطيور. وقد بدأت هذه الفيروسات بالانتشار في أمريكا اللاتينيّة وإفريقيا والشرق الأوسط وآسيا مظهرةً مدى عالميّة هذا التحدّي وصعوبته.
وإلى جانب التأثير الصحّيّ الواضح، تظهر عددٌ من الآثار الأخرى في الأمن الدوليّ والأسواق الماليّة العالميّة والسفر والنقل في جميع أنحاء العالم. وترتبط قضايا الصحّة العالميّة وانتشار الأمراض ارتباطًا وثيقًا ببعض أكثر التحدّيات الّتي يُواجهها المجتمع الدوليّ اليوم أو الّتي سيواجهها في المستقبل القريب ديناميكيّةً. ومع تغيّر المناخ وتزايد درجات الحرارة تتضاعف أعداد الفيروسات المعدية بين الحيوانات والحشرات الحاضنة للأمراض والّتي يُمكنها نقل هذه الأمراض للإنسان (ومن ضمنها البعوض). وفي شرق إفريقيا، دمّرت أسراب الجراد الصحراويّ المحاصيل والزراعة، ممّا أدّى إلى تفاقم قضايا النقص الغذائيّ. وتزيد أيضًا المخاوف من محاولة الإرهابيّين وغيرهم من الجهات الفاعلة غير الحكوميّة تسخير قوّة التكنولوجيّات الجديدة لتجربة الأدوات الوراثيّة والبيولوجيا التركيبيّة في محاولةٍ لاستخدام الجدري أو غيره من الفيروسات الفتّاكة سلاحًا بيولوجيًّا. وقد استجابت الأمم المتحّدة لتحدّيات الأوبئة الصحيّة العالميّة في الماضي بمستوًى لا بأس به من الفعاليّة، كاستجابتها للتحدّي الّذي مثّله فيروس الإيبولا في عام 2014، وأصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة يومئذٍ قرارًا يهدف إلى تعزيز القيادة التقنيّة والدعم التشغيليّ للحكومات والشركاء الآخرين للتصدّي للفيروس.
ومنعت بكين سفر عشرات الملايين من مواطنيها وسط الاحتفالات برأس السنة القمريّة الصينيّة وهي فترةٌ من السنة يتنقّل الصينيّون فيها على طول البلاد لزيارة أقاربهم. وصرّح الرئيس الصينيّ شي جين بينغ أنّ بلاده «سوف تهزم هذا الوباء عبر تدابير الوقاية والسيطرة.» إلّا أنّ الحزب الشيوعيّ الصينيّ لم يُقدّم أيّ معلوماتٍ محدّثةٍ حيال حالة الأزمة. ولعلّ أحد العوامل المثيرة للقلق حيال هذا الوباء هو انتشاره في بلدٍ مثل الصين تفرض حكومته قيودًا على انتقال المعلومات ونشرها، وهذا يُشكّل تحدّيًا ضخمًا للسلطات الصحيّة العالمية الّتي تحاول التصدّي لهذا الوباء المتفشّي بخطواتٍ فعّالةٍ في حين لا تتعامل الحكومة الصينيّة بمستوى الشفافيّة المطلوب. زد على هذا انتشار الشائعات ونظريّات المؤامرة عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، فضلًا عن المعلومات الخاطئة المتعلّقة بمنشأ المرض وطرق التشخيص والعلاج، ممّا زاد من ارتباك المواطنين حول العالم وأثار فيهم حالة الهلع، وصعّب مهمّة السلطات الصحّيّة الساعية لاحتواء المرض والسيطرة على انتشاره.