أوّل الكلام آخره:
- على الرغم من تركيز الأخبار على انتشار وباء كورونا في الدول المتقدمة، إلا أنّ الفيروس قد وصل إلى العديد من البلدان التي دمرتها الصراعات، والتي تحتاج فيها أعداد كبيرة من السكان إلى المعونة الإنسانية.
- إنّ الافتقار إلى المياه النظيفة والمرافق الصحية والمساحات الملائمة في العديد من الأماكن التي استقرّ فيها النازحون بفعل الصراعات يجعل من اتخاذ التدابير الوقائية لتجنب التلوث أمرا مستحيلا.
- يمكن لانتشار وباء كورونا في البلدان المتضررة من الصراعات أن يسقط نظم البلاد الصحية التي تعمل جاهدة رغم القدرات الضئيلة على رعاية الفئات الضعيفة من السكان.
- وقد علّقت أغلب الدول برامج إعادة توطين النازحين بسبب الوضع الصحي فيها نتيجة انتشار الوباء.
على الرغم من تركيز الأخبار على انتشار وباء كورونا في الدول المتقدمة، إلا أنّ الفيروس قد وصل إلى العديد من البلدان التي دمرتها الصراعات، والتي تحتاج فيها أعداد كبيرة من السكان إلى المعونة الإنسانية، بمن فيهم أولئك المشرّدون قسرا. وفي حين لم يصدر أي إحصاء رسمي بعد لحالات الوباء في صفوف المشردين، وثّقت بعض الحالات في أماكن تشهد حالات طوارئ إنسانية ومستوطنات مكتظة بالسكان مثل بنغلادش وإيران والعراق ونيجيريا وأفغانستان والسودان وفنزويلا والصومال وبوركينا فاسو. والواقع أن الافتقار إلى الفحوص التشخيصية والوعي في هكذا أماكن يجعل من بالغ الصعوبة الحصول على تقدير دقيق لعدد الحالات المصابة بالفيروس. وبسبب تأثر البلدان المضيفة بالوباء، سيضطر النازحون للانتقال مرة جديدة. وهذا ما حصل في بوركينا فاسو، حيث أجبر اللاجئون الماليّون على العودة إلى مالي على الرغم من استمرار العنف ودون ضمان لسلامتهم. والحقّ أنّ عبور اللاجئين الحدود لن يؤدّي إلّا إلى زيادة خطر انتشار الفيروس.
وفي حين أن معظم البلدان قد أصدرت إجراءات وقائية لتجنب انتقال العدوى من خلال الدعوة إلى غسل اليدين المتكرر والتباعد الاجتماعي، إلا أنّ الافتقار إلى المياه النظيفة والمرافق الصحية والمساحات المفتوحة في العديد من مجتمعات النازحين يجعل من اتخاذ التدابير الوقائية لتجنب التلوث أمرا مستحيلا. واليوم، تستضيف الدول المنخفضة أو المتوسطة الدخل ٨٠ بالمائة من النازحين في العالم البالغ عددهم ٧١ مليون شخص، وهي دول تعاني من ضعف شبكات الصحة والمياه والصرف الصحي. وكثيرا ما يعيش اللاجئون والمشردون داخليا في مستوطنات مكتظة أو مع أسر مضيفة في منازل صغيرة، ولذلك من المستحيل اعتماد التباعد الاجتماعي الّذي يوصى به. وفضلا عن ذلك، دمرت سنوات الصراع والحروب والقصف والغارات الجوية البنية التحتية للرعاية الصحية في العديد من هذه الأماكن. ففي جمهورية أفريقيا الوسطى التي يبلغ عدد سكانها نحو خمسة ملايين نسمة، لا تتوفر إلّا ثلاثة أجهزة تنفس للمساعدة في إنقاذ حياة الأشخاص المصابين بالفيروس.
وفي بلد مثل اليمن،فقد نظام الرعاية الصحية أكثر من ٥٠ بالمائة من طاقته التشغيلية، ومن شأن احتمال ظهور فيروس كورونا أن يرهقه إلى حد كبير. وقد حذّر ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن ألطف موساني بأنّ فرضية تفشي وباء كورونا في البلاد سيجعل الوضع «كارثيا». وذكرت لجنة الصليب الأحمر الدولية أن انتشار الوباء في البلدان المتضررة من الصراعات مثل جنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية قد يؤدي إلى فشل نظم البلاد الصحية بأكملها. كما يصعب الوصول إلى أماكن معينة في البلاد التي تشهد صراعات دائمة مثل اليمن وسوريا والصومال ومالي وبوركينا فاسو كما إلى الملايين من الناس الذين يتركون دون مساعدات أو رعاية بسبب انتشار الجماعات المسلحة ونقاط التفتيش والغارات الجوية وأمور أخرى تعيق وصول المساعدات الإنسانية والصحية.
وتعطلت ترتيبات السفر لإعادة توطين اللاجئين بعد قرار منع السفر وإغلاق الدول لحدودها. وفي أوائل آذار / مارس، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة عن التعليق المؤقت لرحلات اللاجئين الموافق على إعادة توطينهم. وفي ظل خلفية جائحة كورونا العالمية، وقد علّقت أغلب الدول برامج إعادة توطين النازحين بسبب الوضع الصحي فيها نتيجة انتشار الوباء. وقبل المغادرة، على اللاجئين الذين كانوا ينتظرون إعادة توطينهم بيع معظم ممتلكاتهم، وإعلام أصحاب عملهم بترك الوظيفة في حال كان يسمح لهم بالعمل وإعلام أصحاب الملك بإخلاء محل إقامتهم. وبالنسبة للأشخاص الذين ألغيت رحلاتهم، فإنهم الآن الأكثر عرضة للخطر. وغالبا لا يتوفر في مخيمات اللاجئين، التي يعيش فيها أكثر الأشخاص هشاشة، إلّا عدد قليل من الأطباء لكلّ مئتي ألف شخص. وفي حال لم يعر العالم انتباهه إلى وباء كورونا في الأسابيع المقبلة مع بدء تراجع الحالات في الدول المتقدمة، فقد تعاني الدول الأكثر فقرا بشكل كبير ومن المرجح أن تُترك لتعيل نفسها مع انتشار الأزمة في المخيمات ومجتمعات إعادة التوطين في حين ستنشغل الدول المتقدّمة بأنفسها.