- نصّب ما يُسمّى بتنظيم الدولة الإسلاميّة خليفته الجديد أبا إبراهيم الهاشميّ القرشيّ بعد مقتل الزعيم السابق للتنظيم أبي بكرٍ البغداديّ.
- إنّ تنصيب القرشيّ يبدو محاولةً لتأمين استمراريّة التنظيم ويؤشّر إلى أنّ الزعيم الجديد سوف يحمل إرث الخلافة.
- والتساؤلات المطروحة اليوم تدور حول استجابة المنظّمات والفروع المرتبطة بالتنظيم لهذا الإعلان.
- ومع تولّي القرشيّ الخلافة، ستواجه الولايات المتّحدة وحلفاؤها فجوةً استخباراتيّةً كبرى، حيث إنّها لا تستطيع توقّع ما قد يبدر من الخليفة الجديد.
.
نصّب ما يُسمّى بتنظيم الدولة الإسلاميّة خليفته الجديد أبا إبراهيم الهاشميّ القرشيّ بعد مقتل الزعيم السابق للتنظيم أبي بكرٍ البغداديّ على يد القوّات الخاصّة الأمريكيّة في مكان اختبائه في محافظة إدلب في سوريا. وأشار بيان التنظيم إلى القرشيّ بوصفه أميرًا للمؤمنين وخليفةً شرعيًّا مسلّطًا الضوء على انتسابه إلى النبيّ، وهو تفصيلٌ مهمٌّ جدًّا في تثبيت شرعيّته. ولا يُعرف الكثير عن القرشيّ. فهذا الاسم ليس سوى كنيته العسكريّة وليس اسمه الحقيقيّ وتبقى هويّة زعيم تنظيم الدولة الإسلاميّة الجديد محاطةً بالسرّيّة. ويتساءل محلّلون سياسيّون عديدون مختصّون بمسألة الإرهاب عمّا إذا كان عراقيًّا أو أجنبيًّا وتُرجّح الأغلبيّة الاحتمال الأوّل. وصرّح تنظيم الدولة الإسلاميّة أيضًا عن تعيينه ناطقًا رسميًّا جديدًا وهو أبو حمزة القرشيّ خلفًا لأبي حسن المهاجر الّذي قتل بعد يومٍ من مقتل البغداديّ شماليّ سوريا.
وعلى أهمّيّة استحصال ما يمكن استحصاله من المعلومات عن هذا الزعيم الجديد، فإنّه يجب أخذ عوامل أخرى بعين الاعتبار أيضًا. ويبدو تنصيب القريشيّ اختيارًا آمنًا فهو محاولةٌ لتأمين استمراريّة التنظيم كما وأنّه إشارةٌ لمناصري هذا التنظيم تطمئنهم بأنّ الزعيم الجديد سوف يحمل إرث الخلافة. وفي حين يرى البعض أنّ هذا الحدث هامشيٌّ، ينبغي الانتباه إلى أنّه يؤشّر إلى أنّ قيادة التنظيم لا تزال تعتقد بأنّها قادرةٌ على العمل كما في السابق في الوقت الّذي يستعدّ العالم فيه لإعلان نهاية داعش، فالإعلان هو في حقيقته إعلانٌ عن أنّ الأمور لا تزال على حالها، فلا يزال من الواجب إعلان البيعة والولاء للقيادة الجديدة وعلى فروع التنظيم أن تستمر بطلب المشورة من القرشيّ بخصوص كافّة عمليّاتها ونشاطاتها. فهذا التعيين هو خطوةٌ اتّبعها التنظيم من أجل ربط ماضيه بالمستقبل الّذي يَعِدُ به مناصريه، ومن أجل توكيد أنّ موت البغداديّ لن يعني أبدًا موت التنظيم الّذي استقطب في ذروته قرابة الـ 40000 مقاتلٍ أجنبيٍّ من 110 بلدانٍ مختلفةٍ. وستستمرّ فروع هذا التنظيم بالنشاط والعمل، وقد بادر عددٌ منها بالفعل إلى بيعة الخليفة الجديد. ولكن لا شكّ في أنّ موت البغداديّ سيُؤثّر بشكلٍ سلبيٍّ في صورة داعش.
ومع أنّ تنظيم الدولة الإسلاميّة تحرّك بشكلٍ سريعٍ مُنصّبًا خليفةً جديدًا، يبقى القرشيّ شخصيةً غير معروفةٍ، وهنا تطرح التساؤلات حول ما إذا كان القرشيّ شخصيةً موثوقةً وملهمةً بما فيه الكفاية لقيادة التنظيم خلال المرحلة المقبلة. فبعد موت أسامة بن لادن لوحِظ بأنّ شبكة القيادة والتحكّم لتنظيم القاعدة قد تأثّرت بشكلٍ سلبيٍّ، حيث إنّ قيادة بعض فروع التنظيم لم تكن مستعدّةً على نحوٍ تامٍّ لاتّباع أمير التنظيم الجديد أيمن الظواهريّ والّذي كان نائبًا لبن لادن لفترةٍ طويلةٍ. ولكن، وعلى العكس من داعش، استفادت القاعدة من وجود مجموعةٍ كبيرةٍ من القادة المخضرمين فيها ذوي الارتباط العميق بها والّذين لا يزال بعضهم منخرطين في عمل التنظيم اليوم. أمّا حالة داعش فهي مختلفةٌ تمامًا، فالتساؤلات الكبرى اليوم تدور حول قابليّة القريشيّ لملء فراغ القيادة بشكلٍ مناسبٍ. ومن الممكن أن يُقْدِم تنظيم القاعدة على محاولة استقطاب أعضاء تنظيم داعش مضعفًا إيّاه خلال الفترة الانتقاليّة المليئة بالتحدّيات.
في إعلانه عن وفاة البغداديّ، أصدر تنظيم داعش بيانًا أشار فيه إلى توسّع المجموعة في وسط إفريقيا وأطراف أوروبا، واعدًا بهجماتٍ جديدةٍ ومشيرًا إلى الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب بالاسم. وتُصارع الولايات المتّحدة الأمريكيّة الآن تداعيات القضاء على زعيم تنظيم الدولة الإسلاميّة. على الرغم من أنّه كان من الضروريّ تقديم البغداديّ إلى العدالة، إلّا أنّ وفاته تذكّر بالورطة الّتي تشكّلها عمليّات اغتيال قادة المجموعات المسلّحة. وكما يُقال فإنّ الإنسان عدوّ ما جهل. ومع تولّي القرشيّ الخلافة، ستواجه الولايات المتّحدة وحلفاؤها فجوةً استخباراتيّة كبرى، حيث إنّها لا تستطيع، ولفترةٍ من الزمن، توقّع ما قد يبدر من الخليفة الجديد، ولا معرفة شيءٍ عن كفاءته في الاستقطاب وفي بناء الإستراتيجيّات العسكريّة وفي الاستمرار في إنشاء الفروع على مستوى العالم.