أوّل الكلام آخرُه:
- تستمرّ الحرب الأهليّة السوريّة الّتي بدأت منذ تسع سنواتٍ، حيث تدور المعارك الأكثر ضراوةً في الشمال الغربيّ للبلاد أي في محافظة إدلب.
- نشرت هيئة تحرير الشام، وهي إحدى أقوى الجماعات المتمرّدة الّتي لا تزال تقاتل في سوريا، لقطات فيديو مصوّرةً أمس تدّعي أنّها لمقاتليها وهم يسقطون طائرة هليكوبتر تابعةً للنظام السوريّ فوق النيرب في جنوب إدلب.
- أُغفلت في الغالب معاناة المواطنين واضطرارهم للنزوح القسريّ في التقارير الّتي تتحدّث عن الاشتباكات العسكريّة، وقد وصلت حدود هذه المعاناة إلى مستوياتٍ غير مسبوقةٍ.
- نزح حوالي 700000 شخصٍ من إدلب منذ شهر كانون الأوّل/ ديسمبر وقُتل مئات المدنيّين، ويعيش الآن حوالي 5.5 مليون شخصٍ من أصل 17 مليون في سوريا كلاجئين.
لا تزال الحرب الأهليّة السوريّة مستمرّةً حيث تدور المعارك الأكثر ضراوةً في الشمال الغربيّ للبلاد أي في محافظة إدلب. وفي بداية هذا الأسبوع، شنّت قوّات النظام السوريّ هجماتٍ بالقذائف المدفعيّة على القوّات العسكريّة المتمركزة في إدلب الأمر الّذي أدّى إلى مقتل خمسة مقاتلين أتراكٍ. وخلال الأسبوع الماضي، خسر الأتراك ثمانيةً من مقاتليهم جرّاء الهجمة السوريّة على مدينة سراقب جنوب تفتناز. وردّت أنقرة على هذه الهجمة مستهدفةً ما يُقارب المئة من الأهداف التابعة للنظام السوريّ. وكانت تركيا قد نشرت دبّاباتٍ وآليّاتٍ عسكريّةً وأنظمة إطلاق صواريخ فضلًا عن عددٍ كبيرٍ من المقاتلين في إدلب خلال الأسبوع الماضي وحده. وفي حين قد تحاول أنقرة طلب المساعدة من موسكو للضغط على دمشق وتخفيف التوتّرات، إلّا أنّه ما من مؤشّراتٍ على أنّ وقفًا للأعمال العسكريّة يلوح في الأفق القريب. وتتصاعد حدّة التوتّرات بشكلٍ متسارعٍ، وقد توعّد الطرفان بالاستمرار في القتال حيث يرمي كلٌّ منهما بالملامة على الآخر جرّاء موجات العنف المتزايدة.
وقد نشرت هيئة تحرير الشام، وهي إحدى أقوى الجماعات المتمرّدة الّتي لا تزال تُقاتل في سوريا، لقطات فيديو مصوّرةً أمس تدّعي أنّها لمقاتليها وهم يسقطون طائرة هليكوبتر تابعةً للنظام السوريّ فوق النيرب في جنوب إدلب.وفي حين تُفضّل تركيا دعم المتمرّدين في جبهة التحرير الوطنيّ والجيش الوطنيّ السوريّ (الجيش الحرّ)، إلّا أنّ هيئة تحرير الشام لا تزال قوّةً قتاليّةً فعّالةً. وزوّدت تركيا وكلاءها بمجموعةٍ من الأسلحة، بما في ذلك الأسلحة الخفيفة ومدافع الهاون والصواريخ المضادّة للدبّابات. وتتزايد المخاوف من أنّ الفوضى في شمال غرب سوريا قد تسمح لتنظيم حرّاس الدين المرتبط بتنظيم القاعدة بإعادة بناء شبكته، وهو الّذي من المحتمل أن يسعى إلى شنّ عمليّاتٍ خارجيّةٍ ضدّ الغرب. ويُقدّر أنّ هيئة تحرير الشام لديها ما بين 12000 إلى 15000 مقاتلٍ وأنّ تنظيم حرّاس الدّين لديه بين 3500 إلى 5000 مقاتلٍ. ووفقًا لتقريرٍ حديثٍ صادرٍ عن مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة، فقد انتقل مقاتلون من داعش إلى إدلب من مناطق أخرى في سوريا، حيث يحتفظون ببعض الموارد والمرافق في إدلب. وكان أبو بكر البغداديّ، زعيم داعش السابق، مختبئًا في باريشا في محافظة إدلب عندما قُتل في غارةٍ شنّتها قوّات العمليّات الخاصّة الأمريكيّة في تشرين الأوّل/ أكتوبر من عام 2019.
وأُرسل الممثّل الخاص للولايات المتّحدة والمبعوث الخاص للائتلاف العالميّ لهزيمة داعش السفير جيمس جيفري هذا الأسبوع إلى تركيّا لمناقشة القتال الحاليّ في إدلب. وعلى الرغم من العلاقة الجيّدة بين أنقرة وموسكو خلال العام الماضي والّتي يشهد عليها مضيّ أنقرة قدمًا في شراء نظام صواريخ S-400 الروسيّ رغم معارضة حلف الناتو، فإنّ تركيا وروسيا ما زالتا تجدان نفسيهما غير متّفقتين في ساحتي النزاع في سوريا وليبيا. وطالبت روسيا تركيا بالامتناع عن شنّ مزيدٍ من الهجمات على القوّات الروسيّة وحلفائها. ولعلّ الاحتكاك بين أردوغان وبوتين في إدلب قد يوفّر فرصةً للتدخّل الأمريكيّ، إلّا أنّ الدور الأمريكيّ في الصراع السوريّ قد تضاءل بشكلٍ كبيرٍ، كما أنّ الدعم الأمريكيّ لقوّات سوريا الديمقراطيّة يُمثّل نقطة خلافٍ رئيسةً بين الولايات المتّحدة وتركيا.
أُغفلت في الغالب معاناة المواطنين واضطرارهم للنزوح القسريّ في التقارير الّتي تتحدّث عن الاشتباكات العسكريّة، وقد وصلت حدود هذه المعاناة إلى مستوياتٍ غير مسبوقةٍ. وأصدر مكتب الأمم المتّحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة بيانًا مؤخّرًا أعلن فيه أنّ عددًا كبيرًا من المدنيّين السوريّين قد فرّوا من القتال في الأسابيع العشرة الماضية على نحوٍ يتجاوز ما حصل في أيّ وقتٍ سابقٍ على امتداد الحرب الأهليّة المستمرّة منذ تسع سنواتٍ. إنّ حجم المعاناة الإنسانيّة مذهلٌ وسط قصفٍ عشوائيٍّ للجيش السوريّ وغاراتٍ جويّةٍ روسيّةٍ تضرب المدنيّين وما تبقّى من بنيةٍ تحتيّةٍ فعّالةٍ. ويُصمّم النظام السوريّ على السيطرة على الطرق السريعة الّتي تربط حلب بالمناطق الأخرى الّتي تُسيطر عليها الحكومة. ويعيش الآن حوالي 5.5 مليون شخصٍ من سكّان سوريا البالغ عددهم 17 مليون شخصٍ لاجئين، ومن المتوقّع أن يساهم هذا القتال في إدلب بضمّ 300000 آخرين إليهم. وعلى مدار الحرب الأهليّة السوريّة، بلغ عدد سكّان إدلب 3 ملايين شخصٍ، حيث رُحّل كثيرٌ من اللاجئين والمشرّدين إلى شمالي غرب البلاد. أمّا في الفترة الأخيرة، فقد شُرّد حوالي 700000 شخصٍ منذ الأوّل من شهر كانون الأوّل/ ديسمبر وقُتل مئات المدنيّين.