أوّل الكلام آخره:
- من المرجح أن تفشل إدارة ترامب في جهودها التي تبذلها لإنهاء الاتفاق النووي الإيراني المتعدد الأطراف لعام 2015 من خلال إعادة فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة.
- لن يجذب إعلان الولايات المتحدة عن عودة العمل بعقوبات الأمم المتحدة على إيران كثيرا من المتعاونين على المستوى الدولي.
- من المرجح ألّا تنسحب إيران من الاتفاق النووي مراهنة احتمال فشل الخطوة الأمريكية أو توقفها بعد الانتخابات الأمريكية.
- ليس عند الولايات المتحدة الكثير لتضغط به على روسيا والصين لإجبارهما على الامتناع عن المضي قدما في عملية بيع الأسلحة الجديدة إلى إيران.
في 20 آب / أغسطس، سلّم وزير الخارجية مايك بومبيو إلى رئيس مجلس الأمن، ممثل روسيا في الأمم المتحدة شكوى رسمية مفادها أن إيران تنتهك التزاماتها ماديا بموجب الاتفاق النووي المتعدد الأطراف لعام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة). وبموجب هذه الخطة وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، فإن تقديم أي شكوى عن خرق مادي من أي «مشارك» في خطة العمل الشاملة المشتركة (التي تضم إيران والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين وفقا للقرار) يعيد آليا فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة التي كانت سارية المفعول قبل خطة العمل الشاملة المشتركة. ومن المقرر أن تعود العقوبات إلى حيز التنفيذ في غضون ثلاثين يوما ما لم يصدر المجلس قرارا بمواصلة تخفيف العقوبات، وهو قرار يمكن الولايات المتحدة أن تستخدم حق النقض (الفيتو) في مواجهته. ولتسويغ الإجراء الأمريكي، قدم بومبيو إلى رئيس المجلس مذكرة قانونية لوزارة الخارجية يقول فيها إن عضوية الولايات المتحدة في الاتفاق لم تنته بصورة قانونية عندما انسحبت إدارة ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة في أيار / مايو 2018. وقد جاء الإجراء الأمريكي بعد أيام من تصويت مجلس الأمن بأغلبية ساحقة ضد مشروع قرار أمريكي بتمديد حظر الأمم المتحدة على نقل الاسلحة من إيران وإليها إلى أجل غير مسمى. وبقي قرار الحظر ساري المفعول بعد توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة ولكن القرار 2231 مدد قرار الحظر حتى 18 تشرين الأول/أكتوبر 2020، وكانت إدارة ترامب تهدد بتفعيل العقوبات في حال رفض مجلس الأمن تمديد ذلك الحظر.
ولدت محاولة الولايات المتجدة لإعادة العمل التلقائية بالعقوبات ردود فعل عالمية سلبية. وأصدرت الأطراف الأوروبية الثلاثة في خطة العمل الشاملة المشتركة، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بيانات تدحض تأكيد الولايات المتحدة على إعادة العمل بالعقوبات. وجاء في بيان مشترك بريطاني وألماني وفرنسي «… لم تعد الولايات المتحدة مشاركة في خطة العمل الشاملة المشتركة بعد انسحابها من الاتفاق في 8 أيار / مايو 2018. وبالتالي، عبرنا عن موقفنا بشأن فعالية الإخطار الأمريكي بموجب القرار 2231 بوضوح شديد للرئاسة ولجميع أعضاء مجلس الأمن. لذلك لا يمكننا تأييد هذا الإجراء الذي يتعارض مع جهودنا الحالية لدعم خطة العمل الشاملة المشتركة». ويشير رد الفعل هذا، على غرار رد فعل روسيا والصين، إلى طعن أغلبية الحكومات بالإعلان الأمريكي بإعادة العمل بعقوبات الأمم المتحدة، وأنها لن تلتزم به.
ويبقى السؤال البارز حول رد فعل إيران وما إذا كانت ستنسحب كليّا من خطة العمل الشاملة المشتركة. ويشير البعض إلى أن إدارة ترامب تحاول إعادة العمل بالعقوبات لتدفع إيران للانسحاب من الاتفاق، وبذلك تحلّ خطة العمل الشاملة المشتركة تماما، مما يجعل من الصعب إعادة العمل بها حتى في حال انتخاب نائب الرئيس السابق جو بايدن رئيسا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني / نوفمبر 2020. ومع ذلك اكتفت إيران بالصمت كرد فعل أولي. ومن وجهة نظر قادة إيران، تعود عزلة الولايات المتحدة بشأن هذه المسألة بالفائدة عليهم، فالعقوبات الإضافية لن تفرض، والولايات المتحدة قد تعود إلى خطة العمل الشاملة المشتركة بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، اعتمادا على نتائج الانتخابات. ولطالما زعمت إيران أن انتهاكاتها النووية منذ عام 2019 هي انتهاكات «يمكن العودة عنها» إذا توقف ضغط العقوبات على إيران.
ولا تزال التساؤلات تحوم حول كيفية رد إدارة ترامب، ولا سيما إذا حصل الرئيس على ولاية ثانية، على الرفض الدولي الواسع لتأكيدها بأن عقوبات الأمم المتحدة ينبغي أن تعود حيز التنفيذ. وقد ترددت الولايات المتحدة عبر التاريخ في فرض عقوبات على حلفائها في أوروبا. وعلى الرغم من أن الدول الأوروبية أشارت بوضوح إلى أنها لن تعترف بالإجراء الذي اتخذته الولايات المتحدة، إلا أنه من المرجح أن تظل مُلتزمة بسياسة الاتحاد الأوروبي الطويلة الأمد والتي تقضي بعدم بيع الأسلحة أو التكنولوجيا المفيدة عسكريا إلى إيران. وعلى العكس من ذلك، فإن روسيا والصين ليستا حليفتين للولايات المتحدة وهما متلهفتان لبيع الأسلحة إلى إيران، وهما قوتان رئيسيتان لا تستطيع الولايات المتحدة أن تضغط كثيرا عليهما. ومن المرجح أن تمضي الدولتان في عملية بيع الطائرات المقاتلة والدبابات والسفن البحرية المخطط لها إلى إيران ما لم تكن إدارة ترامب مستعدة لتقديم تنازلات أمريكية كبيرة بشأن قضايا ثنائية أخرى.