أوّل الكلام آخرُه:
- انتشرت صورٌ هذا الأسبوع تظهر مجموعاتٍ من اليمين المتطرّف الأوكرانيّ تشارك في مظاهرات هونكونغ ضدّ الحكومة الصينيّة.
- ويبدو أنّ المتطرّفين البيض سافروا إلى هونكونغ ليتعلّموا من المظاهرات المناوئة للحكومة أساليبَ المقاومة والشغب والاحتجاج، رغم أنّ أحدًا، على ما يبدو، لم يدعهم إلى المشاركة في هذه الاحتجاجات الشرعيّة.
- وقد رفض المحتجّون في هونكونغ، وعلى نطاقٍ واسعٍ، هذا الحضور للفاشيّين الأوكرانيّين، ومشاركة العناصر المتطرّفة الّتي قد تلوّث حراكهم السياسيّ المشروع.
- على أنّ حضور المتطرّفين البيض في هونكونغ قد يستخدمه الإعلام الروسيّ والصينيّ لتشويه صورة المتظاهرين الديمقراطيّين، وللإيحاء بأنّ الحراك قد خطفته عناصر عنفيّةٌ متطرّفةٌ، وهو أمرٌ بعيدٌ كلّ البعد عن الحقيقة.
انتشرت صورٌ هذا الأسبوع تظهر عناصر تنتمي إلى مجموعاتٍ من اليمين المتطرّف الأوكرانيّ تشارك في مظاهرات هونكونغ ضدّ الحكومة الصينيّة. ويرتبط هؤلاء الأفراد بمجموعاتٍ أوكرانيّةٍ تحمل توجّهًا نازيًّا جديدًا وتشمل الفيلق الوطنيّ. غير أنّ أحدًا في هونكونغ ممّن يرتبط بالحراك السياسيّ المشروع لم يدع هؤلاء للمشاركة. وتشمل المجموعة أفرادًا كانوا قد شاركوا فيما مضى في القتال ضدّ الانفصاليّين المؤيّدين لروسيا، وهم اليوم أعضاءٌ سابقون في كتيبة آزوف، وهي شبكةٌ عابرةٌ للحدود تتوسّع يومًا وبعد يومٍ وتلهمها المبادئ العنصريّة للتطرّف الأبيض، وتسعى لاستقطاب مقاتلين أجانب في صفوفها، ويشمل ذلك مقاتلين من الغرب. ويبدو اليوم أنّ المتطرّفين البيض في أوكرانيا يضعون آسيا نصب أعينهم أيضًا. وقد سافر هؤلاء «المناضلون» فيما مضى إلى البرتغال وهولندا وتشيكيا واليونان وغيرها، ممثّلين حركة «الكرامة» وهي حركة احتجاجٍ شارعيٍّ تنتهج سبيل الشغب نهجًا لها، فيما يتواصل بعضهم مع مجموعات مشجّعي كرة القدم المشاغبة والّتي تتبنّى في كثيرٍ من الأحيان شعاراتٍ عنصريّةً.
في أكتوبر / تشرين الأوّل الماضي، وبعد موجةٍ من الانتقادات في الإعلام، عمدت الحكومة الأوكرانيّة إلى ما أسمته «الحملة المناوئة للعسكرة» للتعرّف إلى عناصر ميليشيات اليمين المتطرّف وعزلهم من صفوف الجيش الأوكرانيّ والحرس الوطنيّ. غير أنّ قائد الفيلق الوطني، وهو الحزب السياسيّ لآزوف، هدّد الحكومة بالمقاومة العنيفة ما لم تتوقّف هذه الحملة الحكوميّة. وقد صنّفت وزارة الخارجيّة الأمريكيّة الفيلق الوطنيّ مجموعة كراهيةٍ استهدفت أقليّات الغجر في أوكرانيا بأعمال العنف. ويحمل عددٌ من الّذين ظهرت صورهم في هونكونغ يضعون أوشامًا عليها شعاراتٌ نازيّةٌ جديدةٌ لا لبس فيها. ورغم أنّهم قد وُصفوا أحيانًا على أنّهم «سيّاحٌ متظاهرون»، يبدو أنّ حضورهم في هونكونغ قد يحمل دلالاتٍ أخطر من ذلك. فكما يسافر متطرّفون آخرون لاكتساب الخبرات التكتيكيّة والعمليّة، قد يكون سفر هؤلاء إلى هونكونغ لهذا الهدف أيضًا، أي ليتعلّموا من المظاهرات المناوئة للحكومة أساليبَ المقاومة والشغب والاحتجاج.
ومع توسّع نطاق العولمة، وطبيعة الاتّصالات الحديثة العابرة للحدود، وكذا سهولة المواصلات وتبادل المعلومات، لم تعد الحركات الاحتجاجيّة أسيرة المنطقة الجغرافيّة الّتي وُلدت فيها. وقد بات أمرًا شائعًا سعي الأفراد والجماعات المشاركة في الأعمال الاحتجاجيّة إلى طلب التضامن من الجماعات المماثلة حول العالم. وتظهر قناة التيليغرام المرتبطة بأحد أولئك الّذين سافروا إلى هونكونغ إعجابًا شديدًا بالاحتجاجات ضدّ الحكومات حول العالم، فهي تظهر صور الاحتجاجات الحديثة في تشيلي وإيران والإكوادور وإسبانيا. ولكن، وكما هو الحال في المتطرّفين البيض الّذين سافروا إلى أوكرانيا، سيبقى على الدوام أمرٌ شنيعٌ ما ينبغي التحسّب له. فعددٌ من الأوكرانيّين صُوّروا وهم يرتدون قمصانًا عليها صور قنابل المولوتوف، ووقفوا أمام جامعة البولي تكنيك الّتي شهدت مؤخّرًا صداماتٍ عنيفةً بين الشرطة والمتظاهرين.
اعتمد المتطرّفون البيض في السابق على مروحةٍ من الأنشطة تشمل الفنون القتاليّة وصولًا إلى أحداث القتال الفعليّة لتعزيز أواصر الترابط فيما بينهم. وقد قام واحدٌ على الأقلّ من أولئك الّذين شاركوا في التدريبات الحربيّة غير النظاميّة في بولندا سنة 2016، وآخر من أولئك الّذين التقطت لهم الصور في هونكونغ في نهاية الأسبوع المنصرم، بتدريب عناصر من الفيلق الوطنيّ على أعمال الرماية سنتي 2017 و2018. ومع استمرار تطلّع المتطرّفين البيض إلى توسيع شبكتهم في الخارج، يسعى الأفراد المرتبطون بالمجموعة إلى استغلال الاضطرابات في البلدان الأخرى لاستقطاب داعمين جددٍ ولمقايضة الدروس والممارسات والخبرات المستفادة. على أنّ حضور المتطرّفين البيض في هونكونغ، حتّى لوكان مقحمًا على الحراك الشعبيّ، قد يستخدمه الإعلام الروسيّ والصينيّ لتشويه صورة المتظاهرين الديمقراطيّين، وللإيحاء بأنّ الحراك قد خطفته عناصر عنفيّةٌ متطرّفةٌ، وهو أمرٌ بعيدٌ كلّ البعد عن الحقيقة. وقد رفض المحتجّون في هونكونغ، وعلى نطاقٍ واسعٍ، هذا الحضور للفاشيّين الأوكرانيّين، ومشاركة العناصر المتطرّفة الّتي قد تلوّث حراكهم السياسيّ المشروع.