أوّل الكلام آخره:
- يصادف يوم الأحد ٨ آذار / مارس اليوم العالميّ للمرأة، وهو فرصة لتقويم الجهود المبذولة لتحقيق المساواة بين الجنسين على الصعيد العالميّ في مجالات السياسة والتعليم والصحة والأمن القوميّ والاقتصاد.
- لا يزال حضور النساء في مؤسسات الأمن القومي الأميركي ضعيفا، ولا سيّما في المناصب القياديّة.
- تمكّنت المرأة من كسر الكثير من الحواجز السياسيّة، ولكنّ العقبات مثل التحيّز الجنسانيّ والإعلاميّ، وضريبة كونها امرأة، تقف في الطريق.
- تزايدت الهجمات ذات الدوافع السياسيّة على النساء في كل منطقة من مناطق العالم تقريبا.
صادف يوم الأحد 8 آذار/مارس اليوم العالميّ للمرأة، وهو فرصة لتقويم الجهود المبذولة لتحقيق المساواة بين الجنسين على الصعيد العالميّ في مجالات السياسة والتعليم والصحة والأمن القوميّ والاقتصاد. وسيشهد عام ٢٠٢٠ عدّة محطّات مهمّة على طريق استكمال آليّات تحقيق التكافؤ بين الجنسين. فمن ذلك حلول الذكرى السنويّة الخامسة للهدف الخامس من الأهداف الّتي وضعتها الأمم المتحدة لتحقيق التنمية المستدامة وهو الهدف المتعلّق بتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين، وحلول الذكرى السنوية العشرين لقرار مجلس الأمن الدولي رقم ١٣٢٥ الذي يدعو إلى زيادة إدماج المرأة في عمليّات السلام وتحقيق الأمن، وحلول الذكرى الخامسة والعشرين لإعلان بكين. وعلى الرغم من هذه الآليّات، لا تزال الفجوة الصارخة بين الجنسين قائمة. ووفقا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالميّ عن الفجوات القائمة بين الجنسين لعام ٢٠٢٠، لن يتمّ تحقيق التكافؤ بين الجنسين قبل مئة سنة أخرى على الأقل. ولا يهدف التكافؤ بين الرجال والنساء إلى تحقيق التنوّع فحسب، بل تبيّن البحوث أن الإدماج الجنسانيّ يرتبط بزيادة فعاليّة الحوكمة، وانخفاض الفساد، وطول أمد صفقات السلام، وزيادة فعاليّة عمل الفرقاء. ومن المرجّح أيضا أنّ المرأة أقدر على تجاوز الانقسامات السياسيّة لتحقيق النتائج المرجوّة.
يواجه تحقيق التكافؤ بين الجنسين تحدّيا في مجالي الأمن الوطني والقيادة السياسيّة. وفي حين أن الولايات المتّحدة رائدة في مجال الأمن القومي، على ما يظهر تاريخيا من قوّة الجيش الأمريكيّ وتنظيمه وكذا قوّة الأجهزة الاستخباراتيّة والسلك الدبلوماسيّ، فلا يزال التنوع بين الجنسين داخل هذا القطاع ضعيفا إذ إنّ غياب المرأة عن الأدوار القيادية شديد الوضوح. ولم تطرح وزارة الدفاع اسم امرأة لمنصب وزارة الدفاع بعد، ولم تتجاوز نسبة النساء أكثر من ٢٠ بالمائة من مناصبها العليا. ولم يسبق إلا لـمادلين أولبرايت وكوندوليزا رايس وهيلاري كلينتون شغل منصب وزارة الخارجية الأميركية، أي ما يعادل ٦ بالمائة فقط من مجموع الوزراء الـ٤٧ الذين خدموا في هذا المنصب. كما لم يسبق إلا لامرأتين أن شغلتا منصب مستشارة الأمن القومي. هذا على الرغم من أن ما يعادل ٤٠ بالمائة من موظّفي الأوساط الاستخباراتيّة الأمريكيّة وموظّفي السلك الخارجيّ هم من النساء، وأنّ ما يعادل نصف طلاب الدراسات العليا الذين يدرسون الشؤون الدوليّة هم من النساء. وعلى الرغم من تزايد أعداد النساء اللواتي يدخلن ميدان الأمن القومي، وكثير منهن يتمتّعن بمواهب فذّة، إلا أنهن لا يستطعن في الغالب الوصول إلى المناصب القياديّة. ويرى الخبراء بأن المرأة لا ترقّى على نحو منصف ويتعين عليها دفع ضريبة كونها امرأة، وهو ما يمكن عدّه إجهادا عاطفيّا وذهنيّا ناجما عن التحيز الجنسي الضمني أو الصريح والتمييز والتحرش الجنساني والتوقّعات الجنسانيّة. وتسعى منظّمات مثل اللجنة القيادية المعنية بالمرأة في مجال الأمن القوميّ وأمن الفتيات إلى زيادة تمثيل المرأة وشغلها مناصب عليا وتعزيز حضورها في الأمن القومي.
وعلى الرغم من سلسلة من العقبات، حقّقت المرأة مؤخّرا مكاسب في دخول الساحة السياسيّة، ولا سيما على مدى العقود الثلاثة الماضية. ومنذ عام ١٩٩٥، زادت النسبة المئويّة بأكثر من الضعف للنساء اللواتي دخلن الهيئات التشريعيّة في جميع أنحاء العالم، ولكنها لا تزال منخفضة عند حدود الـ ٢٤.٥ بالمائة من جموع أعضاء تلك الهيئات، وفقا لمؤشر قوة المرأة التابع لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي. ويصنف المؤشر الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة على أساس تقدّمها نحو تحقيق التكافؤ بين الجنسين في المشاركة السياسيّة. وفي عام ٢٠١٨، شغلت النساء في الولايات المتّحدة ما يعادل ٢٥ بالمائة من المقاعد في مجلسي النوّاب والشيوخ، وهي أكبر نسبة في تاريخ الولايات المتحدة، وتقارب تقريبا المعدّل العالميّ. وللمرة الأولى في تاريخ الولايات المتّحدة، ترشّحت ست نساء عن الحزب الديمقراطيّ للمنافسة على انتخابات رئاسة الولايات المتّحدة، منهنّ امرأتان من البشرة الملوّنة. وفي حين لم تنتخب الولايات المتحدة رئيسا من الجنس الأنثويّ بعد ، إلا أن ذلك الحدث حصل في ٦٤ دولة أخرى على الأقل. وعام ٢٠٢٠، شغلت النساء رئاسة دول وحكومات في ١٩ بلدا. ويرى بعض الخبراء أنّ التحيز لعب دورا هاما في ردع القيادة السياسيّة للمرأة. وعلى الرغم من التقدم المحرز في سد الفجوة بين الجنسين، فإن ما يعادل تسعة من كل عشرة رجال ونساء في جميع أنحاء العالم هم من المتحيزين ضد المرأة، وفقا لنتائج جديدة نشرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في آذار / مارس من هذا العام.
وتتعرض النساء عالميّا للهجوم نتيجة ممارستهنّ حقوقهنّ السياسيّة. ووفقا لمشروع بيانات مواقع النزاعات المسلّحة وفعالياتها، فقد تصاعدت الهجمات ذات الدوافع السياسيّة على النساء في كل منطقة من مناطق العالم تقريبا عام ٢٠١٩. كما أنّ النساء اللواتي يمارسن حقهن في التصويت يقعن ضحايا للعنف بمعدل أربعة أضعاف معدل تعرّض الرجال. وهذا يفسر جزئيا الارتفاع الأخير في النشاط السياسيّ النسائيّ، وخروج النساء إلى الشوارع وقيادتهن الاحتجاجات في جميع أنحاء العالم، من العراق إلى هونغ كونغ ومن المكسيك إلى السودان، ودعواتهنّ إلى اتخاذ إجراءات ضد الفساد السياسيّ وغياب المساواة والعنف الأسريّ. ولا يجب أن يقتصر اليوم العالميّ للمرأة على التفكير والتأمّل، بل يجب اتّخاذ قرارات فيه للتغيير والعمل لأنّ قضيّة المرأة ترتبط ارتباطا وثيقا بأولويات الأمن الوطني سواء تعلّق الأمر بمحاربة الإرهابيين أو مكافحة التدخل الأجنبي أو العمل على ترسيخ الديمقراطية. وفيما يهيمن الجنس الذكوري بشكل كاسح على إدارة ترامب التي تبدو غير مهتمة بتغيير ديناميتها الجنسانيّة، من واجب المرأة أن تستمرّ في كفاحها في قطاع الأمن الوطني، من خلال مبادرات مثل التعهد رقم ٥٠٥٠ لعام ٢٠٢٠ بتحقيق التكافؤ بين الجنسين، من أجل الإدماج الكامل للجنسين والتكافؤ على أعلى مستويات قيادة الأمن الوطني.