أوّل الكلام آخره:
- يشكل العنف المنزلي آفة قائمة لنسبة كبيرة من الناس في فترة الحجر الصحي.
- في ١٠ نيسان / أبريل، أبلغت قناة فرانس 24 عن زيادة بنسبة ٣٠ % في حالات العنف المنزلي، نتيجة صعوبة هروب الأشخاص المعنفين أثناء الحجر الصحي.
- في الولايات المتحدة، تتصاعد الجرائم المتصلة بالعنف المنزلي، في حين تقلل العديد من الولايات القضائية من الاعتقالات في الجنح أو توقفها.
- لا يؤمن المأوى في المنزل أي ملاذ للأشخاص الذين يتعرضون للعنف المنزلي على أيدي شريك مسيء أو أحد أفراد الأسرة.
في الوقت الذي يركز فيه العالم على كيفية التخفيف من الآثار المتتالية لوباء كورونا المستمر، تتزايد آفة العنف المنزلي بلا توقف، مع الرعب الإضافي المتمثل في «الحجر المنزلي»، الذي يعد، كما التباعد الاجتماعي، أداة فعالة للحد من انتشار العدوى، ولكنّه يشكل السيناريو الأسوأ للأشخاص الذين يتعرضون للعنف من أحبائهم المزعومين أو أفراد أسرهم، وبخاصة النساء. ويجرّم العنف المنزلي في معظم أنحاء العالم. ونظرا إلى سرية هكذا موضوع وبقائه في الغالب داخل جدران المنازل، ازدادت حدّة العنف المنزلي مع الحجر الصحي في غياب مأوى آخر يلجأ إليه الضحايا.
ومنذ أن بدأ الوباء يجتاح العالم في كانون الثاني / يناير، شهدت حالات العنف المنزلي ارتفاعا حادا، وهو أمر متوقع نظرا إلى اعتماد الحجر في جميع أنحاء العالم. وفي أوائل نيسان / أبريل، أبلغت فرنسا 24 عن زيادة بنسبة ٣٠ % في حالات العنف المنزلي خلال الأسبوع الأول من الحجر المنزلي. وفي تغريدة على تويتر في أوائل نيسان / أبريل، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الحكومات إلى «وضع سلامة المرأة في المقام الأول فترة التحدي للوباء» ردا على تصاعد العنف الأسري في جميع أنحاء العالم، ويشمل ذلك تصاعده في الولايات المتحدة التي تتعامل وكالاتها الحكومية مع عدد متزايد من القضايا. ونتيجة للوباء، تحاول الوكالات المحلية تسريح أكبر عدد من الأشخاص المقبوض عليهم والمحتجزين (فالتوقيف لا يعني الذهاب إلى السجن دائما)، من خلال توقيف مرتكبي الجنح ثم الإفراج عنهم بموجب أمر استدعاء للمثول أمام المحكمة في وقت لاحق. ولكن العديد من المحليات والولايات، في السنوات الأخيرة، في سعيها للتصدي للعنف الأسري بشكل أكثر جدية، فرضت أحكاما أو شروطا إضافية تتعلّق بجنح العنف المنزلي. وفي العديد من المناطق، تلزم الشرطة قانونا بالقبض على كل مرتكبي جنح العنف المنزلي بجميع أنواعه. ويهدف هذا النهج إلى منع الجاني، الذي يكون من الذكور أغلبية الأحيان، من العودة إلى المنزل بعد إلقاء القبض عليه وارتكاب المزيد من أعمال العنف.
ولا شكّ أنّ التجريم المبالغ فيه ظاهرة حقيقيّة في الولايات المتحدة، غير أن هذا لا ينسحب على جرائم العنف المنزلي، حيث يفوق معدل جرائم العنف المنزلي جهود المحاكم للحد منها. ويمكن القول إن كثيرا من الجرائم لا ينبغي أن تفضي بالضرورة إلى الحبس، ولكن ذلك لا يشمل جرائم العنف المنزلي. ونتيجة لذلك، تمتلئ قوائم المحكمة في فترة الوباء بحالات العنف المنزلي. وقد زادت القضايا بالفعل في بعض هذه المحاكم، ولكنها في حالات أخرى برزت نتيجة تسليط الضوء عليها لاختلاف طبيعتها عن الجنح الأخرى. وترد تقارير عن زيادات في حالات العنف المنزلي الجنائي، مثل الضرب المبرح الذي يتسبب بجروح خطيرة أو يؤدي إلى الوفاة. وحتى وقت قريب نسبيا، شكل الخنق ظاهرة تغافل عنها القانون في العنف المنزلي، ولكن زيادة نسته جعل الكثير من الحكومات المحلية تقرّ قوانين خاصة بظاهرة الخنق في إطار العنف المنزلي. وغالبا ما يتجاهل المسعفون الأول، ومعهم الشرطة، علامات الخنق أو أنها قد لا تظهر أساسا، دون أن يعني ذلك أن مخاطرها الصحية قد لا تظهر لاحقا. ومن شبه المستحيل على الشرطة الحفاظ على التباعد الاجتماعي وهي تحاول محاربة مثل هذه الحالات.
ولا تزال الملاجئ الخاصة بضحايا العنف المنزلي مفتوحة، ولكن العديد منها عاجز عن قبول أشخاص جدد، لأنها تسعى إلى الحد من خطر العدوى. ويصف الخبراء هذا الارتفاع في حالات العنف المنزلي بأنه «ظل الجائحة». ويعاني العديد من الناس أيضا من خسائر اقتصادية كبيرة قد تصل إلى خسارة بيوتهم. ولكبح زيادة التوتر والقلق، يتجه بعض الناس إلى الكحول والمخدرات، التي تسهم في زيادة حالات العنف المنزلي، بينما يصاب بعضهم الآخر التوتر والقلق على شركائهم وأفراد أسرهم. ولكن لا شيء بالطبع يسوّغ العنف المنزلي وظاهرة العداء للنساء. وأصبحت شبكة الأمان الاجتماعي التي كانت ضعيفة أساسا بنظر العديد من الناس قبل أزمة الوباء أكثر هشاشة، مما يقلل من الجهات الداعمة للأشخاص الضعفاء. ومع استمرار الحجر الصحي، سيزداد الخطر على المعنَّفين مع انخفاض الدعم المقدّم لهم. ويعد العنف الأسري والعنف ضد المرأة، الذي تتتراوح أشكالهبين التهديدات اللفظية والعنف البدني، أمرا ثابتا في المجتمع الأمريكي وفي جميع أنحاء العالم. ويعيش العديد من الأشخاص الذين يتعرضون للعنف المنزلي في كابوس دائم من الخوف والألم حتى في فترات الهدوء، نتيجة أنّ من يعنفهم حاضر في بيوتهم التي لا يستشعرون الأمان بين جدرانها.