أوّل الكلام آخرُه:
- احتمال فوز المتشدّدين الإيرانيّين في الانتخابات البرلمانيّة في ٢١ شباط/فبراير ٢٠٢٠.
- استخدم متشدّدو النظام آليّات السلطة المتاحة لاستبعاد العناصر المعتدلة والمنتقدة للنظام من الترشّح للانتخابات.
- نسبة الإقبال في الانتخابات المقبلة تعدّ مؤشّرًا هامًّا على نجاح الجهود الّتي يبذلها النظام لتشكيل الانتخابات لصالحه.
- من المرجّح زيادة حدّة التوتّرات بين إيران والولايات المتحدّة بسبب الانتخابات.
يتوجّه الناخبون الإيرانيّون إلى صناديق الاقتراع في ٢١ شباط/ فبراير ٢٠٢٠ لانتخاب ممثّلين عن المجلس الحادي عشر، وهو البرلمان الإيرانيّ المؤلّف من مئتين وتسعين مقعدًا. وتجري الانتخابات على أساس المحافظات، وترسل محافظة طهران ثلاثين مرشّحًا إلى المجلس، وهي بهذا تحظى بأكبر عددٍ من الممثّلين بين المحافظات. وكما هو الحال في جميع الانتخابات الإيرانيّة، يفحص مجلس صيانة الدستور أوراق المرشّحين قبل اعتماد ترشيحهم، ومجلس الصيانة هذا هو هيئةٌ مكوّنةٌ من اثني عشر عضوًا، ولها فروعٌ في كلّ محافظةٍ، ومكلّفةٌ بضمان توافق جميع التشريعات مع الشريعة الإسلاميّة والدستور الإيرانيّ. ويعيّن المرشد الأعلى والقضاء الإيرانيّ أعضاء مجلس صيانة الدستور، على أنّ القضاء يسيطر عليه حاليًّا المتشدّدون الّذين لم يخجلوا من إحكام قبضتهم على سلطة التدقيق لتشكيل المرشّحين المحتملين حسب مصلحتهم.
من الواضح سعي المتشدّدين المسيطرين على المراتب العليا في النظام إلى ضمان السيطرة على المجلس الحادي عشر، مع انتخاب أقلّ عددٍ ممكنٍ من المعتدلين. فقد خسر المتشدّدون جميع الانتخابات الوطنيّة الثلاثة الماضية، انتخابات المجلس عام ٢٠١٦ والانتخابات الرئاسيّة عامي ٢٠١٣ و٢٠١٧، حيث فاز بالولايتين حسن روحاني، وهو رجل دينٍ معتدلٌ يدعو إلى التعامل مع الغرب ومع الولايات المتحدّة الأمريكيّة. لم يكن روحاني المرشّح المفضّل للمرشد الأعلى علي خامنئي في أيّ من الانتخابات الرئاسيّة، فقد عُرف عنه أنّه فضّل انتخاب إبراهيم رئيسي، في انتخابات عام ٢٠١٧. ومن المعروف أنّ روحاني لن يحقّ له الترشّح في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة، ولذلك فقد يعدّ نجاح التيّار المتشدّد في انتخابات المجلس خطوةً أولى باتّجاه استعادة الرئاسة. وخلال الأسبوع الأول من كانون الأول/ ديسمبر ٢٠١٩، ترشّح ما يقارب خمسة عشر ألف شخصٍ عن مئتين وتسعين مقعدًا. وقد استبعد مجلس الصيانة ما يعادل النصف، ممّا قلّص إجماليّ عدد المرشّحين إلى حوالى تسعة آلاف مرشّحٍ كما استبعد تسعين من المسؤولين، معظمهم من المعتدلين أو الإصلاحيّين، ما أثار انتقاداتٍ من جانب روحاني وآخرين بسبب ما عدّوه إفراطًا في الاستنسابيّة. وفي حين أنّ لعبة المتشدّدين قد تضمن تشكيل مجلسٍ يناسبهم، فقد يلعب هذا الاستبعاد دورًا في خفض إجمالي نسبة التصويت. وكان خامنئي وغيره من المتشدّدين يسعون دائمًا إلى تشجيع الإقبال الكبير على الانتخابات الإيرانيّة بوصفه شاهدًا على الدعم الشعبيّ لنظام الحكم الإسلامي وتحدّيًا للولايات المتّحدة.
ويُقال إنّ النظام يأمل في أن تتجاوز نسبة التصويت الستّين بالمائة وهي نسبة التصويت في انتخابات المجلسين الماضيين، لكنّ العديد من الناخبين المعتدلين ومنتقدي النظام يرون أنّ الاستبعاد الحاصل هو تزويرٌ للانتخابات ومن الأفضل البقاء في المنازل. وستقوم إدارة ترامب بتحليل نتائج الانتخابات الإيرانيّة عن كثبٍ لتحديد آثار حملتها «الضغط الأقصى» على المشهد السياسيّ الإيرانيّ وآليّات صنع القرار في النظام. وتستخدم إدارة ترامب، كما فعلت الإدارات الأمريكيّة السابقة، عمليّة التدقيق الّتي يجريها مجلس صيانة الدستور للتدليل على أنّ الانتخابات الإيرانيّة ليست حرّةً ولا عادلةً. ومن المرجّح أن تشير الإدارة الأمريكيّة إلى أنّ انخفاض نسبة الإقبال على التصويت، إن حصل، هو دليلٌ على افتقاد النظام دعم الشعب الإيرانيّ، وعلى أنّ السياسة الأمريكيّة للضغط على النظام هي سياسةٌ ناجحةٌ.
ومع ذلك، تجري الانتخابات الإيرانيّة في سياقٍ تبادلت فيه الولايات المتحدّة وإيران مؤخّرًا الأعمال العدائيّة، حتّى لو أنّ الجانبين قد اختارا مؤقّتًا التهدئة. وإذا فاز المتشدّدون في انتخابات المجلس، كما هو متوقّعٌ، فقد يفسّر النظام هذا الفوز على أنّه دعمٌ لسياسته المتمثّلة في المقاومة القصوى للسياسة الأمريكيّة، بما في ذلك التملّص التدريجيّ من التزامات الاتّفاق النوويّ الموقّع عام ٢٠١٥ وهجمات حلفاء إيران المستمرّة على السفارة الأمريكيّة في بغداد وغيرها من المواقع التي يستخدمها الموظّفون الأمريكيّون في العراق. كما لا يمكن استبعاد ضربةٍ إيرانيّةٍ تشبه تلك الّتي وقعت في أيلول/ سبتمبر ٢٠١٩ وأصابت البنية التحتيّة للطاقة السعوديّة. ويمكن لإجراءاتٍ من هذا القبيل، أن تعزّز موقع المتشدّدين داخل البنية السياسيّة للولايات المتحدّة وأن تخلق ضغوطًا على الرئيس ترامب للردّ، حتّى على الصعيد العسكريّ. لهذا لا يجب الاستخفاف باحتمال وقوع المزيد من الأعمال العدائيّة بين الولايات المتحدّة وإيران بسبب الانتخابات الإيرانيّة.