أوّل الكلام آخره:
- في منتصف تموز / يوليو، أعلن مركز استهداف تمويل الإرهاب في الرياض عن أسماء كيانات وأفراد مرتبطة بتنظيم داعش.
- تعد العقوبات التي يفرضها مركز استهداف تمويل الإرهاب عقوبات رمزية أكثر من كونها جوهرية، فالولايات المتحدة كانت قد أعلنت عن هذه الكيانات وهؤلاء الأفراد منذ سنة 2019.
- لم تدرج لجنة الجزاءات 1267 التابعة للأمم المتحدة بعد هذه الأسماء في قوائمها.
- في ظل تزايد حدة التهديد المالي لتنظيم داعش، فمن واجب الولايات المتحدة ومركز استهداف تمويل الإرهاب والأمم المتحدة تنسيق مقترحات الإدراج على قوائم الإرهاب لمضاعفة الأثر إلى حده الأقصى، ما سنحت الفرصة السياسية لذلك.
في منتصف تموز / يوليو، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أنها بالشراكة مع شركائها أدرجت أربعة كيانات وفردين، على صلة بتنظيم داعش، تحت مظلة مركز استهداف تمويل الإرهاب. وكانت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية قد أعلنتا في أيار / مايو 2017 عن نيتهما تأسيس مركز لاستهداف تمويل الإرهاب يستهدف ممولي الإرهاب، والخبراء اللوجستيين، والمسهّلين. وقد أقرّ هذا المركز الذي يضم قطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين والولايات المتحدة وعُمان والكويت والمملكة العربية السعودية منذ تشكيله أكثر من 60 عقوبة مشتركة. غير أن العديد من هذه الإجراءات لم تكن منسّقة بشكل جيد. ومن بين الانتقادات الرئيسة الموجّهة للمركز أنه كان على الدوام يصب اهتمامه على تصدّر عناوين الصحف بدلا من سعيه للعمل بوصفه حصنا منيعا للحد من تمويل الإرهاب. وفي أوائل هذا الشهر، أعلن مركز استهداف تمويل الإرهاب عن إدراج «مؤسسة النجاة للرعاية الاجتماعية» التي تتخذ من أفغانستان مقرا لها ومديرها سيد خان على لائحة الإرهاب. وقد اتُهم خان، بصفته مديرا للمنظمة، بتحويل التبرعات الخيرية إلى تنظيم ولاية خراسان التابع لداعش، وهو فرع تابع لداعش في جنوب آسيا. وفي 15 تموز / يوليو، فرض مركز استهداف تمويل الإرهاب عقوبات على ثلاث شركات خدمات مالية مقرها تركيا وسوريا هي شركة الهرم، وشركة تواصل، وشركة الخالدي للصرافة. ووفقا للبيان الصحفي لشعبة الخزانة الذي يشير إلى العمل المشترك لمركز استهداف تمويل الإرهاب، لعبت شركات الخدمات المالية الثلاث أدوارا مهمة في توفير مئات الآلاف من الدولارات لقيادة تنظيم داعش. كما أدرج مركز استهداف تمويل الإرهاب عبد الرحمن، وهو وسيط رئيس لـتنظيم داعش يضمن تدفق الأموال بين تركيا وسوريا، على قوائمه. ومن المعروف أن تركيا تشكّل مركزا لوجستيا رئيسا للأفراد والخلايا المرتبطة بتنظيم داعش وفروعه، ويعود ذلك جزئيا إلى جغرافيتها وبنيتها التحتية، بما في ذلك الصلات المتاحة بالقطاع المالي القانوني وكل ما تتيحه العولمة، من قطاع النقل إلى الاتصالات.
قبل وقت طويل من الإعلان المشترك لـمركز استهداف تمويل الإرهاب، كانت وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت على نحو أحادي عقوبات على جميع الأفراد والكيانات الذين استهدفوا مؤخرا20. ففي نيسان / أبريل 2019، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على عبد الرحمن باعتباره «إرهابيا عالميا» بموجب الأمر التنفيذي 13224. وفي أيلول / سبتمبر من السنة نفسها، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أن الأمر التنفيذي ١٣٢٢٤ يشمل الهرم والخالدي، لتعود وتدرج في تشرين الثاني / نوفمبر كلا من شركة تواصل، ومؤسسة النجاة، ومديرها خان. ونتيجة للإجراءات السابقة التي اتخذتها وزارة الخزانة الأمريكية، حُظر على هؤلاء جميعا، ولو من الناحية النظرية، التعامل بالدولار الأمريكي. ومما لا شك فيه أن الإجراءات الجديدة للمركز كان يمكن أن تكون أكثر فعالية لو أعلن عنها في وقت الإعلان الأمريكي عام 2019. وقد يعزى التأخير في ذلك إلى عدة عوامل، منها رغبة الولايات المتحدة في توقيت بعض عقوباتها الأحادية بالتزامن مع اجتماعات متعددة الأطراف مثل مجموعة التحالف الخاصة بمكافحة تمويل تنظيم داعش. فمثلا صنفت الولايات المتحدة مؤسسة النجاة وخان وشركة تواصل منظمات إرهابية في اجتماع عقدته مجموعة التحالف الخاصة بمكافحة تمويل تنظيم داعش في تشرين الثاني / نوفمبر 2019. ويرجع بعض التأخير أيضا إلى مشاكل التنسيق بين دول الخليج بسبب الجغرافيا السياسية، خاصة في ظل الحصار السعودي المتعنت ضد قطر. ومن الممكن أيضا أن الولايات المتحدة لم تتمكن في الوقت المناسب من تقديم المعلومات المطلوبة التي تعدها السلطات القانونية المحلية في دول الخليج ضرورية قبل فرض عقوبات على الكيانات والأفراد الستة.
وأيا كانت الأسباب، فإن اختلاف توقيت فرض هذه العقوبات وغيرها من العقوبات التي سبق أن أعلن عنها مركز استهداف تمويل الإرهاب يظهر حجم الصعوبات التي يواجهها التنسيق حتى لو كان موجّها ضد منظمة بغيضة مثل تنظيم داعش. ولم يصنف نظام العقوبات الدولي الذي تديره لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة بموجب القرار 1267 أيا من الكيانات والأفراد الستة على قوائمها بعد، على الرغم من أن وزارة الخزانة الأمريكية قد أعلنت الدور الرئيس الذي لعبته كل الأطراف المذكورة في تمويل تنظيم داعش أو تنظيم ولاية خراسان التابع لداعش. وسيكون أثر إدراج هذه الكيانات في القائمة الموحدة للأمم المتحدة أكبر لأن ذلك سيلزم أكثر من 190 بلدا بتجميد الأصول وحظر السفر وحظر الإمداد بالأسلحة.
وفي حين أن القوائم المقترحة للإدراج في الأمم المتحدة واجهت معارضة سياسية في الماضي، حتى مع تعلّق الأمر بتنظيم داعش، فإن الطبيعة العالمية للتهديد الذي يشكله تنظيم داعش وفروعه تتطلب من البلدان جميعا أن تضع التفاهات السياسية جانبا. وفي حين أنه لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى أعاقت السياسة تصنيفات مركز استهداف تمويل الإرهاب والولايات المتحدة المتعلقة بتنظيم داعش، إلا أنه ينبغي على المجتمع الدولي أن يسعى بحزم إلى استهداف النشطاء والممولين المرتبطين بتنظيم داعش. وأغلبية المعلومات الواردة في البيان الصحفي لوزارة الخزانة الأمريكية قديمة، إذ تعود في معظمها إلى أنشطة بين عامي 2016 و 2017، فهي تعكس القنوات القديمة لتمويل داعش. ولا يزال على الأمم المتحدة أن تفرض عقوبات على جهات مالية عديدة مرتبطة بداعش. ومع خسارة التنظيم لأراضيه وما صاحب ذلك من تعذّر وصوله إلى الموارد الطبيعية، مثل النفط، وتعذّر ابتزازه السكان الرهائن، فإن وصول تنظيم داعش إلى مصادر جديدة للدخل يعد أمرا أساسيا لاستمراريته. ولمكافحة هذه الجهود على أفضل نحو، ينبغي على الولايات المتحدة ومركز استهداف تمويل الإرهاب والأمم المتحدة مضاعفة الجهود لمزامنة العقوبات ولتعقّب الأفراد والكيانات المرتبطة بتنظيم داعش وفروعه.