أوّل الكلام آخرُه:
- أعرب مسؤولون أمريكيّون عن ثقتهم في أنّ سلسلةً من الغارات الجويّة بطائراتٍ مسيّرةٍ في اليمن قد أودت بحياة قاسم الريميّ زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في شهر كانون الثاني/ يناير.
- لا يزال تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، حتّى بعد خسارته العديد من المتشدّدين الرفيعي المستوى، قادرًا على التخطيط لهجماتٍ مكرّسةٍ لاستهداف الغرب.
- وتُعدّ خسارة الريميّ كبيرةً لأنّه كان بمثابة حلقة الوصل بين تنظيم القاعدة قبل أحداث 11 أيلول/ سبتمبر والتنظيم بعد تلك الأحداث.
- لقد كان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب هو الأكثر براعةً بين مختلف فروع القاعدة في تحقيق التوازن الفعّال بين الأهداف المحلّيّة والعالميّة.
أعرب مسؤولون أمريكيّون عن ثقتهم في أنّ سلسلةً من الغارات الجويّة بطائراتٍ مسيّرةٍ في اليمن قد أودت بحياة قاسم الريميّ زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، أحد أقوى مجموعات القاعدة، وذلك في شهر كانون الثاني/ يناير. وعلى ما يبدو فقد قتل الريميّ في مديريّة وادي عبيدة في مأرب بوسط اليمن، شرق صنعاء، وهي لطالما كانت معقلًا للمتشدّدين المرتبطين بتنظيم القاعدة. وعلى الرغم من أنّه لم يظهر متحدّثٌ رسميٌّ باسم الحكومة الأمريكيّة يُؤكّد رسميًّا مقتل الريميّ، إلّا أنّ الرئيس ترامب أعاد التغريد بعدّة مقالاتٍ تشير إلى الضربة الّتي حصلت في نهاية الأسبوع. واعتمدت هذه العمليّة جزئيًّا على المعلومات الاستخباراتيّة ذات المصدر البشريّ، الّتي استُخدمت لتحديد موقع الريميّ، الّذي اتّبعته بعد ذلك أنظمةٌ جويّةٌ من دون طيّارين على مدى عدّة أشهرٍ. هذا وقد كان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قد شهد تدهورًا خلال السنوات القليلة الماضية وذلك بعدما استهدفت المسيّرات والقوّات الخاصّة الأمريكيّة قياداته وخبراء صنع القنابل ووجوهه الدعائيّة البارزة. ومع ذلك، لا يزال تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، حتّى بعد خسارته العديد من المتشدّدين الرفيعي المستوى، قادرًا على التخطيط لهجماتٍ مكرّسةٍ لاستهداف الغرب.
وقد كان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب هو الأكثر براعةً بين مختلف فروع القاعدة في تحقيق التوازن الفعّال بين الأهداف المحلّيّة والعالميّة. وكان الريميّ قد نصب أميرًا لهذا التنظيم في حزيران/ يونيو من عام 2015 بعد أن خدم طويلًا في صفوف التنظيم قائدًا عسكريًّا، وابتكر إستراتيجيّةً كبرى تهدف إلى الحصول على دعم القبائل السنّيّة اليمنيّة من خلال محاربة الحوثيّين وتوسيع نفوذ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في محافظات أبين ومأرب وشبوة. وفي اليمن يتّبع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب إستراتيجيّة تنظيم القاعدة الطويلة الأمد مع الانخراط في المجتمع المحليّ والبقاء في الخفاء. وقد عملت هذه المجموعة طويلًا على خلق منظّماتٍ موازيةٍ لها تحت اسم أنصار الشريعة وعلى التمكين لشيوخ القبائل المحلّيّة الّذين يستخدمهم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيّة وكلاء في حربه لبسط السيطرة على الأراضي. وفي سبيل بناء رابط ثقةٍ مع الشركاء القبليّين المحلّيّين لا ينحو تنظيم القاعدة في جزيرة العرب منحى الصرامة في تطبيق قوانين الشريعة الّتي يتبنّاها، وذلك على عكس ما يقوم به داعش من ممارساتٍ صارمةٍ في الأراضي الّتي يُسيطر عليها. ويسعى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب إلى تثبيت شراكاته وترسيخها عبر تزويج بعض مقاتليه من نساءٍ من عوائل قبليّةٍ كبيرةٍ.
وعندما لم يتمكّن تنظيم القاعدة الأساسيّ على مدى سنواتٍ من شنّ هجماتٍ ضخمةٍ في الغرب، أدار تنظيم القاعدة في جزيرة العرب عدّة محاولاتٍ كادت تصيب في استهداف الطيران الأمريكيّ من ضمنها خطّة التفجير السهيرة باستخدام الملابس الداخليّة، وخطّته لتفجير طائرات شحنٍ أمريكيّةٍ باستخدام محابر ملغومةٍ كانت على متنها. وترتبط هذه العمليّات مباشرةً بالريميّ وبالمسؤول عن عمليّات التفجير في التنظيم إبراهيم حسن العسيري المتوفّى حاليًّا، والّذي وصفه مدير المخابرات الأمريكيّة ديفيد بترايوس بالرجل الأخطر على العالم. وفي عام 2013، عيّن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهريّ، ناصر الوحيشي، زعيم القاعدة في جزيرة العرب آنذاك، مديرًا عامًّا للقاعدة، وهذا الأمر يشير إلى أهمّيّة القاعدة في جزيرة العرب والموقع الّذي تحتلّه بين الفروع التابعة لتنظيم القاعدة. وتُعدّ خسارة الريميّ كبيرةً لأنّه كان بمثابة حلقة الوصل بين تنظيم القاعدة قبل أحداث 11 أيلول/ سبتمبر والتنظيم بعد تلك الأحداث، كما أنّه كان من قدامى المحاربين الّذين قضوا بعض الوقت في معسكر الفاروق التدريبيّ بالقرب من قندهار في أفغانستان. حتّى أنّ بعض المراقبين كان يتكهّن بأنّ الريميّ يُمكن أن يكون خليفة أيمن الظواهريّ أميرًا عامًّا للقاعدة، وذلك حين بدأت المنظّمة في التخطيط لمستقبلها، وهو المستقبل الّذي زاد غموضه بعد مقتل حمزة بن لادن. ويُمكن أن يكون خالد باطرفي خليفةً محتملًا للريمي أي أميرًا للقاعدة في جزيرة العرب. ويحتفظ أعضاءٌ بارزون آخرون في تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بأدوارٍ مؤثّرةٍ في المنظّمة بمن فيهم إبراهيم القوصي (المعروف أيضًا باسم خبيب السوداني) وسعد بن عاطف العولقي.
وفي شهر شباط/ فبراير من عام 2017، هدّد الريميّ في شريطٍ صوتيٍ للقاعدة في جزيرة العرب الرئيس ترامب. وبعد عدّة أشهرٍ من ذلك في شهر أيّار/ مايو 2017، ظهر الريميّ مجدّدًا في شريط فيديو يُشجّع فيه مؤيّدي القاعدة في جزيرة العرب على اغتنام الفرص لشنّ هجماتٍ «سهلةٍ وبسيطةٍ» مماثلةٍ لمذبحة ملهى أورلاندو الليليّ في شهر حزيران/ يونيو 2016. وفي شهر أيّار/ مايو ن سنة 2010، صنّفت وزارة الخارجيّة الأمريكيّة الريميّ «خطرًا ارهابيًّا عالميًّا» بموجب القرار التنفيذيّ 13224، وفي نفس الشهر أضيف الريميّ إلى القائمة الموحدّة للجنة الأمم المتحدة للجزاءات المنشأة بموجب القرار 1267 للأفراد المرتبطين بتنظيم القاعدة وتنظيم داعش. وعلى الرغم من التركيز على القضايا المتعلّقة برجال القبائل اليمنيّين، إلّا أنّ التنظيم كان ما زال قادرًا على لعب دورٍ مهمٍّ في الهجمات على تشارلي إيبدو في باريس بفرنسا في كانون الثاني/ يناير من عام 2015. ويُحافظ التنظيم أيضًا على علاقةٍ جيّدة مع حركة الشباب في الصومال وكان صلة التواصل بين مجموعات التنظيم الأخرى بما في ذلك بين حركة الشباب وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وعناصر القاعدة في سوريا. وأصدر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربيّة، لإثبات راهنيّته وأهميّته المستمرّة، بيانًا يُقدّر فيه هجوم بينساكولا الإرهابيّ الّذي قام به المواطن السعوديّ محمد الشمرانيّ.