أوّل الكلام آخره:
- أعلنت المملكة العربية السعودية عن وقف لإطلاق النار من جانب واحد في اليمن وسط مخاوف متزايدة من انتشار وباء كورونا.
- دمرت حملة الأرض المحروقة التي قادتها المملكة العربية السعودية البنية التحتية الصحية في اليمن على مدى السنوات العديدة الماضية، مما جعل اليمن بشكل خاص عرضة لتفشي فيروس كورونا في جميع أنحاء البلاد.
- تصنف اليمن ضمن لائحة البلدان الأفقر في العالم، وقد عصفت بها موجة من الصراعات والفقر والأمراض عبر السنوات، فضلا عن تفشي الكوليرا الذي تسبب في وفاة الآلاف.
- يشكّك بعض المراقبين في مصداقية الرياض، ولا يرون في إطلاق النار إلا فرصة للمملكة للتركيز على التحديات المحلية مثل انتشار وباء فيروس كورونا بين أفراد العائلة المالكة وتداعيات حرب أسعار النفط.
أعلنت المملكة العربية السعودية وقفا لإطلاق النار من جانب واحد في اليمن هذا الأسبوع على خلفية المخاوف المتزايدة من انتشار الوباء. وقد وافقت السعودية وحلفاؤها، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، على وقف لإطلاق النار لمدة أسبوعين يشمل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا. ومن المفترض أن يشمل وقف إطلاق النار الذى دخل حيّز التنفيذ يوم الخميس الأعمال العدائية الجوية والبرية والبحرية. وعلى الرغم من أن أعضاء الوفد السعودي قد زعموا عدم استشارة المتمردين الحوثيين، المنافس الرئيس للتحالف السعودي في النزاع اليمني، إلّا أنّ وقف إطلاق النار قد يكون محاولة لإغرائهم للتوجه إلى طاولة المفاوضات في محاولة لوضع حد للحرب. وردّا على الانتشار العالمي لفيروس كورونا، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى وقف إطلاق النار في جميع أنحاء العالم لأسباب إنسانية.
دمرت حملة الأرض المحروقة التي قادتها المملكة العربية السعودية البنية التحتية الصحية في اليمن على مدى السنوات العديدة الماضية. وحديثا، استُهدفت المستشفيات عمدا وقُتل مدنيون في أبشع أشكال العنف. وحتى الآن، أودى النزاع بحياة أكثر من مئة ألف يمني وأدى إلى انتشار واسع للمجاعة. وعلى الرغم من أنّه لم تسجّل حتّى أوائل نيسان / ابريل أي إصابة بكورونا في اليمن، فقد شلّت الحرب قدرة اليمن على الاستجابة لأي تحديات أو أزمات قد تواجهها، بما في ذلك الآثار الكارثية للجائحة. وتصنف اليمن ضمن لائحة البلدان الأفقر في العالم، وقد عصفت بها موجة من الصراعات والفقر والأمراض عبر السنوات، فضلا عن تفشي الكوليرا الذي تسبب في وفاة الآلاف. وفي الأشهر الثلاثة الأولى من عام ٢٠٢٠، نزح ما يقارب 40000 شخص في مأرب والجوف، وبهذا أُجبروا على العيش في مخيمات مكتظة يصعب العيش فيها. وإذا لم تتمكن المنظمات الإنسانية من توفير الإمدادات الأساسية مثل الصابون والمياه النظيفة ومستلزمات النظافة الصحية، فإن مواقع النزوح ستصبح مرتعا لانتشار الفيروس وإصابة السكان فيها.
وإذا تحركت عملية السلام إلى الأمام، يمكن الحوثيين استغلالها فرصة لإثبات أنهم جهات فاعلة وراغبة في تحمل مسؤولية اتفاق تقاسم السلطة في المستقبل، مما يعزز مطالبهم بالشرعية السياسية في اليمن. ولكن لم يلتزم الحوثيون بأي اتفاق، وهذا مفهوم في الظروف الحالية، فعسكريا، يبدو الحوثيون اليوم على الطرف المهاجم، في مقابل عجز المملكة العربية السعودية عن اكتساب أي زخم على الأرض. وقد أظهر هجوم أرامكو في أيلول / سبتمبر الماضي قواعد الاشتباك الجديدة في الحرب، وخلال الأشهر القليلة الأولى من عام ٢٠٢٠، قام الحوثيون بتأمين الأراضي في المناطق الغنية بالنفط في محافظة مأرب. وتقدّم الحوثيين مؤخرا وسيطرتهم على المزيد من الأراضي قد لا يحفّزهم على الموافقة على وقف مؤقت لإطلاق النار، نظرا إلى هذه المكاسب الهامة.
ويتمثل الهدف النهائي لوقف إطلاق النار في اليمن في توفير الزخم لمحادثات السلام التي تتوسط فيها الأمم المتحدة لوضع حد للصراع المستمر منذ خمس سنوات تقريبا. ويضغط المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، من أجل إنهاء النزاع والضغط على السعوديين للانخراط سياسيا. ومع ذلك، يشكّك بعض المراقبين في مصداقية الرياض، ولا يرون في إطلاق النار إلا فرصة للمملكة للتركيز على التحديات المحلية. وتتعامل المملكة العربية السعودية حاليا مع انتشار وباء كورونا في جميع أنحاء البلاد، بل إن التقارير الأخيرة تشير إلى تسجيل عشرات الإصابات بين أفراد العائلة المالكة السعودية نفسها. وعلاوة على ذلك، كان لحرب أسعار النفط الجارية مع روسيا تأثير سلبي على اقتصاد المملكة العربية السعودية.