أوّل الكلام آخره:
- تواصل روسيا حملة التضليل الإعلامي حول حربها في أوكرانيا، وتعمل على بثّ روايات كاذبة حول الصراع بشكل عام، وكذلك حول الفظائع التي ارتكبتها قواتها ضد المدنيين.
- في الفترة من 8 إلى 14 نيسان (أبريل)، ازداد الحديث عبر الإنترنت حول الأجانب الذين يقاتلون دفاعا عن أوكرانيا، وشكّل ذلك موضوعا من الموضوعات الرئيسية التي رُصد تحريكها من جهات فاعلة محتملة تدعمها روسيا أو تتحالف معها عبر الإنترنت.
- تثير بعض الروايات المضللة القلق من حيث إنها قد تشكل ذريعة لاستهداف حلفاء الناتو في أوروبا.
- يجب على الدول الغربية إعطاء الأولوية لمواجهة التضليل الروسي واستباق آثاره السلبية عبر فضح الروايات الكاذبة في مرحلة مبكرة قبل أن تتاح لها فرصة الانتشار والتفاعل مع الجماهير المستهدفة.
ضمن عمليات التضليل الروسي المتعلقة بالحرب على أوكرانيا، نُشرت روايات كاذبة جديدة مؤخرًا بشأن المتطوعين الأجانب الذين يدافعون عن أوكرانيا. وكان مركز صوفان قد أصدر في 4 نيسان (أبريل) تقريرًا خاصًا يعرض بالتفصيل التعقيدات المتعلقة بالجهات الفاعلة غير الحكومية – من مرتزقة ومقاتلين أجانب ومتطوعين – التي تتدفق للقتال على جانبي الصراع في أوكرانيا. كما تناول التقرير بالتفصيل استخدام روسيا للمعلومات المضللة لتعزيز مصالحها في أوكرانيا وخارجها. وبينما أعلنت روسيا في 21 نيسان (أبريل) «تحرير» ماريوبول، عدّت وزارة الخارجية الأمريكية ذلك بمثابة تضليل إعلامي، مؤكدة أن «القوات الأوكرانية تحافظ على مواقعها» في مصانع الصلب في آزوفستال بالمدينة. وهذه ليست سوى واحدة من الروايات المضللة التي روجتها روسيا في الأسابيع الأخيرة حول هجومها على ماريوبول، في محاولة لتشتيت الانتباه وصرف الأنظار عن جرائم الحرب المحتملة التي ارتكبتها روسيا. وقد انتشرت معلومات مضللة روسية مثيرة للقلق بشكل خاص على الإنترنت خلال الأسابيع الماضية تتعلق بمتطوعين غربيين يُزعم أن القوات الروسية قد أسرتهم، ووصفوا بـ «المرتزقة»، وسيقوا شاهدا على تورط الناتو «المباشر» في الحرب.
في الفترة من 8 إلى 14 نيسان (أبريل)، ازداد الحديث عبر الإنترنت حول الأجانب الذين يقاتلون دفاعا عن أوكرانيا، وشكّل ذلك موضوعا من الموضوعات الرئيسية التي رُصد تحريكها من جهات فاعلة محتملة تدعمها روسيا أو تتحالف معها عبر الإنترنت. ومن المحتمل أن يكون الارتفاع في وتيرة هذه الأخبار مرتبطا بالتقارير عن مواطنين أوروبيين كانوا يقاتلون دفاعا عن أوكرانيا ثم أسرتهم أو قتلتهم القوات الروسية في ماريوبول على نحو أساسي وفي سائر مناطق أوكرانيا على نحو أوسع. ووفقًا لتحليلنا، فإن أكثر من 50 % من عمليات الترويج لمثل هذه الروايات في ذلك الأسبوع في الولايات المتحدة قد جاء من جهات فاعلة أجنبية يحتمل ارتباطها بروسيا. وهذا يتماشى مع مستوى الترويج الأجنبي الذي نراه عموما في السرديات المضللة المدعومة من روسيا والتي تتمحور حول الحرب في أوكرانيا، بما في ذلك نظرية مؤامرة «المختبرات البيولوجية السرية الأمريكية» وسردية «محاربة النازية» في أوكرانيا. وقد أعادت بث العديد من هذه الروايات الكاذبة وضخمتها جهات يحتمل أن تكون مرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني.
ويُظهر البحث النوعي أن العديد من هذه التقارير حول الأجانب الذين قتلوا أو أسروا والتي تدوولت عبر الإنترنت – وتضمنت مقاطع فيديو وصورًا – كانت تروج لسرديات مضللة، من بينها أن قتال الغربيين إلى جانب القوات الأوكرانية هو دليل على دعم الغرب لـ «النازيين الأوكرانيين» وأن الناتو تشارك الآن «بشكل مباشر» في الصراع. ويستخدم مثل هذا المنطق لإقناع السكان المحليين في روسيا بهذه الحرب، ولكن هذه الروايات الكاذبة اكتسبت أيضًا زخمًا في الخارج، بما في ذلك في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا. ولوحظ تنسيق ملحوظ في الجهود المبذولة على الإنترنت لمحاولة تصنيف الأجانب هؤلاء على أنهم «مرتزقة» الغرب. وقد وردت تقارير ذات مصداقية عن سفر مواطنين أوروبيين وأمريكيين إلى أوكرانيا للتطوع إلى جانب القوات المسلحة، غير أن الكثيرين من الأجانب ممن هم اليوم في ماريوبل كانوا يقاتلون دفاعا عن أوكرانيا منذ الغزو الروسي عام 2014، وبعضهم يحمل جنسية مزدوجة، ونصيب الأسد منهم، على أي حال، هم القادمون من المناطق المجاورة. وعلاوة على ذلك، فما من دليل ملموس على أن إرسال هؤلاء للقتال في أوكرانيا جاء بناءً على طلب الناتو. وتثير مثل هذه الروايات المضللة القلق بشكل خاص من حيث إنها قد تشكل ذريعة لاستهداف حلفاء الناتو في أوروبا.
ويعد استخدام الأجانب المحتجزين لأغراض الدعاية والتضليل أسلوبا استخدمته روسيا في صراعات أخرى، بما في ذلك في سوريا وليبيا، لتشويه سمعة الولايات المتحدة وحلفائها. ومع ذلك، فإن وجود الأجانب والجهات الفاعلة غير الحكومية على جانبي الحرب يزيد من تعقيد الديناميكيات على الأرض، مما يُلزم الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية بضرورة المراقبة والحذر. وعلاوة على ذلك، من المحتمل أن تستمر روسيا في استخدام المتطوعين الغربيين الأسرى الذين يقاتلون على الجانب الأوكراني لأغراض الدعاية والتضليل لتشويه سمعة الغرب. وصحيح أن هذه الروايات يدفع بها في العالم الافتراضي، إلا أنها كثيرا ما يكون لها عواقب في العالم الحقيقي. ولذلك يجب على الدول الغربية إعطاء الأولوية لمواجهة التضليل الروسي واستباق آثاره السلبية عبر فضح الروايات الكاذبة في مرحلة مبكرة قبل أن تتاح لها فرصة الانتشار والتفاعل مع الجماهير المستهدفة.