أوّل الكلام آخره:
- قد تؤدي الاندفاعة العالمية لتعزيز الطاقة النظيفة إلى إجهاد سلاسل التوريد للمعادن الهامة.
- سلط المسؤولون الأمريكيون الضوء على تعقيدات السوق العالمية للمعادن الضرورية للانتقال إلى الطاقة النظيفة وذلك في منتدى الطاقة العالمي في يناير.
- يسعى الخبراء والمسؤولون الأمريكيون إلى منع الصين، على وجه الخصوص، من الاستحواذ على السوق العالمية لإنتاج المعادن الهامة ومعالجتها.
- يأمل الخبراء أن توظّف الدول النامية استثمارات أجنبية جديدة في مواردها المعدنية الحيوية لتسريع التنمية الاقتصادية الوطنية وتجنب العواقب السلبية لتدفق المكاسب المالية.
أدت الاندفاعة العالمية لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى تعقيدات في سوق المعادن المهمة لصناعات الطاقة النظيفة. فعلى سبيل المثال، أدى تزايد الحصة السوقية للسيارات الكهربائية إلى زيادة الطلب على بعض المعادن مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت والمنغنيز والجرافيت؛ وهي العناصر الأرضية الضرورية لتوربينات الرياح ومحركات السيارات الكهربائية؛ وتتطلب شبكات الكهرباء أيضا كميات كبيرة من النحاس والألمنيوم. وفي منتدى الطاقة العالمي الذي عقد هذا الشهر في أبو ظبي، حذر المنسق الرئاسي الأمريكي الخاص بشؤون البنية التحتية العالمية وأمن الطاقة، عاموس هوكستين، من المخاطر المحتملة على الأمن القومي والتي تشكلها احتكارات سوق المعادن الحيوية، محذرًا من أن المسار الحالي قد يؤدي إلى «نسخة كربونية من الجغرافيا السياسية للقرن العشرين حيث يتحكم عدد قليل من البلدان في سلسلة التوريد بأكملها لرقائق طاقة الرياح والطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية». وتعكس استضافة الإمارات العربية المتحدة للمنتدى نية الدولة في ترسيخ مكانتها شريكا رائدا في استثمار رأس المال المالي والفكري للانتقال إلى الطاقة النظيفة.
وقد أعرب المسؤولون والخبراء الأمريكيون عن قلقهم من أن الصين قد تسيطر على أجزاء رئيسية من صناعة المعادن المهمة وتستخدم هذه السيطرة لدفع حصتها السوقية المتزايدة في صناعات مثل المركبات الكهربائية. وتسيطر الصين من خلال ملكية الأصول المعدنية الأجنبية ومن خلال سياستها الصناعية المحلية، على ما بين 60 إلى 100 % من المراحل المختلفة لسلاسل التوريد للعديد من المعادن المهمة، بما في ذلك النحاس والألمنيوم والليثيوم والكوبالت والجرافيت وفقًا لمشروع تعزيز الشفافية للحد من الفساد (من معهد بروكينغز). ومع تأكيد قادة الولايات المتحدة إن نظام الطاقة المتنوع يتطلب استثمارًا سريعًا في المعادن الهامة خارج الولايات المتحدة وكذلك داخلها، شكلت مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في العام الماضي «شراكة من أجل البنية التحتية العالمية والاستثمار» لتجميع الاستثمارات في المعادن الهامة وتطوير البنى التحتية الأخرى في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ووفقًا لإدارة بايدن، تخطط الشراكة لاستثمار أكثر من 600 مليار دولار في مشاريع عالمية حتى عام 2027. ويفسر العديد من الخبراء هذه الشراكة، جزئيًا على الأقل، على أنه جهد غربي لمواجهة مبادرة الحزام والطريق الصينية، والتي تمول بالمثل مشاريع البنى التحتية في الجنوب العالمي، على الرغم من أن البنك الدولي قال إن تمويل مشاريع مبادرة الحزام والطريق قد يؤدي إلى زيادة ديون بعض البلدان المتلقية إلى «مستويات غير مستدامة».
ولتعزيز الاكتفاء الذاتي الوطني ومواجهة السيطرة الصينية على السوق، تخطط الولايات المتحدة لتوسيع المشاريع المعدنية الهامة داخل أراضيها، بما في ذلك منشأتان جديدتان لمعالجة الجرافيت ومنجم للكوبالت. وفي الوقت الحالي، تشتري الولايات المتحدة الغالبية العظمى من الكوبالت من جمهورية الكونغو الديمقراطية. وتهدف الحوافز المالية المقدمة في قانون خفض التضخم الأمريكي لعام 2022 إلى ضمان إمكانية معالجة المعادن الهامة المستخرجة من الأراضي الأمريكية محليًا. وأشار هوكستين إلى أن العديد من المستثمرين الأجانب قد التزموا بالفعل أو بدأوا في تنفيذ مشاريع تعدينية داخل الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، دخلت الولايات المتحدة في شراكة مع الاتحاد الأوروبي وتسع دول أخرى لتعزيز سلاسل التوريد ذات الصلة عبر شراكة الأمن المعدني.
حث المسؤولون الأمريكيون والعالميون الحكومات في الجنوب العالمي على مطالبة المستثمرين الأجانب الذين يبحثون عن إمدادات المعادن بمساعدتهم على بناء اقتصادات متنوعة قادرة على الصمود أمام ما يسمى بلعنة الموارد الطبيعية – والتي غالبًا ما ابتليت بها الدول البترولية التي تعتمد بشكل مفرط على سلعة واحدة. وقد حثهم خبراء التنمية أيضًا على تعزيز التنمية الاقتصادية المتوازنة التي تعود بالفائدة على سكانهم بالكامل بدلًا من تستحوذ النخب المحلية على الموارد بشكل تام، وعلى ضمان ألا تستخدم المكاسب المالية في المساهمة في الفساد الحكومي. كما حث مسؤولو التنمية العالمية الحكومات التي تقيم مقترحات الاستثمار في المعادن الهامة على اقتناص هذه الفرصة قبل ذهابها إلى البلدان المتقدمة.