أوّل الكلام آخرُه:
- نفّذ شخصٌ منفردٌ هجمةً إرهابيّةً، ليل الأربعاء في هاناو بألمانيا، مطلقًا النار على الزبائن في مقهيين للنرجيلة ممّا أسفر عن قتل تسعة أشخاصٍ.
- يُرجَّح أنّ دوافع الإرهابيّ ترجع إلى خليطٍ من المعتقدات المتطرّفة المتعلّقة بكراهة المهاجرين والنقاء العرقيّ ونظريّات المؤامرة والذكوريّة المفرطة.
- أشارت السلطات الألمانيّة إلى أنّه ينتشر ما يقارب اثني عشر ألف شخصٍ في جميع أنحاء البلاد يعتنقون آراء اليمين المتطرّف ومستعدّون لارتكاب أعمال عنفٍ.
- أثار الهجوم القلق في ألمانيا،فهذه الحادثة تتويجٌ لسلسلةٍ طويلةٍ من أعمال عنفٍ عالميّةٍ ذات صلةٍ باليمين المتطرّف والعنصريّة البيضاء، وقد اكتسبت زخمًا جديدًا خلال السنوات الأخيرة.
نفّذ شخصٌ يُدعى توبياس راتجين هجمةً إرهابيّةً ليل الأربعاء في هاناو بألمانيا، وهي بلدةٌ تبعد حوالى خمسة عشر كيلومترًا شرق فرانكفورت، مطلقًا النار على الزبائن في مقهيين للنرجيلة ممّا أسفر عن قتل تسعة أشخاصٍ، قبل العثور عليه مقتولًا بطلقٍ ناريٍّ في منزله، إلى جانب والدته المسنّة التي وُجدت مقتولةً أيضًا. وقد تولّى المدّعون الاتّحاديّون في ألمانيا مسؤوليّة متابعة هذه القضيّة. وأكّد بيتر بوث، وزير الداخليّة في ولاية هيس، أمام المشرّعين المحلّيّين أنّ جميع الأدلّة المتاحة حتّى الآن تشير إلى أنّ الهجوم الإرهابيّ له دوافع يمينيّةٌ متطرّفةٌ. وكان المشتبه به يحمل رخصةً لحمل الأسلحة النارية والذخائر، وقد وجدت مخازن للأسلحة في سيّارته عقب الهجوم. إلّا أنّه لم يكن معروفًا لدى السلطات قبل الحادثة، على الرغم من أنّه أعرب عن ارتيابه من تتبّع أجهزة الاستخبارات له لفتراتٍ طويلةٍ. وقد عيّنت وكالات الشرطة الألمانيّة مئات الضبّاط الجدد لمواجهة تهديدات التطرّف اليمينيّ المتزايدة والعنصريّة البيضاء.
وبدأت العديد من مقاطع الفيديو والبيانات تُتداول على وسائل الإعلام الألمانيّة. وقد وُصف الإرهابيّ بأنّه رجلٌ يبلغ من العمر ٤٣ عامًا، وما دفعه إلى ارتكاب هذا الفعل الإرهابي هو خليطٌ من المعتقدات المتطرّفة المتعلّقة بكراهة المهاجرين والنقاء العرقيّ ونظريّات المؤامرة والذكوريّة المفرطة. كما تبرز بعض المؤشّرات على إلى أنّ توبياس راتجين كان عازبًا ممتنعًا عن مقاربة النساء باختياره ومنتميًا إلى حركةٍ مهمّشةٍ اجتماعيًّا تدعى «الرجال الّذين يختطّون دربهم الخاصّ» وهي حركةٌ ما تنفكّ تعرب عن عدائها للحركات النسويّة وعن تبنّيها خطابًا ذكةريًّا مفرطًا. ويكشف بيانه عن الكره الذي يحمله لغير البيض والأجانب، ولعلّ ذلك ما دفعه لاستهداف مقاهي النرجيلة، لأنّها الأماكن الشعبيّة للجالية الكرديّة في هاناو، على أنّ بعض الضحايا كانوا من أصلٍ تركيٍّ أيضًا على ما أفادت التقارير. ويدعو بيانه أيضًا إلى إبادة القادمين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى، غير أنّه يركّز على العرق أكثر من تركيزه على الدين، ويسلّط الضوء على إيمانه بـ«علم» تحسين النسل أو التفوّق العرقيّ. ويذكر هذا الإرهابيّ في بيانه أنّه «ليس كلّ حاملٍ لجواز السفر الألمانيّ صاحب أصالةٍ وقيمةٍ».
ومن الواضح أنّ إرهابيّ هاناو مصابٌ بداء الارتياب والتوهّم ولا سيّما في حديثه عن الأنفاق في الولايات المتّحدة، وهو قد أشار بالاسم في بانه إلى الرئيس دونالد ترامب ويورغن كلوب مدرّب نادي ليفربول لكرة القدم. ومن غير الواضح ما إذا كان منفّذ العمليّة يتصرّف من تلقاء نفسه أو أنّه ينتمي إلى شبكةٍ أوسع تضمّ أشخاصًا يتبعون التوجّهات الأيديولوجيّة نفسها، ولكن يبدو أنّه عمل منفردًا على اختيار الأهداف وتنفيذ عمليّات إطلاق النار. وقد علّق بعض المسؤولين الألمان على القضية بذكر أوجه التشابه مع أندرس بريفيك، الإرهابي المتعصّب للعرق الأبيض، المسؤول عن قتل سبعةٍ وسبعين شخصًا في أوسلو وأوتويا في النرويج عام ٢٠١١. ولم يتبيّن حتّى يومنا هذا ما إذا كان منفّذ عمليّة هاناو قد جعل من بريفيك مصدرًا لإلهامه، على الرغم من اشتراكه في تبنّي نقاطٍ يثيرها المتطرّفون اليمينيّون عادةً حول الإبادة الجماعيّة للبيض. وقد شهدت ألمانيا موجةً من العنف المعادي للساميّة والمدفوع بدوافع النازيّين الجدد والعنصريّين البيض على مدى السنوات الماضية.
وأشارت السلطات الألمانيّة إلى أنّه ينتشر ما يقارب اثني عشر ألف شخصٍ في جميع أنحاء البلاد يعتنقون آراء اليمين المتطرّف ومستعدّون لارتكاب أعمال عنفٍ. فبعد أن أثار الهجوم القلق في ألمانيا، قامت الشرطة الأسبوع الماضي فقط بفضّ خليّةٍ للنازيّين الجدد وكانت تضمّ ما يقارب عشرة أفرادٍ، منهم موظّفٌ في الشرطة. ومن المرجّح انتماء هؤلاء المعتقلين إلى دير هارت كين (النواة الصلبة) وكانوا يخطّطون لسلسلة من الهجمات على المساجد والسياسيّين وطالبي اللجوء. وحسبما يُزعم فقد التقى أعضاء المجموعة عبر تطبيق واتساب ولعلّ علاقةً ما تربطهم بجنود أودين، وهي جماعةٌ يمينيّةٌ متطرّفةٌ مشهورةٌ في الدول الاسكندنافيّة. وفي كانون الثاني / يناير من هذا العام، داهمت الشرطة الألمانيّة منازل أعضاء منظّمة مكافحة ١٨ وهي جماعةٌ من جماعات النازيّين الجدد لها حضورٌ متصاعدٌ فى ألمانيا ولها علاقاتٌ خارجيّةٌ أيضًا. وفي تشرين الأوّل / أكتوبر ٢٠١٨، هاجم عنصريٌّ أبيض كنيسًا يهوديًّا في ولاية هالة بألمانيا مستخدمًا مسدّسًا مطبوعًا بأجهزة الطباعة الثلاثيّة الأبعاد. وفي حزيران /يونيو ٢٠١٨، اغتال متطرّفٌ يمينيٌّ يتبع النازيّين الجدد في ألمانيا السياسيَّ المؤيّد للّاجئين فالتر لوبكي. وكانت المستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل قد علّقت على هجوم هاناو، بأنّ «العنصرية سمٌّ، والكراهية سمٌّ»، وأضافت أنّ «هذا السمّ موجودٌ في مجتمعنا وعليه تقع المسؤوليّة في الكثير من الجرائم».