أوّل الكلام آخره:
- أسفر حصار قادته حركة الشباب الصومالية (المرتبطة بالقاعدة) ودام على امتداد عطلة نهاية الأسبوع على فندق راق في مقديشو عن مقتل 21 شخصًا وإصابة أكثر من 100 شخص.
- على الرغم من الضربات الجوية وزيادة عديد القوات الأمريكية في الصومال، من الواضح أن حركة الشباب لا تزال قادرة على شن هجمات إرهابية بارزة في العاصمة الصومالية.
- لقد أثبتت حركة الشباب مرارًا وتكرارًا أنها لا تزال تتمتع بقدر كبير من المرونة والقدرة على إحراج الحكومة الصومالية، مما يشيع لدى الصوماليين عجز الحكومة وقوات الأمن عن حمايتهم.
- ينبغي وضع التحدي الذي تشكله حركة الشباب في سياق الأوضاع المتدهورة في جميع أنحاء الصومال، مما يسلط الضوء على أن التصدي الفعال للتهديد الإرهابي يعني أيضًا معالجة انعدام الأمن الغذائي، والجفاف الشديد، وتحديات الحكم الرشيد.
أسفر حصار دام على امتداد عطلة نهاية الأسبوع على فندق راقٍ في مقديشو وقادته حركة الشباب، التابعة لتنظيم القاعدة في الصومال، عن مقتل 21 شخصًا وإصابة أكثر من 100 شخص. وقد هاجمت حركة الشباب مرارًا «أهدافًا سهلة» في جميع أنحاء الصومال، وركزت بشكل متكرر على الفنادق والمناطق الأخرى التي يرتادها المدنيون. وكان الهجوم الذي وقع في عطلة نهاية الأسبوع في فندق الحياة، الذي يحظى بشعبية بين المسؤولين الحكوميين والمشرعين الصوماليين، أول هجوم كبير منذ تولى الرئيس حسن شيخ محمود منصبه في مايو. وكان الهجوم معقدًا، حيث استخدم فريق من المسلحين أسلحة آلية ومتفجرات خلال الهجوم. وأدانت الهجوم الأمم المتحدة وتركيا والكويت وعدة دول أخرى في أعقاب وقوعه مباشرة. وسلط بعض محللي مكافحة الإرهاب الضوء على بطء استجابة أجهزة الأمن الصومالية، التي من المرجح أن يخضع أداؤها لمزيد من التدقيق في الأيام والأسابيع المقبلة.
ويأتي الهجوم في أعقاب زيادة الضربات الجوية الأمريكية ضد المجموعة الإرهابية، حتى في الوقت الذي يبدو أن جهود مكافحة الإرهاب والوقاية الاستراتيجية على مستوى العالم لم تعد تحتل الأولوية التي كانت تحتلها. وفي أوائل أغسطس، أعلنت القيادة الأمريكية في إفريقيا عن عدة غارات جوية في تيدان بالصومال وما حولها، مما أسفر عن مقتل أكثر من عشرة مقاتلين من حركة الشباب. وفي مايو، أعلن الرئيس بايدن استدارته على قرار الرئيس السابق ترامب بسحب قوات العمليات الخاصة من الصومال، وأرسل عدة مئات من القوات إلى البلاد، دون أن تعلن الإدارة عن عدد محدد. وعلى الرغم من الضربات الجوية وزيادة عديد القوات الأمريكية في الصومال، فمن الواضح أن حركة الشباب لا تزال قادرة على شن هجمات إرهابية بارزة في العاصمة الصومالية. وتسيطر حركة الشباب على مساحات شاسعة من الأراضي في وسط الصومال وجنوبه، وشنت مؤخرًا هجمات على طول الحدود الصومالية مع إثيوبيا. ويبدو أن الضربات الجوية وحدها لا يمكنها أن تعالج التحدي الذي يشكله التنظيم، والذي استعصى على جهود مكافحة الإرهاب منذ نشأتها سنة 2006. ويمكن لحركة الشباب أن تنشر الفوضى في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك كينيا المجاورة، حيث وسعت الجماعة نطاق دعايتها على مدار العقد الماضي.
منذ مقتل أمير القاعدة أيمن الظواهري في أواخر يوليو والنقاش يدور حول كيفية تأثير موته على الحركة الجهادية العالمية الأوسع، ولكن بشكل خاص كيف سيؤثر ذلك على شبكة فروع القاعدة في جميع أنحاء العالم. وحركة الشباب هي من بين أكثر الفروع فعالية، وقد سرت بعض التكهنات بأنها قد توفر الزعيم القادم للقاعدة. وقد أثبتت حركة الشباب مرارًا وتكرارًا أنها لا تزال مرنة للغاية وقادرة على التكيف مع ضغوط مكافحة الإرهاب وقادرة على إحراج الحكومة الصومالية، كما أن نشاطها يشيع بين الصوماليين عجز الحكومة وقوات الأمن على حمايتهم. وفي هجوم نهاية الأسبوع الماضي، فُجّرت سيارتان مفخختان عند المدخل الأمامي للفندق، وتلا ذلك دخول مسلحي حركة الشباب، الذين احتجز بعضهم رهائن في الطوابق العليا من الفندق. وعلى الرغم من مقتل كثير من قيادات الحركة، فإن خبرتها في صناعة القنابل لا تزال قائمة وجلية. ففي أكتوبر 2017، أدى انفجار شاحنة مفخخة تابعة لحركة الشباب عند تقاطع مزدحم في مقديشو إلى مقتل أكثر من 500 شخص.
ويقع التحدي الذي تشكله حركة الشباب في سياق الأوضاع المتدهورة في جميع أنحاء الصومال، وهي تحديات تتجاوز المجال الأمني، فهي تشمل الجفاف الشديد وانعدام الأمن الغذائي مع احتمال أن تواجه البلاد قريبًا مجاعة كارثية. وفي ظل هذه الظروف، أدت سيطرة حركة الشباب على كثير من المقاطعات إلى امتناع الأمم المتحدة عن تصنيفها مجموعة إرهابية، إذ يخشى أعضاء مجلس الأمن أن يؤدي مثل هذا التصنيف إلى عرقلة وصول المساعدات الإنسانية التي تمس الحاجة إليها. على أن هذا لا يمنع فرض العقوبات أو اتخاذ الإجراءات ضد الجماعة. ومن المرجح أن يساعد قرار إدارة بايدن بإرسال نخبة الكوماندوز إلى الصومال في القتال ضد حركة الشباب، ولكن حتى هذه لا تعد سوى ميزة تكتيكية، ولن تؤثر كثيرا على المستوى الاستراتيجي. ومع تحول الاهتمام العالمي بعيدًا عن مكافحة الإرهاب والتركيز على الجغرافيا السياسية التقليدية والصراعات (الحالية والمحتملة) بين الدول، يمكن لبلد مثل الصومال أن يخرج بسهولة عن دائرة الاهتمام، ويعود إلى الحرب الأهلية والمجاعة إلى أن تصل الأمور إلى وضعية مأساوية لا يمكن تجاهلها. وقد كانت تلك هي دورة الأحداث على مدى العقود الأربعة الماضية، حيث لم يقم الفاعلون الخارجيون بأكثر من اعتماد المسكنات بدل الاجتماع معًا لتطوير تشخيص شامل أو استجابة طويلة الأجل لحاجات البلد وشعبه.