أوّل الكلام آخره:
- أدى التركيز الشديد على التدخل الروسي في الانتخابات إلى حجب الدور الذي تلعبه البلدان الأخرى كالصين وإيران التي تتدخل أيضا بشكل نشط.
- تدرك بكين تأثير نشر المعلومات المضللة، وزعزعة الثقة بالمؤسسات، والعمليات السرية لتعزيز مصالحها الوطنية وتقويض خصومها.
- في أعقاب المناظرة الرئاسية الأولى، أعلنت منصة تويتر عن إزالة 130 حسابا مزيفا مرتبطا بإيران، ولكن ذلك لا يعني أن هذه كانت كل الحسابات المزيفة.
- وقبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية، ستكثف الجهات الفاعلة الأجنبية حملات التضليل ومحاولات التدخل.
في نهاية الأسبوع الماضي، علق روبرت أوبراين، مستشار الرئيس ترامب للأمن القومي، بأن الروس التزموا ألّا يتدخلوا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني / نوفمبر 2020، التي يفصلنا عنها أسابيع فقط. ووصف بعض المعلقين تصريحات أوبراين بأنها ساذجة، مشيرين إلى أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية قد سجلت بالفعل أن موسكو تتدخل بشكل نشط في محاولة للتأثير في النتيجة، وليس في ذلك مفاجأة لأي منا. كما أن تدخل الكرملين في كل من الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 والانتخابات النصفية عام 2018 أمر موثق بالأدلة. ولكن التركيز الشديد على التدخل الروسي حجب الضوء عن تدخل خصوم الولايات المتحدة الآخرين، ولا سيّما الصين وإيران.
وعلى الرغم من أن الجهود الصينية لم تنل نفس المستوى من التدقيق الإعلامي الذي تخضع له الجهود الروسية، إلا أن محاولاتها للتأثير على انتخابات عام 2020 مستمرة وآخذة بالتطور. ولطالما قدّرت بكين تأثير نشر المعلومات المضللة، وزعزعة الثقة بالمؤسسات، والعمليات السرية، وخاصة في المجال الإلكتروني، لتعزيز مصالحها الوطنية وتقويض خصومها، بما في ذلك الولايات المتحدة. وأفادت التقارير أن قراصنة صينيين استهدفوا حملة الرئيس السابق جوزيف بايدن الابن. وقد كشفت شركتي غوغل ومايكروسوفت عن محاولات الصينيين للتدخل في الحملات السياسية الأمريكية على مدى الأشهر القليلة الماضية. وقد دأبت الصين على استهداف الولايات المتحدة بحملات قرصنة متطورة، بما في ذلك تلك الجهود الناجحة لسرقة الملكية الفكرية للشركات الخاصة والجامعات ومختبرات البحوث. وقد أدى سلوك الصين، إلى جانب تداعيات انتشار وباء كورونا ولعبة تبادل الاتهامات والتقاذف باللوم إلى تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والصين إلى أدنى نقطة لها في الذاكرة الحديثة.
أما إيران فقد سرّعت من جهودها للتدخل في الانتخابات الأمريكية المقبلة. ففي آب / أغسطس من هذا العام، أعلن ويليام إيفانينا، مدير المركز الوطني لمكافحة التجسس والأمن، أن إيران «تسعى إلى تقويض المؤسسات الديمقراطية الأمريكية في محاولة لتقسيم البلاد قبل انتخابات عام 2020». وفي أعقاب المناظرة الرئاسية الأولى بين ترامب وبايدن، أعلنت منصة تويتر عن إزالة 130 حسابا مزيفا مرتبطا بإيران. وأعلنت شركة التواصل الاجتماعي العملاقة أن مكتب التحقيقات الفيدرالي كان قد حدد في البداية الحسابات التي كانت تسعى إلى «تعطيل الحوار العام» المتعلق بالمناظرة. وقد سعى المسؤولون عن أحد حسابات تويتر إلى تضخيم الغضب الشعبي على الإنترنت بعد أن رفض الرئيس ترامب إدانة العنصريين البيض وطلب من جماعة «براود بويز» «الترقب والاستعداد». وسيواصل خصوم الولايات المتحدة البحث عن سبل التفاعل مع الأمريكيين على وسائل التواصل الاجتماعي حول القضايا موضع النزاع والشقاق في الولايات المتحدة. وإذا حذت إيران حذو روسيا، قد تقوم مع أي جهة من الجهات الفاعلة بتسليط الضوء على قضايا العنصرية ومعاداة السامية والعنصريين البيض في الولايات المتحدة في محاولة لتقسيم الأمريكيين.
ومع بقاء أسابيع معدودة على الانتخابات الأمريكية، ستقوم الجهات الفاعلة الأجنبية بتكثيف حملات التضليل ومحاولات التدخل. ولا يمكن إلقاء عاتق التدخل في الانتخابات الأمريكية وإدخالها في حالة من الاضطراب على روسيا بشكل كامل، فهي ليست الوحيدة في ذلك. وبالنظر إلى التعقيدات المرتبطة بالتصويت حضوريا بسبب وباء كورونا، وادعاءات الرئيس ترامب المتكررة بإمكانية تزوير نتائج الانتخابات في حال اعتمد التصويت بالبريد، يخشى الكثيرون من الاضطرابات المدنية والعنف السياسي. وإذا لم تتضح نتائج الانتخابات فورا، وحدث تأخير كبير في تحديد الفائز، فإن ذلك يتيح المزيد من الفرص أمام خصوم الولايات المتحدة الذين يسعون إلى تأجيج السخط الداخلي، مما يزيد من صرف انتباه واشنطن عن أهداف سياستها الخارجية والأمنية في الخارج. وإذا ظلت الولايات المتحدة متعثرة داخليا، فقد توفر لروسيا والصين أو إيران الفرصة لاستغلال مجموعة من السيناريوهات المحتملة في الشرق الأوسط أو آسيا، فيما تكون الولايات المتحدة في حالة شلل محاولة استعادة أنفاسها بعد الانتخابات الأكثر اضطرابا في تاريخ الولايات المتحدة.