أوّل الكلام آخره:
- بعد إزالة العقبة الأخيرة أمام تبادل الأسرى بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، ستوضع محادثات السلام على نار حامية.
- تحوم الشكوك حول ما إذا كانت حركة طالبان، التزاما منها بالصفقة، ستقطع علاقاتها بالفعل مع مقاتلي تنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان.
- ستتفاوض الحكومة الأفغانية على إنهاء النزاع بالتوازي مع الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية، مع تزايد القلق من تصاعد أعمال العنف التي تقوم بها الجماعات المختلفة خارج الاتفاق، بما في ذلك تنظيم ولاية خراسان التابع لداعش أو شبكة حقاني.
- تود دول خارجية مثل روسيا أن ترى الولايات المتحدة متورطة في أفغانستان، في حين أن إيران وباكستان ذاتي الثقل الإقليمي ستزيدان من مشاركتهما لتعزيز نفوذهما في البلاد.
بعد إزالة العقبة الأخيرة أمام تبادل الأسرى بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، ستوضع محادثات السلام على نار حامية. وقد انتقد المراقبون عملية تبادل الأسرى نفسها، مشيرين إلى أنها لم تكن عادلة وكانت تميل لصالح حركة طالبان. وتشير التقارير إلى أن السجناء الذين أطلق سراحهم مؤخرا عادوا ببساطة إلى ساحة المعركة وانضموا من جديد إلى صفوف المتمردين. ويأتي ذلك في الوقت الذي يسعى فيه المقاتلون والقادة إلى زيادة التوترات مع استعداد طالبان للانضمام إلى اتفاق لتقاسم السلطة مع الحكومة الأفغانية بوصفه ركيزة من ركائز أي اتفاق سلام. ومع ذلك، فقد تستأنف المفاوضات قريبا في الدوحة في قطر، حيث تتوسط الحكومة القطرية في المحادثات بين عدد لا يحصى من أطراف النزاع. ومع تقدم المفاوضات، واصلت حركة طالبان شن هجمات منتظمة في أفغانستان، غير أنها انتقلت من تكتيك الهجمات التي توقع عددا كبيرا من الضحاي، إلى الاغتيالات التي تستعدف القضاء على المنافسين السياسيين وتخويف الجهات المعارضة. واستهدف هجوم وقع هذا الأسبوع في كابول نائب الرئيس الأفغاني عمر الله صالح الذي نجا من انفجار على جانب الطريق أسفر عن مقتل عشرة آخرين. وحتى اليوم، لم تتبنّ أي جهة هذا الحادث. كما أن قدرة طالبان على العمل مع الإفلات النسبي من العقاب تقوض شرعية الحكومة الأفغانية وتدل على مدى اضطراب البلاد.
وحتى في حال التوصل إلى اتفاق، تكثر الشكوك حول الإرادة السياسية لحركة طالبان في الالتزام ببنود الصفقة. ويجب على طالبان بحسب الاتفاق أن تلتزم بمنع أفغانستان من أن تصبح قاعدة لانطلاق الإرهاب العابر للحدود مرة أخرى. ويتمحور الجزء الأكثر غموضا في هذه الصفقة حول ما إذا كانت حركة طالبان ستقطع علاقاتها بالفعل، وإلى أي مدى، مع مقاتلي تنظيم القاعدة في أفغانستان وباكستان. وأشار تقرير حديث للأمم المتحدة إلى أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري تفاوض شخصيا في وقت سابق من هذا العام مع كبار قادة طالبان الأفغان للحصول على ضمانات باستمرار الدعم. وفي حين أن حركة طالبان تمضي قدما في محادثات السلام الأفغانية، فإنها لم تتخل علنا عن تنظيم القاعدة كما أنها لم تتخذ أي إجراءات ملموسة للحد من حضور تنظيم القاعدة في أفغانستان. وقد أظهرت معلومات موثقة دمج مقاتلين من تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية في وحدات من حركة طالبان.
ومن المرجح أن إدارة ترامب تضغط لسحب المزيد من القوات الأمريكية قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني / نوفمبر 2020. ومن شأن تراجع الحضور العسكري الأمريكي أن يوفر لجماعات مثل تنظيم ولاية خراسان التابع لداعش فرصا أكبر لتنفيذ عملياتها، ولا سيما في أجزاء من شرق أفغانستان على طول الحدود مع باكستان. ولا ينفك تنظيم ولاية خراسان التابع لداعش يقوى ويضعف، ولكنه في كل الاحوال احتفظ بالقدرة على شن هجمات مذهلة ضد قوات الأمن الأفغانية في العاصمة كابول. وستتفاوض الحكومة الأفغانية على إنهاء الصراع بالتوازي مع الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية، ويتزايد القلق إزاء تصاعد عنف الجماعات المختلفة خارج الاتفاق، بما في ذلك تنظيم ولاية خراسان التابع لداعش أو شبكة حقاني. ويبرز أيضا احتمال أن ينشق بعض مقاتلي طالبان غير الراضين عن اتفاق السلام، لينضموا إلى جماعات مثل تنظيم ولاية خراسان التابع لداعش. وذلك يعزز صفوف هذا التنظيم في مرحلة حرجة من الصراع.
ولم يؤد الجدل الأخير الذي دار حول دفع الروس مكافآت لمقاتلي طالبان لقتل القوات الأمريكية إلا إلى إثارة الجدل أكثر حول وجود القوات الأمريكية في أفغانستان بعد ما يقارب عقدين من القتال المستمر. وتود دول خارجية مثل روسيا أن ترى الولايات المتحدة متورطة أكثر في أفغانستان. ومن المرجح أن تزيد الدول الأخرى التي تتمتع بثقل إقليمي، بما في ذلك إيران وباكستان، جيران أفغانستان، من مشاركتها لتعزيز نفوذها وحماية مصالحها الوطنية. وحتى بعد مرور تسعة عشر عاما من تعرض الولايات المتحدة لهجوم من الإرهابيين الذين استخدموا أفغانستان ملاذا آمنا، لا يزال البلد عرضة لخطر أن يصبح مركزا للتطرف العنيف. ويبقى أن نرى ما إذا كان اتفاق سلام أفغاني تاريخي قادرا على تغيير هذه الحسابات، ولكننا نشهد الكثير من التقلبات المستمرة، مع تراجع النفوذ الأمريكي وتطور ديناميكيات الصراع بطرق غير مواتية لواشنطن وحلفائها.