أوّل الكلام آخرُه:
- يشير الهجوم الإرهابيّ الّذي وقع في هاناو بألمانيا الأسبوع الماضي إلى تنامي ظاهرة العنصريّين البيض والنازيّين الجدد وغيرهم من المتطرّفين الّذين يعملون في ظلّ إحساسٍ عامٍّ بسهولة الإفلات من العقاب في الولايات المتّحدة وأوروبا.
- يواصل اليمين المتطرّف حشد قواه في أوروبا، حيث نظّم مسيراتٍ في بودابست بهنغاريا وفي صوفيا ببلغاريا، شارك فيها نازيّون جددٌ من ألمانيا والسويد وبولندا والولايات المتّحدة وأماكن أخرى.
- تتزايد معاداة الساميّة ورُهاب الإسلام ومشاعر كراهية المهاجرين، وتجتمع كلّها في خليطٍ سامٍّ يشعله الحقد والتطرّف والذكوريّة المفرطة.
- تمتدّ شبكةٌ عالميّةٌ من العنصريّين البيض من أمريكا الشماليّة إلى أوروبا وأستراليا، ولها جذورٌ قويّةٌ في الدول الإسكندنافيّة وأوروبا الشرقيّة.
يشير الهجوم الإرهابيّ الّذي وقع في هاناو بألمانيا الأسبوع الماضي إلى تنامي ظاهرة العنصريّين البيض والنازيّين الجدد وغيرهم من المتطرّفين الّذين يعملون في ظلّ إحساسٍ عامٍّ بسهولة الإفلات من العقاب في الولايات المتّحدة وأوروبا. فعلى الرغم من الموارد والقوى العاملة الّتي تكرّسها السلطات الحكوميّة والوكالات المعنيّة بإنفاذ القوانين والأجهزة الأمنيّة لمواجهة هذا التهديد المتصاعد، تبقى الحاجة إلى تكريس المزيد من الجهود ملحّةً. وفي منتصف شباط/ فبراير، اعتقلت السلطات الألمانيّة اثني عشر شخصًا كانوا جزءًا من خليّةٍ يمينيّةٍ متطرّفةٍ كانت تخطّط لهجماتٍ على المساجد وطالبي اللجوء والسياسيّين المؤيّدين للّاجئين. وتعدّ مهاجمة السياسيّين التكتيك المفضّل لدى اليمين المتطرّف في أوروبا، وهو يهدف إلى ترهيب السكّان ونشر الخوف والهستيريا بينهم. وفي حزيران / يونيو ٢٠١٦، قتل توماس مير، المتعاطف مع منظّمة العمل الوطني اليمينيّة المتطرّفة البريطانيّة، عضو البرلمان جو كوكس. وقد حاولت منظّمة العمل الوطنيّ من جانبها تجنيد أفرادٍ للقتال إلى جانب العنصريّين البيض في أوكرانيا. وفي حزيران / يونيو ٢٠١٩، اغتال نازيٌّ جديدٌ السياسيّ الألمانيّ الداعم للّاجئين والتر لوبكي.
وفي أوائل شباط/ فبراير، توافد مئات النازييّن الجدد من جميع أنحاء أوروبا إلى بودابست بالمجر للمشاركة في مسيرةٍ لإحياء ذكرى أدولف هتلر وألمانيا النازيّة، مع الإشادة بـ«بطولة» النازيّين والمتعاونين معهم. وفي صوفيا ببلغاريا، منعت المحاكم ما يسمّى بـ«مسيرة لوكوف» المنعقدة سنويًّا منذ عام ٢٠٠٣ تكريمًا للجنرال البلغاريّ الموالي للنازيّة خريستو لوكوف. إلّا أن هذا لم يمنع النازيّين الجدد والعنصريّين البيض من التجمّع في صوفيا، وانضمّ إليهم أفرادٌ من السويد وبولندا وألمانيا والولايات المتّحدة. وتتزايد معاداة الساميّة ورُهاب الإسلام ومشاعر كراهية المهاجرين، وتجتمع كلّها في خليطٍ سامٍّ يشعله الحقد والتطرّف والذكوريّة المفرطة. وقد شهدت كلٌّ من ألمانيا وفرنسا أحداثًا بارزةً معاديةً للساميّة خلال العام الماضي، في حين أعلنت هولندا مؤخّرًا أنّ عدد الحوادث المعادية للساميّة في ذلك البلد بلغ أعلى مستوًى له خلال العقود الثلاثة الماضية.
أمّا في الولايات المتّحدة فقد نظّمت عدّة مسيراتٍ بارزةٍ حضرها العنصريّون البيض وأنصارهم عام ٢٠٢٠. كما تجمّع في العاصمة واشنطن أكثر من مئة متظاهرٍ ينتمون إلى الجبهة الوطنيّة، وهي جماعةٌ قوميّةٌ بيضاء منشقّةٌ عن منظّمة فانغارد الأمريكيّة. وبدأ أعضاء الجماعة بالمسير، في ناشيونال مول، وكانت الأقنعة تغطّي وجوه أغلبيّتهم، مردّدين شعاراتٍ مثل «استرداد أمريكا». وفي كانون الثاني / يناير، قُبض على العديد من أعضاء منظّمة البايس (وتعني القاعدة، ولا ينبغي خلطها بالمنظّمة الإرهابيّة الّتي تحمل الاسم نفسه) وهم يخطّطون لأعمال عنفٍ في الفترة الّتي سبقت تجمّعًا مؤيّدًا للحقّ في حيازة السلاح عُقد في ريتشموند بولاية فرجينيا. وتترافق هذه الأحداث مع ما تظهره التقارير الأخيرة من ارتفاع منسوب الدعاية الّتي يروّجها العنصريّون البيض عن أنفسهم من خلال الملصقات واللافتات والمنشورات الّتي غطّت حرم الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدّة خلال العام الماضي. وأشار تقريرٌ صادرٌ عن رابطة مكافحة التشهير إلى وقوع أكثر من ٢٧٠٠ حادثٍ من هذا النوع عام ٢٠١٩، أي ضعف العام السابق. وفي منتصف شباط / فبراير، وعلى نحوٍ يؤكّد مدى تفشّي أيديولوجيّة تفوّق العرق الأبيض في الولايات المتحدّة، حكمت وزارة العدل على أربعةٍ وستّين من العنصريّين البيضبالسجن لمدة ٨٢٠ عامًا في السجن الاتّحاديّ. وعلى الرغم من أنّ هذه المحاكمة كانت الأكبر من نوعها في البلاد لجماعات العنصريّين البيض، إلّا أنّها لا تشكّل إلّا لمحةً عن نشاط العنصريّين البيض وروابط الأخوّة الآريّة في ولاية تكساس وحدها. كما رفعت ولاية نيوجيرسي تصنيف مستوى التهديد الّذي يمثّله العنصريّون البيض إلى مستوًى يفوق ذلك الّذي يقع فيه تصنيف تنظيمي القاعدة وداعش.
تعكس الأحداث المنظّمة في أوروبا ظهور اتّجاهٍ أوسع نطاقًا، ألا وهو العولمة المتزايدة للمتطرّفين البيض بمختلف أطيافهم. إذ حضر الاجتماع الذي أُقيم في صوفيا ببلغاريا، أعضاءٌ من حركة التسامي (Rise Above Movement) وحركة المقاومة الشماليّة. كما أصبحت مجموعاتٌ مثل البايس وشعبة أتوموافين أكثر جرأةً، حيث عملت على نشر منظّماتها عبر الحدود الوطنيّة وتجنيد المزيد من الأعضاء من بلدانٍ مختلفةٍ. وتمتدّ هذه الشبكة العالميّة من العنصريّين البيض من أمريكا الشماليّة إلى أوروبا وأستراليا، وكانت أوكرانيا مركز التدريب والتنظيم للحركة ذات الجذور القويّة في الدول الاسكندنافيّة وأوروبا الشرقيّة. ومع ذلك، لم تُصنّف أيّ منظّمةٍ من منظّمات العنصريّة البيضاء منظّماتٍ إرهابيّةً أجنبيّةً حتّى اليوم، ممّا يعني أنّ الوكالات الحكوميّة لا تمتلك موارد كافيةً لمكافحة هذه الجماعات. ويتعيّن على الولايات المتحدّة التحرّك بسرعةٍ لإجراء تقييمٍ دقيقٍ للتحدّي الّذي تشكّله منظّمات العنصريّة البيضاء العابرة للحدود القوميّة. ويشمل ذلك إصدار تشريعاتٍ تمنح السلطات الأدوات اللازمة لمواجهة هذه المنظّمات قبل أن يزداد حجم تهديداتها.