أوّل الكلام آخره:
- تعارض الدول القوية الأخرى، وبخاصة روسيا والصين، إدارة ترامب في سعيها لتمديد حظر نقل الأسلحة من إيران أو إليها الذي فرضته الأمم المتحدة.
- من المؤكد أنّ شقاقا سيقع في مجلس الأمن الدولي إذا سعت الولايات المتحدة إلى تفعيل أحد بنود القرار 2231 لاستعادة العقوبات التي رفعتها الأمم المتحدة بموجب الاتفاق النووي.
- حتى في حال نجاح الولايات المتحدة في فرض إستراتيجيتها في الأمم المتحدة، فليس من المرجّح امتناع روسيا والصين عن بيع الأسلحة التقليدية لإيران ابتداء من تشرين الأول / أكتوبر 2020 موعد انتهاء الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة.
- قد تؤدّي الجهود الأمريكية الرامية إلى تمديد الحظر إلى جعل الولايات المتحدة أكثر عزلة في سياستها ضدّ إيران.
أقر مجلس الأمن الدولي رسميا الاتفاق النووي التاريخي في تموز / يوليو 2015 بين إيران ومجموعة 5+1 التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، وأصدر قراره الشهير رقم 2231. وقد رفع هذا القرار جميع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة في قرارات سابقة، ولكن المجلس مدّد قرار حظر بيع أنظمة القتال الرئيسة إلى إيران وتصدير إيران لأسلحتها حتى 18 تشرين الأول / أكتوبر 2020. وكانت إدارة ترامب قد انسحبت من الاتفاق النووي عام 2018، بحجة انتهاء صلاحية بنود الاتفاق ولكونه لا يعالج التهديدات الإيرانية المختلفة. وتصر إدارة ترامب على تمديد الأمم المتحدة لحظر نقل الأسلحة من إيران وإليها، وتجعل ذلك جزءا من حملة «الضغط القصوى» المستمرة على إيران. وفي أوائل عام 2020، عممت الولايات المتحدة مشروع قرار لمجلس الأمن لهذا الغرض على حلفائها الأوروبيين الرئيسين فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا الذين وافقوا على تمديد الحظر، بخلاف روسيا والصين اللتين رفضتا علنا تمديد الحظر. وتسعى هاتان الدولتان إلى بيع طائرات مقاتلة ودبابات وسفن حربية إلى إيران. وكما هو معروف، تتمتع كل من موسكو وبكين بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي.
وقد هددت إدارة ترامب، في إطار جهودها لدفع مجلس الأمن إلى تمديد حظر نقل الأسلحة، باتخاذ تدابير دبلوماسية استثنائية. وفي 29 نيسان / أبريل، صرح وزير الخارجية مايك بومبيو للصحفيين بـ «أننا سنعمل مع مجلس الأمن الدولي لتمديد هذا الحظر على مبيعات الأسلحة، وفي حال لم نتمكن من حث الآخرين على التحرك، ستقوّم الولايات المتحدة كل الخيارات لتحقيق ذلك». وقد جاء تصريحه بعد يومين من نشر مقال لصحيفة نيويورك تايمز يفيد أنه في حال رفض المجلس تمديد حظر الأسلحة، فإن الولايات المتحدة ستسعى إلى تفعيل بند من بنود قرار مجلس الأمن رقم 2231 يسمح بإعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة، بما في ذلك الحظر. وفي 30 نيسان / أبريل، قال كبير مساعدي وزير الخارجية لشؤون إيران، السفير بريان هوك، للصحفيين إن «مجرّد قراءة» القرار 2231، ومن غير الحاجة إلى أيّ تأويل خاص، تظهر أن الولايات المتحدة لا تزال «مشاركة» في الاتفاق النووي فيما يتعلّق بالإنفاذ والتطبيق. وبموجب القرار، فإن تأكيد أحد المشاركين على انتهاك إيران للاتفاق، من شأنه أن يطلق مشروع قرار أوتوماتيكي يستعيد العقوبات. وإذا استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد هذا القرار فإنها قد تعيد بذلك فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة، وبالتالي يتحقق الهدف الأول وغير المعلن لإدارة ترامب المتمثل في إنهاء الاتفاق النووي لعام 2015 بالكامل.
وقد رد دبلوماسيون من روسيا والصين وأوروبا بقسوة على هذه التأكيدات، مشيرين إلى أن أي تحرك لواشنطن بفرض عقوبات مفاجئة، قد يحدث شرخا في مجلس الأمن. كما أكدوا على وضوح القرار 2231 الذي ينص على أنه لا يحق تطبيق آلية الالتفاف المذكورة أو ما يعرف بـ «سناب باك» إلا للمشاركين النشطين في الاتفاق النووي. وقد ورد أن الدبلوماسيين الأوروبيين الذين يؤيدون تمديد الحظر أبلغوا إدارة ترامب بأنه «إمّا أن تكون مشاركا أو غير مشارك في الاتفاق النووي»، فلا يمكن الجمع بين الأمرين، ولا يمكن للولايات المتحدة، بصورة قانونية، أن تعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة. ويؤكد الموقف الأوروبي على أنّ خلاف حلفاء الولايات المتحدة مع قرار إدارة ترامب الخروج من الاتفاق النووي وتطبيق سياسة حملة «الضغط القصوى» ما زال حاضرا بقوّة.
ومن شبه المؤكد أن روسيا والصين ستنكران شرعية إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة الأمريكية، وستسعيان على ما يبدو إلى استكمال عمليات بيع الأسلحة المخطط لها منذ فترة طويلة. ومن المرجح أن تلجأ إدارة ترامب حينها إلى قوانين العقوبات الأمريكية التي تعاقب الدول والهيئات التي تبيع الأسلحة إلى إيران. ومع ذلك، يصعب تصديق فعالية العقوبات الأمريكية في ردع روسيا والصين عن بيع أسلحة جديدة لإيران. وسوف ترد إيران على حل الاتفاق النووي بتوسعة جديدة في برنامجها النووي، وبهذا ستخفق الولايات المتحدة في تحقيق أي من أهدافها، ولن يزيدها ذلك إلّا عزلة.