أوّل الكلام آخره:
- ازداد نشاط فرع الكونغو التابع لتنظيم الدولة الإسلامية في وسط إفريقيا بشكل مطّرد في عام 2021، بينما اضطر فرعه في الموزمبيق إلى الانسحاب من الأراضي التي كان قد استولى عليها العام الماضي.
- وقد تبنى فرع الكونغو، مثله في ذلك مثل فرع الموزمبيق، أساليب داعش في سوريا والعراق في مجال الزي والشعارات ولهجة الخطاب، مما يشير إلى عملية تثاقف تربط الفرع بالأصل.
- ترافقت هجمات التنظيم في الكونغو مع سلسلة من التفجيرات في أوغندا فاجأت البلاد، ومثّلت المرة الأولى التي يتوسع فيها فرع الكونغو خارج الكونغو.
- وربما كانت أنشطة مكافحة الإرهاب المتزايدة لرواندا في شرق إفريقيا سببا في جعلها الهدف التالي المحتمل لفرع الكونغو.
في عام 2019، فاجأ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المجتمع الدولي بإعلانه فرعًا جديدًا للتنظيم في «ولاية وسط إفريقيا»، ويضم فرعين أحدهما في الكونغو والآخر في الموزمبيق. وعلى الرغم من أن الفرعين لم يظهرا سوى القليل من التنسيق فيما بينهما حتى الآن، إلا أن الجغرافيا الإقليمية المشتركة بينهما في شرق إفريقيا سمحت لتنظيم الدولة الإسلامية بجمعهما معًا. وكان المقاتلون المتمركزون في الكونغو في الغالب من قوات الدفاع الإسلامية المتحالفة، بينما كان المقاتلون المتمركزون في موزمبيق في الأصل جزءًا من مجموعة تعرف باسم الشباب (لا علاقة لها بالجماعة الصومالية). أقامت المجموعتان علاقات مع تنظيم الدولة الإسلامية، وبايعتا خليفته في عام 2019، وتلقيتا مستوى معينًا من التمويل والتوجيه والتدريب من التنظيم المركزي.
وعلى امتداد عام 2020، كان الفرع في الموزمبيق هو الأكثر فعالية بين الفرعين. فقد استولى على المدن الساحلية الرئيسية في شمال الموزمبيق وأجبر الجيش الموزمبيقي على التراجع، وأصدر أيضًا العديد من تقارير الفيديو والصور التي غذت إعلام داعش. وممّا ميّز التنظيم في الموزمبيق التحسن الذي طرأ على تكتيكاته القتالية. على أن التنظيم لم يكتف بمتابعة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا في نهج الاستيلاء على الأراضي فحسب، بل اعتمد أيضًا أنماط داعش من حيث الزي الرسمي واللهجة الجهادية في الخطب. وعلى الرغم من المسافة بين الموزمبيق والمقر المركزي لتنظيم داعش في سوريا والعراق، فإن التنظيم في الموزمبيق بات يشبه التنظيم المركزي في وقت قصير. ولكن عام 2021 شهد تراجع التنظيم في الموزمبيق فخسر الأراضي التي احتلها في عام 2020، وتوقّف لعدة أشهر عن إرسال مقاطع الفيديو وتقارير الصور إلى داعش. وتكهن بعضهم أنه قد يكون انفصل عن داعش، ولكن كما اتضح، كانت الجماعة في حالة تقهقر، وكانت أكثر تشدّدا من الناحية الأمنية لقلقها بشأن نقاط الضعف الأمنية التي قد يحدثها تواصلها مع داعش. ومنذ أيلول (سبتمبر)، عمدت رواندا وعدة دول في جنوب إفريقيا إلى إرسال جنودها إلى الموزمبيق، وهذا زاد في الضغوط على التنظيم في شمال الموزمبيق. ومع ذلك، فقد تمكن الفرع من إصدار تقارير بالفيديو والصور من حين لآخر لصالح تنظيم داعش تغطي صموده أمام الهجوم العسكري المتعدد الجنسيات.
وعلى العكس من ذلك، فإن فرع الكونغو هو في حالة صعود الآن، وهو يزيد من وتيرة هجماته. وطبقًا لإنفوغرافيك صادر عن داعش – ولا يمكن التحقق من تفاصيله ولكن يبدو أنه دقيق – فقد نفذ الفرع منذ منتصف آب (أغسطس) 39 هجومًا، مقارنة بـ 27 هجومًا للفرع الموزمبيقي. واستهدفت هذه الهجمات في الغالب الجيش الكونغولي والقرى المسيحية. ومن بين الجوانب الأكثر بروزًا لفرع الكونغو في الأسابيع الأخيرة، اعتماده لباس داعش الأسود في مقاطع الفيديو وتقارير الصور. وفي حين أن هذا قد يكون مجرد أمر عارض، إلا أنه يعكس أن الفرع، مثل فرع الموزمبيق سابقًا، بات أكثر تطبعا بثقافة داعش. وتقوم بعض الشواهد على وجود اتصالات بين فرع الكونغو والتنظيم المركزي لداعش، كما يتضح من حديث المتحدث باسم داعش الذي قدم تفاصيل داخلية حول عملية «تحرير» سجناء التنظيم في بيني بالكونغو في تشرين الأول (أكتوبر) 2020، حيث أطلق سراح 1300 سجين وعشرات المقاتلين.
وإلى جانب الكونغو، امتد نشاط تنظيم الدولة في وسط افريقيا (أو قوات الدفاع الإسلامية المتحالفة كما تواصل أوغندا تسميتها) إلى أوغندا مخلفا آثارا مدمرة. ففي 16 تشرين الثاني (نوفمبر)، فجر ثلاثة انتحاريين عبوات ناسفة في منطقة كمبالا حيث توجد بعض المكاتب الحكومية. وجاء في إعلان لتنظيم الدولة في وسط افريقيا أن أوغندا هي «إحدى الدول المشاركة في الحرب ضد مقاتلي الدولة الإسلامية في وسط إفريقيا»، في إشارة إلى جهودها ضد الجهاديين في الكونغو. وقد ألقت أوغندا باللوم على قوات الدفاع الإسلامية المتحالفة، التي تشكلت في الأصل في أوغندا قبل الانتقال إلى الكونغو في أواخر التسعينيات وتحولت إلى تنظيم الدولة الإسلامية في وسط افريقيا في عام 2019، واتهمتها بتلك التفجيرات الانتحارية، فضلاً عن تفجيرات مكتب بريد ومطعم في تشرين الأول (أكتوبر). وتعدّ الهجمات في أوغندا ذات أهمية خاصة لأنها تمثل توسع نشاط تنظيم الدولة في الكونغو ليشمل دولة جديدة، تمامًا كما امتد نشاط فرع الموزمبيق إلى تنزانيا العام الماضي. وعلى هذا فنحن اليوم أمام فرعين لتنظيم الدولة الإسلامية في شرق إفريقيا تربطهما علاقات اتصالات وعلاقات لوجيستية مع تنظيم الدولة الإسلامية المركزي، تماما كما هي الحال مع «ولايتي» داعش في نيجيريا وأفغانستان. إن نشاط هذين الفرعين يعزز سردية «الخلافة» المتوسعة، على الرغم من انكسارات داعش في سوريا والعراق. وقد يتوقع المرء أن تصبح رواندا الهدف التالي لتنظيم الدولة الإسلامية في شرق إفريقيا لأنها تقع على حدود الكونغو وأوغندا ولأنها تزيد من مساهماتها في مكافحة الإرهاب في المنطقة، بما يشمل الموزمبيق أيضا.