أوّل الكلام آخرُه:
- ردّت إيران على مقتل اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوريّ الإيرانيّ بإطلاق ما يزيد على عشرين صاروخًا باليستيًّا على قواعد عراقيّةٍ تتمركز فيها قوّاتٌ أمريكيّةٌ.
- وفي الثامن من كانون الثاني/ يناير، أعلن الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب فرض المزيد من العقوبات على إيران، لكنّه أشار أيضًا إلى أنّ «الولايات المتّحدة الأمريكيّة تريد السلام مع كلّ من يسعون إليه».
- دعا ترامب الناتو إلى أن ينخرط أكثر في الشرق الأوسط، ملمّحًا بذلك إلى إمكانيّة أن تحلّ الجهود الدبلوماسيّة محلّ القوّة العسكريّة.
- على الرغم من أنّ التوتّرات قد تتراجع في المدى القريب، إلّا أنّ قليلين جدًّا هم الّذين يعلمون ما من الممكن أن تقدم عليه إيران، فطهران اليوم ما زالت في طور تحديد الخطوات الأخرى الّتي ستتّبعها من أجل الردّ على مقتل سليماني.
في 8 كانون الثاني/ يناير، ردّت إيران على مقتل اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوريّ الإيرانيّ بإطلاق ما يزيد عن عشرين صاروخًا باليستيًّا على قواعد عراقيّةٍ تتمركز فيها قوّاتٌ أمريكيّةٌ. ولاحقًا في اليوم نفسه أعلن الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب فرض المزيد من العقوبات على إيران، لكنّه أشار أيضًا إلى أن «الولايات المتّحدة الأمريكيّة تريد السلام مع كلّ من يسعون إليه». وبعد الانتقادات الشديدة لخطّة العمل الشاملة المشتركة (الاتّفاق النوويّ الإيرانيّ) الّتي تفاوضت عليها إدارة أوباما وحلفاؤها الأوربيّون، أشار ترامب إلى أنّ إيران تبدو وكأنّها متقبّلةٌ للتراجع في مواقفها. وأعلن وزير الخارجيّة الإيرانيّ جواد ظريف من ناحيته عن رغبة إيران في تخفيف التوتّرات وذلك من خلال تغريدةٍ على تويتر بعد الهجوم، معلنًا أنّ إيران «اتّخذت وأكملت إجراءاتٍ متناسبةً للدفاع عن النفس، وأنّها لا تسعى إلى التصعيد أو الحرب». وفشل الهجوم في قتل أيّ أمريكيٍّ، ممّا جعل بعض المراقبين يراها محاولةً لتهدئة السكّان المحليّين في إيران وتقليص النزاع مع واشنطن في نهاية المطاف.
ودعا ترامب الناتو إلى أن ينخرط أكثر في الشرق الأوسط، وسلّط الضوء أيضًا على العديد من الدول بالاسم، بما في ذلك المملكة المتّحدة وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين، وطلب مساعدتها في منع إيران من زعزعة استقرار المنطقة. ولمّح الرئيس إلى إمكانيّة أن تحلّ الجهود الدبلوماسيّة محلّ القوّة العسكريّة، لكنّه أكّد أنّ الولايات المتّحدة لن تقف مكتوفة الأيدي في انتظار مزيدٍ من الاستفزازات الإيرانيّة. لكن قد يستغرق الأمر شهورًا لإحراز تقدّمٍ ملموسٍ في إعادة التفاوض على الاتّفاق النوويّ الإيرانيّ، وهذا مع التسليم جدلًا أنّ الإيرانيّين قد يقبلون السير في هذا الاتّجاه. وفي غضون ذلك، يبقى السؤال قائمًا: هل ستتجاوز طهران الحدود عبر استخدام حلفائها لشنّ اعتداءاتٍ في المنطقة تشبه تلك الّتي وقعت صيف عام 2019، وكيف سيكون الردّ الأمريكيّ حينها؟
على الرغم من أنّ التوتّرات قد تتراجع في المدى القريب، إلّا أنّ قليلين جدًّا هم الّذين يعلمون ما من الممكن أن تقدم عليه إيران، فطهران اليوم ما زالت في طور تحديد الخطوات الأخرى الّتي ستتّبعها من أجل الردّ على مقتل سليماني. إذا قرّرت إيران ضرب الولايات المتّحدة الأمريكيّة، فمن المحتمل أن تفعل ذلك عبر قوّات حلفائها في اليمن وسوريا ولبنان والعراق، وكلٌّ منها قادرٌ على نحوٍ متفاوتٍ على استهداف الولايات المتّحدة وحلفائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ويمكن أن تعمل إيران أيضًا على التحريض ضدّ السعوديّة أو إسرائيل، مما يُؤدّي بدوره إلى جرّ دولٍ أخرى إلى صراعٍ أوسع في الشرق الأوسط. وفي كلّ الأحوال، ستزن طهران ردّها على نحوٍ دقيقٍ لتجنّب الصراع التقليديّ مع القوّة العسكريّة الكبرى في العالم، أي الولايات المتّحدة. ولا تهدف برامج تطوير الأسلحة الإيرانيّة في المقام الأوّل إلى تمكين إيران من الانتصار في نزاعٍ تقليديٍّ، بل إلى تسليح حلفاء إيران ووكلائها بشكلٍ كافٍ يلائم ظروفهم الخاصّة.
وفي حين أنّ إدارة ترامب قد تكون متفائلةً بشأن مآل الأحداث الأخيرة، يُدرك قادة إيران أنّهم فقدوا كبير إستراتيجيّيهم ومهندس محورهم الإقليميّ. ومنذ مقتله الأسبوع الماضي، ناقش محلّلو مكافحة الإرهاب أهميّة سليماني وتجادلوا حول مدى صعوبة مواصلة خلفه الجنرال إسماعيل قاآني تنفيذ رؤية سليماني للهيمنة الإيرانيّة في الشرق الأوسط. ومن المرجّح أن تثير حركات الاحتجاج في العراق ولبنان تحدّيًا كبيرًا لإيران، حيث تسعى بعض الأطراف إلى التمرّد على النفوذ الإيرانيّ. وستكون الأسابيع القليلة المقبلة حاسمةً للغاية في كيفيّة ردّ إيران. وفي الفترة القادمة (وهي الفاصلة بين الردّ التقليديّ لهذا الأسبوع من جانب طهران والانتقام اللاحق غير التقليديّ المتوقّع من جانب وكلائها) فرصةٌ حقيقيّةٌ للدبلوماسيّة بهدف نزع فتيل الأزمة. وللحصول على أدنى فرص النجاح، يتوجّب على كلا الطرفين تخفيف حدّة الخطاب السياسيّ واعتماد الأمريكيّين إستراتيجيّةً واضحةً ودقيقةً تسمح لإدارة ترامب بالتخطيط للانسحاب من حلقة «العين بالعين» والتهديدات المبطّنة والعنف المتزايد.