أوّل الكلام آخرُه:
- شكّلت شرطة مدينة نيويورك وحدةً خاصّةً جديدةً لمكافحة التطرّف المبنيّ على تفوّق العرق الأبيض وسائر أشكال التطرّف العنفيّ المدفوع بدوافع إثنيّةٍ أو عنصريّةٍ.
- وجاء الإعلان عن هذه الوحدة في أعقاب اعتداءٍ إرهابيٍّ محليٍّ استهدف مطعمًا لليهود وأدّى إلى مقتل أربعة أشخاصٍ من ضمنهم شرطيٌّ.
- ونشر معهد الاقتصاد والسلام مؤخّرًا دليله للإرهاب العالميّ مشيرًا إلى أنّ حوادث الإرهاب الّتي يقوم بها اليمين المتطرّف قد ارتفعت بنسبة 320 في المئة حول العالم خلال السنوات الخمس الماضية.
- وفي أيلول/ سبتمبر من عام 2019 أصدر مركز صوفان تقريرًا حول انتشار التطرّف العابر للحدود الوطنيّة والمبنيّ على تفوّق العرق الأبيض، وهو ما يشير إلى عالميّة هذا التهديد.
ردًّا على انتشار حوادث الإرهاب المحلّيّة، أعلن عمدة مدينة نيويورك عن إنشاء وحدةٍ مختصّةٍ جديدةٍ في شرطة مدينة نيويورك وهي وحدةٌ تعنى «بالتطرّف المبنيّ على التمييز العنصريّ والإثنيّ». وتندرج هذه الوحدة الجديدة ضمن مركز المعلومات الاستخباراتيّة التابع لإدارة شرطة مدينة نيويورك. وسيكون محور عمل هذه الوحدة هو التحقيق في الأعمال الإرهابيّة المدفوعة بدوافع عنصريّةٍ وإثنيّةٍ ومن ضمنها العمليّات المرتبطة بالمجموعات الّتي تدعم سيادة البيض مثل وحدة Atomwaffen وهي مجموعةٌ من النازيّين الجدد. وجاء هذا التصريح بُعيد اعتداء العاشر من كانون الأوّل/ ديسمبر الجاري في مدينة جيرسي بولاية نيوجرسي والّذي استهدف مطعمًا يهوديًّا وأودى بحياة ثلاثة مدنيّين فضلًا عن إصابة آخرين. وقبل قيام المعتدي باعتدائه، قتل ضابطًا في الشرطة أيضًا. ويرتبط أحد المتّهمين بارتكاب هذا الاعتداء بالحركة العبريّة الإسرائيليّة السوداء وهي مجموعةٌ لا ترتبط باليهوديّة المعروفة كان المركز القانونيّ الجنوبيّ للفقر قد صنّفها مجموعة كراهيةٍ. وقد نشر هذا المتّهم نفسه محتوًى معاديًا للساميّة على الإنترنت وذلك بحسب بعض المسؤولين عن إنفاذ القوانين.
وستضمّ هذه الوحدة المستحدثة، بحسب التقارير الواردة، ممثّلين من شرطة ولاية نيوجيرسي وبنسيلفانيا فضلًا عن عملاء فدراليّين من مكتب الكحول والتبغ والأسلحة والمتفجّرات. على أنّ تبعيّة هذه الوحدة لسلطات مدينة نيويورك تكتسب أهميّةً خاصّةً لأنّ بعض المحقّقين في نيوجيرسي غير قادرين على مواكبة التحدّيات المتعاظمة الّتي يشكّلها اليمين المتطرّف. ومؤخّرًا ألقت الشرطة في مقاطعة ساسكس في نيوجيرسي القبض على عددٍ من الأشخاص المرتبطين باليمين المتطرّف إلّا أنّ الولاية وخصوصًا على مستوى المقاطعات لا تستحوذ على الموارد الكافية للتعامل بشكلٍ مهنّيٍّ مع التهديدات المتنامية. وبحسب التقارير فإنّ الوحدة الجديدة المستحدثة قد باشرت بعددٍ من التحقيقات. وبالمقارنة مع الخطوات الاستباقيّة الّتي اتّخذها المسؤولون الحكوميّون في مدينة نيويورك، يبدو الجناح التنفيذيّ في الحكومة الأمريكيّة بطيئًا في تعامله مع التهديد المتنامي للإرهابيّين المحلّيّين. وفي حين شدّد تقرير الإستراتيجيّة الوطنيّة لمكافحة الإرهاب الصادر عن الحكومة الأمريكيّة عام 2018 على ضرورة جعل التحقيقات في مجال الإرهاب المحلّيّ أولويّةً، لم تخصّص موارد بشريّةٌ وماليّةٌ كافيةٌ لمواجهة التهديد الّذي يُسبّبه الأشخاص المتطرّفون الداعمون لتفوّق العرق الأبيض. فعلى سبيل المثال لم تفرض الحكومة الأمريكيّة أيّ عقوباتٍ على أيّ نوعٍ من أنواع المجموعات العنصريّة البيضاء ولم تصنّف أيًّا منها منظّمةً إرهابيّةً أجنبيّةً.
وفي حين لم يكن الإرهابيّون المحلّيّون في مدينة جيرسي من المؤمنين بتفوّق البيض إلّا أنّ اعتداءهم من حيث دوافعه واستهدافه مجموعةً إثنيّةً دينيّةً وهي اليهود كان مشابهًا للاعتداء الّذي أقدم عليه أحد داعمي فوقيّة البيض في تشرين الأوّل/ أكتوبر عام 2018 على كنيس شجرة الحياة في بيتسبرغ في بنسلفانيا. وتشير أغلب التقارير والتحليلات، بما في ذلك التقرير الصادر في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 عن معهد الاقتصاد والسلام، إلى تزايد الاعتداءات الإرهابيّة الّتي يقوم بها اليمين المتطرّف في الغرب ولا سيّما في غربيّ أوروبا وشمال أمريكا وأوقيانيا. فقد تضاعفت هذه الاعتداءات بنسبة 320 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية. وبحسب تقرير المعهد عينه، زاد إجماليّ عدد القتلى جرّاء اعتداءات مجموعات اليمين المتطرّف بنسبة 52 في المئة عام 2018.
وتعكس المعلومات الواردة في تقرير المعهد العديد من الاتّجاهات الّتي كان مركز صوفان قد لاحظها في تقريره الصادر في أيلول/ سبتمبر من عام 2019 الخاصّ بالتطرّف الأبيض وطبيعته العابرة للحدود القوميّة. وقد سلّط ذلك التقرير الضوء بشكلٍ خاصٍّ على الاعتداءات الّتي يقوم بها أشخاصٌ يؤمنون بتفوّق العرق الأبيض مثل اعتداءي كرايست تشيرش في نيوزيلندا اللذين قام بهما برينتون تارانت في مسجدين واللذين قضى جرّاءهما 51 قتيلًا. وأشار تقرير مركز صوفان أيضًا إلى تحوّل أوكرانيا إلى منطلقٍ ومحطّةٍ للمتشدّدين الّذين يؤمنون بتفوّق العرق الأبيض خصوصًا بعد أن دخل 17000 مقاتلٍ أجنبيٍّ إليها. وفي حين أصبحت أوكرانيا ملعبًا ومختبرًا لهؤلاء المتشدّدين لاكتساب تكتيكاتٍ في ساحات القتال، بقي المركز الفكريّ للحركة متمركزًا في الولايات المتّحدة الأمريكيّة. وبينما تبدو الولايات المتّحدة الأمريكيّة مصدّرةً لأيديولوجيّة تفوّق العرق الأبيض، تواجه على الصعيد المحليّ عددًا من التهديدات الّتي لم تبحث بالقدر الكافي. وتُعدّ جهود شرطة مدينة نيويورك في هذا المجال مثالًا للوكالات الأخرى المنوط بها إنفاذ القوانين، ومن ضمنها الوكالات الفدراليّة، لما يمكن القيام به للتعامل مع الإرهاب المحليّ والتطرّف المبنيّ على مبدأ تفوّق العرق الأبيض في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، والحدّ من انتشارهما.