أوّل الكلام آخرُه:
- عاد تنظيم الشباب الجهاديّ المرتبط بتنظيم القاعدة في الصومال إلى الساحة من جديد مظهرًا قدرته على شنّ الاعتداءات والإفلات من العقاب.
- ومنذ شهر آذار/ مارس من عام 2017، شنّت حركة الشباب قرابة الـ 900 اعتداءٍ على المدنيّين ومئات الاعتداءات الأخرى على القوّات الأمريكيّة والصوماليّة والكينيّة.
- وتسيطر حركة الشباب على مناطق شاسعةٍ في الأجزاء الريفيّة من الصومال ولا سيّما في مناطق الجنوب ووسط البلاد، وتشنّ هجماتها على العاصمة مقديشو.
- وأظهرت هذه الفصائل المسلّحة قدرتها على تظهير قوّتها خارج حدود الصومال، ففي كينيا مثلًا تسبّب اعتداءٌ قامت به حركة الشباب بمقتل جنديٍّ أمريكيٍّ ومقاولين من القطاع الخاصّ فضلًا عن تدمير ستّ طائراتٍ.
عاد تنظيم الشباب الجهاديّ المرتبط بتنظيم القاعدة في الصومال إلى الساحة من جديد مظهرًا قدرته على شنّ الاعتداءات والإفلات من العقاب. ففي أواخر شهر كانون الأوّل/ ديسمبر من عام 2019، شنّ تنظيم الشباب هجومًا بشاحنةٍ مفخّخةٍ عند تقاطع شوارع مكتظٍّ في مقديشو ممّا أدّى إلى مقتل 79 شخصًا وجرح 149 آخرين. ويشبه هذا الاعتداء اعتداءً آخر بشاحنتين مفخّختين حصل في شهر تشرين الأوّل/ أكتوبر عام 2019 وسقط فيه قرابة الـ 600 قتيلٍ من المدنيّين. ومن المفترض أن تتولّى القوّات الصوماليّة مسؤوليّة الأمن في البلاد في شهر أيّار/ مايو وذلك بعد خروج قوّات الاتّحاد الأفريقيّ من البلاد. وأعرب العديد من المراقبين عن قلقهم من جرّاء هذا الانسحاب الّذي قد يُسفر برأيهم عن زيادة حالة غياب الاستقرار الّتي تسود البلاد. وفضلًا عن عمليّة الاتّحاد الإفريقيّ لحفظ السلام، ينخرط مئاتٌ من عناصر قوّات العمليّات الخاصّة في الجيش الأمريكيّ المعروفين بكفاءتهم العالية في القتال بوجه حركة الشباب.
ومنذ شهر آذار/ مارس من عام 2017، شنّت حركة الشباب قرابة الـ 900 اعتداءٍ على المدنيّين ومئات الاعتداءات الأخرى على القوّات الأمريكيّة والصوماليّة والكينيّة. وخلال السنوات الخمس عشرة الماضية، شهدت قوّة الحركة وقدراتها مدًّا وجزرًا حيث خسرت بعض مناطق نفوذها وتعرّضت لهزائم ميدانيّةٍ فضلًا عن عمليّات الاغتيال الّتي أطاحت بعددٍ من قادتها الكبار. إلّا أنّ الحركة أثبتت قدرتها على الصمود حتّى في وجه حملات الضربات الجويّة الضخمة الّتي كانت تقوم بها القوّات الأمريكيّة على مقاتليها ومنشآتها. وفي عام 2019، شنّ البنتاغون 60 هجومًا بالطائرات المسيّرة في الصومال وكانت حصّة الأسد من هذه الهجمات من نصيب حركة الشباب، أمّا بقيّة الهجمات فاستهدفت عناصر ما يُسمّى بتنظيم الدولة الإسلاميّة في الصومال (المرتبط بداعش). على أنّ تنظيم الدولة الإسلاميّة في الصومال ينحصر في منطقة بونتلاند في شمال شرقيّ البلاد، ولا يتعدّى عدد مقاتليه بالمجمل بضع مئاتٍ. ولذلك فإنّ حركة الشباب تبقى المجموعة «الجهاديّة» الأهمّ في الصومال، وهي لطالما سعت إلى الحدّ من انتشار نطاق عمليّات تنظيم الدولة الإسلاميّة في البلاد.
وتسيطر حركة الشباب على مناطق شاسعةٍ في الأجزاء الريفيّة من الصومال ولا سيّما في مناطق الجنوب ووسط البلاد، وتشنّ هجماتها على العاصمة مقديشو. وتجمع حركة الشباب أموالها عبر فرض خوّاتٍ على المواطنين ورجال الأعمال في المناطق الّتي تسيطر عليها. وتنخرط الحركة أيضًا في نشاطاتٍ اقتصاديّةٍ غير مشروعةٍ تشمل فرض ضرائب على الإنتاج الزراعيّ فضلًا عن القيام بعمليّاتٍ إجراميّةٍ حول مرفأ مقديشو. وسهّلت مصادر التمويل المتوفّرة دائمًا على الحركة تصنيعها للموادّ المتفجّرة الأمر الّذي يُفسّر اتّجاه الحركة الدائم نحو العمليّات الإرهابيّة الضخمة الّتي تُستخدم فيها سيّاراتٌ وشاحناتٌ محمّلةٌ بالموادّ المتفجّرة. وتمتلك حركة الشباب شبكةً استخباراتيّةً ضخمةً في البلاد وتشير الشائعات إلى أنّ الحركة تمكّنت من النفاذ إلى المؤسّسات الحكوميّة الصوماليّة. والصومال ومعها القرن الإفريقيّ برمّته هي اليوم حلبةٌ تتنافس عليها القوى العظمى في العالم وفي المنطقة حيث تدعم دول الخليج الفصائل المسلّحة وتمدُّها بالأسلحة والتجهيزات والتدريبات. ومنذ عام 2012، نشرت الإمارات العربيّة المتّحدة قوّاتٍ خاصّةً في الصومال لمكافحة عمليّات القرصنة والمساعدة في إنشاء موانئ تجاريّةٍ وقواعد عسكريّةٍ في خليج عدن والمناطق المحيطة به.
وأظهرت هذه الفصائل المسلّحة قدرتها على تظهير قوّتها خارج حدود الصومال، ففي كينيا مثلًا تسبّب اعتداءٌ قامت به حركة الشباب بمقتل جنديٍّ أمريكيٍّ ومقاولين من القطاع الخاصّ فضلًا عن تدمير ستّ طائراتٍ. وجاء هذا الاعتداء الّذي استهدف القاعدة الجويّة في ماندا باي الأخير في سلسلة اعتداءاتٍ أقدمت عليها حركة الشباب في كينيا حيث شنّ مقاتلو التنظيم سابقًا هجماتٍ على مراكز تجاريّةٍ وفنادق وجامعاتٍ ومنشآت نقلٍ عامّةٍ. وتجدر الإشارة إلى أنّ غياب الحكم الرشيد قد أغرق الصومال في عقودٍ من الفساد. وفي ظلّ حدودٍ جغرافيّةٍ غير محصّنةٍ وضعفٍ في القوى الأمنيّة ومستويات فسادٍ عاليةٍ لا يبدو غريبًا أن يسود شعورٌ بغياب القانون وفشل الحكومة. زد على ذلك أنّ الخلاف المتزايد بين حكومة الصومال المركزيّة والولايات الفيدراليّة على القانون الانتخابيّ قد أحبط كلّ الجهود الساعية إلى الإصلاح الحكوميّ. وعلى غرار طالبان في أفغانستان وداعش في سوريا والعراق، عمدت حركة الشباب إلى ملء فراغ السلطة ولعبت دورًا هامًّا في عمليّات الوساطة لحلّ النزاعات فضلًا عن نشرها لنظام العدالة الخاصّ بها. الأمر الّذي أعطى للحركة نوعًا من الشرعيّة في عيون الشعب بالرغم من عمليّاتها المستمرّة الّتي تستهدف المدنيّين.