أوّل الكلام آخره:
- واصلت مجموعة فاغنر، وهي شركة مقاولات عسكرية روسية خاصة تنشط في مناطق متعددة من سوريا إلى أوكرانيا، التوسع على الصعيد العالمي، ونشرت قواتها في العديد من البلدان في شمال الصحراء الكبرى بأفريقيا وجنوبها.
- تستخدم روسيا مجموعة فاغنر في إفريقيا للمساعدة في تحقيق أهداف سياستها الخارجية والوصول إلى البلدان التي تتمتع بالأحجار الكريمة والمعادن الثمينة أو غيرها من الموارد المستخرجة القيمة.
- مجموعة فاغنر تتجاوز حدود كونها جماعة من المرتزقة؛ فقدراتها تتجاوز حدود التكتيكات العسكرية لتشمل القدرة على إدارة حملات التضليل معقدة وتزييف نتائج الاقتراع مزيفة.
- يبقى أن نرى إلى أي مدى سيؤثر الأداء العسكري الروسي الضعيف في أوكرانيا على حضور فاغنر في جميع أنحاء إفريقيا.
واصلت مجموعة فاغنر، وهي شركة مقاولات عسكرية روسية خاصة تنشط في مناطق متعددة من سوريا إلى أوكرانيا، التوسع على الصعيد العالمي، ونشرت قواتها في العديد من البلدان في شمال الصحراء الكبرى بأفريقيا وجنوبها. حتى الآن، ينشط مرتزقة فاغنر في إفريقيا في جمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا ومدغشقر ومالي والموزمبيق والسودان، ويتطلعون أيضًا إلى التوسع إلى بوركينا فاسو ونيجيريا وإثيوبيا. وفي الأسابيع الأخيرة، تصدرت أنشطة فاغنر في إفريقيا جنوب الصحراء عناوين الصحف الدولية. فقد كشفت فرنسا عن مؤامرة تضليلية لمجموعة فاغنر تسعى فيها لإلقاء اللوم في الفظائع التي ارتكبها مرتزقة فاغنر في مالي على الجنود الفرنسيين. وقد نشر الجيش الفرنسي مقاطع فيديو توضح بالتفصيل ما قال إنه دليل على قيام متعاقدين من شركة فاغنر بدفن جثث في نقطة متاخمة لقاعدة جوسي العسكرية في شمال مالي. وقد دفن ما يقرب من 12 جثة في مقبرة جماعية بينما قام المرتزقة بتصوير المشهد. وحاولت منشورات لاحقة على مواقع التواصل الاجتماعي على تويتر إلقاء اللوم على فرنسا في الفظائع. وفي سياق متصل، زعمت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين المرتبطة بالقاعدة في الأسبوع الماضي أنها احتجزت مرتزقًا روسيًا رهينة بعد القبض عليه بالقرب من منطقة سيغو، وهي منطقة جبلية تقع في وسط مالي.
وتستخدم روسيا مجموعة فاغنر، وهي ليست هيئة رسمية تابعة للدولة الروسية، للمساعدة في تحقيق أهداف سياستها الخارجية والوصول إلى البلدان التي تتمتع بالأحجار الكريمة والمعادن الثمينة أو غيرها من الموارد المستخرجة القيمة بما في ذلك النفط واليورانيوم والمنغنيز. وفي بعض الحالات، تُستخدم قوات فاغنر لتوفير الأمن حول مناجم الذهب أو الماس، أو لتأمين الوصول إلى الموانئ البحرية وتوفير الأمن فيها. ونظرًا لأن مجموعة فاغنر هي شركة عسكرية خاصة، فلا يزال لدى موسكو إمكانية التنصل من المسؤولية عندما يرتكب المرتزقة فظائع يفضل الكرملين أن ينأى بنفسه عنها من خلال التعتيم والتضليل والأكاذيب الصارخة. وقد نشطت فاغنر في كل من جمهورية إفريقيا الوسطى والسودان منذ عام 2015، حيث عمل المرتزقة في إطار المساعدة الأمنية الروسية والتدريب على مكافحة الإرهاب. بعد عدة سنوات، وفي عام 2019، أرسلت قوات فاغنر لدعم الحملة الفاشلة لزعيم الحرب الليبي خليفة حفتر للسيطرة على البلاد، وهي حملة لا تزال مستمرة. وعندما تنتشر قوات فاغنر في إفريقيا، يكون ذلك عادةً لمساعدة القادة المستبدين أو الطغاة الذين يحتاجون إلى المساعدة في الحفاظ على قبضتهم على السلطة. وفضلا عن تدريب الجيوش الرسمية لبعض الدول الأفريقية، دربت فاغنر أيضًا ميليشيات موالية للحكومات وجهات فاعلة أخرى.
مجموعة فاغنر تتجاوز حدود كونها جماعة من المرتزقة؛ فقدراتها تتجاوز حدود التكتيكات العسكرية لتشمل القدرة على إدارة حملات التضليل معقدة وتزييف نتائج الاقتراع مزيفة. كما أنها قادرة على تنظيم حملات لثني المتظاهرين عن العمل ضد حكومة الدولة المضيفة. وقد حاولت روسيا نشر نفوذها أيضا في جميع أنحاء إفريقيا بوسائل القوة الناعمة، من خلال إطلاق برامج ثقافية ولغوية روسية، في رجعة إلى قواعد اللعبة أيام الحرب الباردة. ورغم نجاح فاغنر أحيانا في حملاتها لتخويف المدنيين ودعم الأنظمة القائمة، فإن مهاراتها القتالية موضع تساؤل، فكثير من الخبراء يرونها وحدة قتالية دون المستوى، كما يتضح من أدائها ضد القوات الأمريكية في سوريا في شباط (فبراير) 2018، عندما قُضي على ما يقدر بنحو 300 من مرتزقة فاغنر في غضون ساعات فقط.
يبقى أن نرى إلى أي مدى سيؤثر الأداء العسكري الروسي الضعيف في أوكرانيا على حضور فاغنر في إفريقيا. ويعرف القادة الأفارقة ما الذي سيحصلون عليه عندما توقع فاغنر على عقد – فهم سيحصلون على دعم عسكري بلا شروط. في منتصف كانون الأول (ديسمبر)، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على أعضاء فاغنر شملت تجميد بعض الأصول وحظرا على السفر، وذلك ردا على اتهام المرتزقة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في جمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا وسوريا وأوكرانيا. وقد فرضت عقوبات أكثر شمولًا منذ أواخر شباط (فبراير) في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. ومع ورود أنباء عن خسارة روسيا 15000 جندي في ساحة المعركة خلال الشهرين الأولين من الحرب، يجري نقل مرتزقة فاغنر من دول مختلفة في الخارج إلى أوكرانيا، لتعويض النقص في القوات الروسية. ولكن إذا سحبت قوات فاغنر من ساحات القتال في إفريقيا، في ظل تقليص الولايات المتحدة وفرنسا أيضا من حضورها العسكري في مناطق مثل الساحل، فمن الممكن جدًا أن يكون أمام الجماعات الجهادية مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين والعديد من أفرع داعش في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى فرص لملء فراغ السلطة، ومواصلة الحلقة المفرغة من الفوضى في العديد من الدول الضعيفة والهشة بالفعل.