أوّل الكلام آخره:
- لا يزال التوتر بين روسيا وأوكرانيا على حاله، فيما تكثف الدول الأوروبية جهودها الدبلوماسية هذا الأسبوع لتجنب الصراع.
- سعى المستشار الألماني أولاف شولتز لتأكيد التناغم بين برلين وواشنطن، في محاولة لتهدئة المتشككين الذين وصفوا ألمانيا بالضعف لفشلها في اتخاذ موقف متشدد من روسيا.
- التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقادة بولنديين وروس وأوكرانيين وألمان في وقت سابق من هذا الأسبوع في محاولة لنزع فتيل التوترات، على الرغم من أن شيئا حاسما لم يرشح عن هذه اللقاءات.
- بينما تتواصل الجهود الدبلوماسية، لم تهدر روسيا أي وقت في الاستعداد للصراع، حيث أرسلت سفنًا بحرية إلى البحر الأسود بالقرب من أوكرانيا في وقت سابق من هذا الأسبوع.
مع استمرار التوتر بين روسيا وأوكرانيا، كثفت الدول الأوروبية جهودها الدبلوماسية هذا الأسبوع في محاولة لتجنب الصراع. فزار المستشار الألماني أولاف شولتز الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، بينما التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وبالنظر إلى التموضع الروسي الحالي، فقد يستمر الوضع لأشهر، ويستهلك اهتمام الغرب وموارده وجهود السياسة الخارجية. على أن إطالة أمد الأزمة لا يعني إلا زيادة فرص سوء التفاهم وما قد يستتبعه ذلك من التصعيد. وبوتين لا يبدو على عجلة من أمره، فهو مستعد لمواصلة الضغط على أوكرانيا وداعمي كييف الغربيين إلى الحصول على ما يريد، ولا سيما الضمانات الخاصة بهيكلية أمنية أوروبية جديدة. وإلى جانب المواجهة المباشرة، فقد يسعى الروس إلى تكثيف العمل على بعض الخيارات الأخرى كالحرب الإلكترونية والتضليل الإعلامي.
وقال الرئيس بايدن إن واشنطن سوف تجد طريقة لوقف مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي نورد ستريم 2 إذا غزت روسيا أوكرانيا للمرة الثانية. وقد حاول المستشار الألماني شولتز إظهار تناغمه مع بايدن، ولكنه لم يذكر نورد ستريم 2 على وجه التحديد بسبب المخاوف من تداعيات ذلك محليا، فضلا عن الخوف من الدعاوى القضائية المحتملة، فاكتفى بالتأكيد على أن الكرملين سيدفع ثمنًا باهظًا إذا واصلت روسيا عدوانها، في محاولة لتهدئة المتشككين الذين وصفوا ألمانيا بالضعف لفشلها في اتخاذ موقف متشدد من روسيا في المواجهة القائمة مع أوكرانيا. وما يفهم من تأكيدات إدارة بايدن هو أنها ستعمد إلى فرض عقوبات على أي شركات تقوم بأعمال تتعلق بخط الأنابيب، بما سيضمن إخراج خطط نورد ستريم 2 عن مسارها.
أما المحاولات الأخيرة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنهاء الأزمة فلم تسفر عن نتائج حاسمة. وكان ماكرون قد التقى بقادة بولنديين وروس وأوكرانيين وألمان في وقت سابق من هذا الأسبوع في محاولة لنزع فتيل التوترات. وقد أقر ماكرون بأن الأزمة لن تحل في غضون ساعات، لكنها ستتطلب بدلًا من ذلك دبلوماسية مكثفة ومتواصلة لإحراز تقدم. وعلى رأس جدول الأعمال بين بوتين وماكرون كانت اتفاقيات مينسك، وهي اتفاقيات يعود تاريخها إلى عام 2014 كان من المفترض أن تنهي الصراع بين أوكرانيا والانفصاليين المدعومين من روسيا، لكنها في الواقع لم تفعل أكثر من تجميد الصراع. وليس من المستغرب أن لدى موسكو وكييف تفسيرات مختلفة للاتفاقيات. وقد كررت أوكرانيا أنها لن تتنازل عن سيادتها في أي صفقة للخروج من المأزق الحالي. وبعد وقت قصير من الاجتماع مع ماكرون، نفى الكرملين مزاعم التوصل إلى أي اتفاق، مما قلل من الحماس الوجيز الذي أعقب تفاؤل ماكرون بعد المحادثات.
وتجد أوكرانيا نفسها عالقة على نحو متزايد في وسط المنافسة المحتدمة بين القوى العظمى. وقد حرص الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على إظهار سلوك هادئ، حيث كرر مرارا أمام الصحفيين والدبلوماسيين والمسؤولين الأوروبيين إمكانية تجنب الصراع. وبينما تتواصل الجهود الدبلوماسية، لم تهدر روسيا أي لحظة في الاستعداد للصراع. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أرسلت ست سفن إنزال كبيرة من أسطول البلطيق والشمال التابعين للبحرية الروسية إلى البحر الأسود بالقرب من أوكرانيا. وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن موسكو «لا ترى ولا تشعر بأن نظراءنا الغربيين مستعدون لأخذ مخاوفنا في الاعتبار». وفي غضون ذلك، تصرح القيادة الأوكرانية بالقلق من أن القوات الروسية المنتشرة في بيلاروسيا (ظاهريًا للتدريبات العسكرية) قد تصبح عنصرًا ثابتًا على حدود كييف. وفضلا عن 30 ألف جندي أرسلتهم روسيا إلى بيلاروسيا، نشرت موسكو أيضًا طائرات حربية من طراز Su-25 وأنظمة صواريخ إسكندر وأنظمة دفاع جوي متطورة من طراز S-400. أدى هذا التحول الأخير في الأحداث إلى زيادة حالة التأهب في الدول الواقعة على الجانب الشرقي لحلف الناتو، مثل بولندا وليتوانيا، والتي تستعد لكل الاحتمالات نظرًا لصعوبة توقع ما قد يقدم عليه بوتين، والنمط العدواني لسياسته في المنطقة.
وقد ركزت إدارة بايدن على تعزيز حلف الناتو مع اتخاذ خطوات عملية لمساعدة أوكرانيا. وقد وصل 3000 جندي أمريكي إلى أوروبا الشرقية، وسمحت إدارة بايدن بتمرير مبلغ 200 مليون دولار مساعداتٍ عسكرية دفاعية لأوكرانيا. كما أرسلت المملكة المتحدة أسلحة، كما فعلت العديد من دول البلطيق، وستحذو بولندا وجمهورية التشيك (وهما من أعضاء الناتو) حذوها. أما أوكرانيا نفسها فهي تعمل على تطوير تصنيع طائرات مسيّرة تركية التصميم، وهو عامل قوة مضاعف للجيش الأوكراني. ومع تزايد القلق من احتمال غزو روسيا لأوكرانيا، تجري إدارة بايدن الاستعدادات لإجلاء الأمريكيين في أوكرانيا (الذين يبلغ عددهم حاليا نحوا من 30 ألف أمريكي)، مع خطط لنقلهم إلى بولندا.