أوّل الكلام آخره:
- إيران هي مركز الشرق الأوسط لانتشار وباء فيروس كورونا (كوفيد-١٩).
- يزيد فشل القادة الإيرانيّين حتّى الآن في احتواء الفيروس تحدّيا إلى التحديات المستمرة الأخرى للنظام، ومنهاالاضطرابات الداخليّة والضغوط الاقتصاديّة والعسكريّة الأمريكية.
- أصبحت إيران أكثر عزلة في المنطقة بسبب إغلاق جيرانها لحدودها.
- قد تعيق آثار العقوبات السلبية على البنية التحتيّة للرعاية الصحية قدرة إيران على مواجهة الفيروس.
يثير انتشار وباء فيروس كورونا (كوفيد-١٩) في إيران تساؤلات حول شفافية النظام الإيرانيّ وكفاءة نظام الرعاية الصحّيّة في البلاد. وحتى ١٠ آذار / مارس ، ووفقا للأرقام الحكوميّة الرسمية، تأكّد إصابة أكثر من ٨٠٠٠ حالة بالفيروس، وهو أعلى عدد في أي بلد في الشرق الأوسط ولا يفوقه في العالم إلا أعداد الحالات المسجلة في الصين وإيطاليا. وقد توفي ما يقارب ٣٠٠ إيراني بسبب المرض، بمن فيهم أحد مستشاري المرشد الأعلى. وقد جاءت نتيجة فحص العديد من المسؤولين الإيرانيين إيجابية، ومنهم نائب وزير الصحة، ونائب الرئيس، وحوالي ١٠% من أعضاء البرلمان الإيراني الذي يضم ٢٩٠ مقعدا. وجعل انتشار الوباء من إيران منطقة أكثر عزلة في محيطها، لأن معظم سكان المنطقة المصابين بالفيروس كانوا قد سافروا إلى إيران. وقد منعت العديد من البلدان المجاورة لإيران، ومنها العراق وقطر، السفر منها وإليها. وقد أدّت هذه القيود إلى تراجع حاد في زيارات الطائفة الشيعيّة للعتبات المقدسة في النجف وكربلاء.
وفي محاولة لتجنب الاعتراف بالضعف، نفى المسؤولون الإيرانيون بادئ الأمر التقارير الأوّلية عن إصابة الإيرانيّين بالفيروس. ويشتبه بعض مسؤولي الصحة العالميين في أن عدد الإيرانيين المصابين أكبر بكثير مما تعترف به الحكومة الإيرانيّة. ولم يعترف المسؤولون الإيرانيّون بانتشار المرض بين الشعب الإيرانيّ حتى ١٩ شباط / فبراير، وحتى حينئذ، ادعى مسؤولو الصحة الإيرانيون شفافيتهم. ولكن هذا الاعتراف المتأخر عزز الاستياء العام من شفافية الحكومة، فهو قد حدث بعد شهر واحد من احتجاج الإيرانيّين على نفي الحكومة الأوّلي بأن قوات الدفاع الجوي التابعة لها قد أسقطت طائرة ركاب أوكرانية عن طريق الخطأ في ٨ كانون الثاني / يناير ٢٠٢٠. وفي تشرين الثاني / نوفمبر ٢٠١٩، وقعت احتجاجات في أكثر من مئة مدينة وبلدة إيرانية بسبب إعلان الحكومة المفاجئ عن ارتفاع أسعار الوقود. وفي الوقت نفسه، يعكس تردّد الحكومة في اعترافها بمدى انتشار المرض مخاوف المرشد الأعلى علي خامنئي المستمرة من الظهور ضعيفا أمام خصوم إيران، ولا سيما الولايات المتّحدة.
تضيف الانتقادات العامة والعالمية لتعامل الحكومة مع تفشي الوباء ضغوطا على النظام الذي يكافح بالفعل للتعامل مع سياسة «الضغط الأقصى» للولايات المتحدة على الاقتصاد الإيراني. وقد ساهمت السياسة الأمريكية في زيادة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، والتي تصاعدت إلى أعمال عدائية في كانون الأول / ديسمبر ٢٠١٩ وكانون الثاني / يناير ٢٠٢٠. و في إيران، أعطى الانتشار السريع لفيروس كورونا (كوفيد-١٩) المسؤولين الأمريكيين سبيلا إضافيا لعزل إيران دبلوماسيا. ومنذ أواخر شباط / فبراير، أكد وزير الخارجية مايك بومبيو، في عدة مناسبات، تعمّد إيران إلى التعتيم على البيانات المتعلقة بانتشار الفيروس، وألقى باللوم على إيران وفشلها في احتواء المرض فيما خصّ انتشار فيروس كورونا في جميع أنحاء المنطقة.
ومع ذلك، فإن قدرة إدارة ترامب على انتقاد تعامل إيران مع الأزمة الصحية محدودة بسبب الاعتقاد الشائع بأنّ العقوبات الأمريكيّة مسؤولة عن إضعاف نظام الرعاية الصحية الإيراني بشكل عام. فقد قللت العقوبات بالفعل من توافر السلع الطبية داخل إيران لأنه على الرغم من إعفاء مبيعات هذه السلع من العقوبات الأمريكية، فإن البنوك العالمية كانت مترددة في تمويل أي معاملات تتعلق بإيران. وبناء على ذلك، فإن قدرة طهران على استيراد أي سلع، بما في ذلك المواد الطبية، قد أعيقت بشكل كبير. وفي شباط / فبراير، وفي محاولة لمواجهة الانتقادات القائلة بأن العقوبات الأمريكية على إيران تؤدي إلى تراجع الجهود العالمية لاحتواء المرض، عرضت إدارة ترامب على إيران المساعدة وأصدرت توجيهات جديدة لتسهيل التبرعات الأمريكية الخاصة بالمعدات الطبية إلى إيران، ولكنّ إيران رفضت هذه المساعدات في نهاية المطاف. ويرى العاملون الصحيون العالميون أن التبرعات الأميركية لا تؤثر إلا بشكل ضئيل على قدرة إيران في التعامل مع تفشّي المرض. ويبقى السؤال مطروحا حول ما إذا كان الرأي العام الإيراني يلوم حكومته أو العقوبات الأمريكية على الانتشار السريع لفيروس كورونا (كوفيد-١٩).